المغرب العربي .. حماية البيئة لم تعد ترفا
عزيز لمسيح
تونس – تطرح قضية حماية البيئة، التي لم تعد ترفا في منظور التوجهات التنموية المغاربية، على بلدان المنطقة تحديات ورهانات مشتركة، تستلزم توحيد الاستراتيجيات وترسيخ العمل والتضامن المشترك.
ووعيا منها بتشابه مشاكلها البيئية، من قبيل التغيرات المناخية والتصحر وتدهور الغابات والموارد المائية والمراعي والبيئة البحرية والتلوث الصناعي والحضري والفلاحي والاستغلال المفرط للموارد الطبيعية، تبنت هذه البلدان سنة 1992 “الميثاق المغاربي لحماية البيئة وضمان تنمية مستدامة”.
ويروم هذا الميثاق العمل على دمج البيئة في سياسات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وإعطائها الأولوية في خطط التنمية، وتعزيز الهياكل الإدارية المسؤولة عن البيئة في دول الاتحاد، وتوفير موارد كافية لتنفيذ أهداف حماية البيئة، وسن قوانين وأنظمة متسقة ومتكاملة في هذا المجال.
ومن أجل ترجمة هذه الأهداف وجعل النمو الاقتصادي متوافقا مع حماية البيئة في أي تنمية متوخاة، سعت حكومات المنطقة منذ ذلك الوقت، في علاقة تعاون مع المجتمع المدني وبأشكال ومستويات متفاوتة حسب كل بلد، إلى تعزيز الأسس المؤسساتية والقانونية للعمل البيئي، وتبني مواثيق وطنية للبيئة والتنمية المستدامة، ووضع مراصد للبيئة، والمصادقة على قوانين ذات الصلة، وكذا وضع استراتيجيات وطنية للتنمية المستدامة تدمج البعد البيئي في منظوراتها التنموية.
هذا التعاون والمصير البيئي المغاربي المشترك يراه الباحث الجامعي عزوز كردون حتميا، بالنظر إلى تشابه وترابط النظم الإيكولوجية المغاربية وتماثل التحديات والإكراهات البيئية (التغيرات المناخية، التصحر، الماء، التلوث الساحلي).
إن هذا الترابط بين النظم والتحديات يستلزم في نظره “تضامنا بيئيا بين هذه الدول المغاربية، يتجاوز خلافاتها السياسية أو الاقتصادية”، لأن “الضغط على الموارد الطبيعية، والطبيعة العابرة للحدود لبعض أنواع التلوثات، يتطلب إعادة النظر في العلاقات التقليدية، وخاصة في حالة الطوارئ أو الكوارث البيئية…”.
القناعة نفسها يتقاسمها محمد لمين الحسن، أستاذ الجيومورفولوجيا بجامعة نواكشوط العصرية، الذي أكد في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “الظاهرة البيئية لا تعترف بالحدود ومعالجتها تقتضي الخروج من التقوقع ضمن الحدود السياسية المتعارف عليها، والتي تمثل في بعض الأحيان عائقا أمام معالجة القضايا المشتركة”.
من هذه الزاوية اعتبر أن توحيد الجهود بين البلدان المغاربية أضحى ضرورة ملحة للحد من انتشار الظواهر البيئية السلبية، مضيفا أن الدول المغاربية، التي تتوفر على إطار مؤسساتي (اتحاد المغرب العربي)، يمكنها أن تعتمده وتفعله من أجل وضع خطط مشتركة لحماية الموارد الطبيعية والمجال البيئي ضمن هذا الإطار.
في نفس المنحى تقترح السيدة آمال جراد رئيسة “مركز تونس الدولي لتكنولوجيا البيئة”، في تصريح مماثل، توحيد الاستراتيجيات المغاربية وتفعيلها بشكل متضامن، من خلال إنشاء أنماط استهلاك و إنتاج مستديمة (مثل الاقتصاد الأخضر)، والعمل على تحسين القدرة التنافسية ونوعية العيش، علاوة على إرساء العدالة الاجتماعية والمساواة بين الجهات وتعزيز آليات التضامن …”.
ومن أجل ربح هذا الرهان شددت على ضرورة التصرف السليم والمستديم في الموارد الطبيعية، وخلق مدن و قرى مستديمة تدعم مفهوم المواطنة وتجسد أهداف التنمية الحضرية، وترشيد استهلاك الطاقة والنهوض بالطاقات البديلة والمتجددة من خلال التقليص من الكثافة الطاقية في القطاعات المستهلكة أكثر للطاقة، مثل الصناعة والنقل ودعم الطاقات الجديدة والمتجددة، علاوة على دعم القدرات للتأقلم مع التغيرات المناخية والتصحر، عبر تدعيم المعارف حول مدى تأثير التغيرات المناخية على جميع المستويات المحلية منها و الوطنية و الإقليمية.
وخلصت إلى أن مؤتمر الأطراف في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية بمراكش (كوب 22) سيكون مؤتمر “أفعال” وترجمة لمختلف المحاور المتفق عليها في اتفاق باريس، ومنها الإبقاء على مستوى الاحتباس الحراري في أقل من درجتين، معربة عن أملها في أن يتم الإسراع في تنفيذ برامج عملية في مجال التصدي للتغيرات المناخية على أن تكون مشتركة ومندمجة.
خلاصة القول إن قضية الحفاظ على البيئة لم تعد شأنا قطريا محضا، مما يستدعي مقاربة شمولية تأخذ بعين الاعتبار البعد الإقليمي، وضرورة إدماج أعمق لهذه القضية في إطار السياسات العمومية التي تعتبر أنه لا مستقبل لأي تنمية مستدامة من دون بيئة صحية ومتوازنة.
اقرأ أيضا
المصادقة على مشاريع استثمارية بمبلغ إجمالي يفوق 152 مليار درهم (السيد الجزولي)
أفاد الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، أن اللجنة الوطنية للاستثمارات صادقت على مشاريع استثمارية بمبلغ إجمالي يفوق 152 مليار درهم، وذلك منذ دخول الميثاق الجديد حيز التنفيذ، والشروع في تفعيل مضامينه.
مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة: أزيد من 18 ألف مستفيد من مبادرة “الشباب الإفريقي من أجل التغيرات المناخية”
قالت المسؤولة عن الشراكات بمؤسسة محمد السادس لحماية البيئة، كنزة خلافي، اليوم الثلاثاء، إن أزيد من 18 ألف شاب إفريقي استفادوا من مبادرة “الشباب الإفريقي من أجل التغيرات المناخية” (African Youth Climate Hub)، منذ إطلاقها سنة 2019 من طرف مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة.
الرباط.. توقيع اتفاقية شراكة لإنجاز برنامج محاربة الأمية الوظيفية لفائدة العاملين في القطاع الفلاحي
تم اليوم الثلاثاء بالرباط، التوقيع على اتفاقية شراكة لوضع خطة عمل للتعاون بين وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، والوكالة الوطنية لمحاربة الأمية، من أجل إنجاز برنامج محاربة الأمية الوظيفية لفائدة العاملين في القطاع الفلاحي وساكنة العالم القروي.
أخبار آخر الساعة
-
المصادقة على مشاريع استثمارية بمبلغ إجمالي يفوق 152 مليار درهم (السيد الجزولي)
-
مؤسسة محمد السادس لحماية البيئة: أزيد من 18 ألف مستفيد من مبادرة “الشباب الإفريقي من أجل التغيرات المناخية”
-
الرباط.. توقيع اتفاقية شراكة لإنجاز برنامج محاربة الأمية الوظيفية لفائدة العاملين في القطاع الفلاحي
-
تخليد يوم إفريقيا في واشنطن.. لقاء في سفارة المغرب يناقش قضايا التعليم باعتباره رهانا للتضامن والاندماج
-
مجلس المستشارين.. السيد التوفيق يستعرض الإجراءات التي اتخدتها الوزارة لتنظيم موسم الحج 1446هـ/ 2025م
-
لشبونة.. آمنة بوعياش تتسلم جائزة الشمال-الجنوب لمجلس أوروبا
-
وزارة الشباب والثقافة والتواصل تبرم شراكة مع مؤسستين ماليتين لتقديم عروض مناسبة للشباب
-
ريادة الأعمال النسائية.. التوقيع على اتفاقية شراكة لإحداث برنامج “She Industriel”