آخر الأخبار
” الذوق مخرجش من مصر “مثل شعبي يحكي قصة مغربي عاش في القاهرة الفاطمية

” الذوق مخرجش من مصر “مثل شعبي يحكي قصة مغربي عاش في القاهرة الفاطمية

الجمعة, 7 يوليو, 2017 - 11:13

   (نورالدين الزويني )  

القاهرة – قليل من يعرف أن المثل الشعبي المصري القائل إن ” الذوق مخرجش من مصر” الذي يقصد به أن مصر لازال فيها ذوق ، بمعنى الأدب والاحترام ورفعة الخلق وحسن السلوك واللباقة، هو في الأصل مقولة عن قصة يرجع أصلها إلى عصر المماليك منذ ما يزيد عن 763 عاما، وتحكي عن شخص قيل بحسب بعض الروايات أنه مغربي عاش في القاهرة الفاطمية وكان إسمه حسن الذوق. 

  في زاوية عند بوابة تاريخية كبيرة تسمى “باب الفتوح”، بمدخل شارع المعز لدين الله في القاهرة العتيقة التي بناها الفاطميون (909 – 1171 م ) ، وبجوار مسجد الحاكم بأمر الله، يقبع ضريح صغير لا يعرف الكثير من أهل المنطقة صاحبه، شأنه في ذلك شأن كثير من الأولياء الصالحين في مصر الذين شيدت لهم أضرحة لتكريمهم بعد وفاتهم، وبمرور السنوات بقيت أضرحتهم لكن غابت سيرتهم وطمرت قصصهم.

 توجد لوحة إرشادية على الضريح ذي القبة الخضراء والباب الخشبى المتآكل والمغلق بقفل، كتب عليها “ضريح العارف بالله سيدى الذوق” . وتقول رويات تاريخية شعبية في القاهرة العتيقة إن الضريح هو لشخص مغربي قدم إلى مصر ،وكان يحظى بالتقدير والتبجيل لدى السكان بما اجتمعت فيه من صفات وخصال.

 وتقول بعض المصادر أن هذا الشخص الذي كان اسمه حسن ، عاش في القاهرة العتيقة بجوار الأزهر الشريف ومسجد سيدنا الحسين  إبان فترة الحكم المملوكي في مصر، وإنه كان رجلا صالحا محترما، ومن كثر”ذوقه ” أي تأدبه لقب ب ” حسن الذوق”. 

 وبحسب الباحث الأثري المصري سامح الزهار، كان حسن الذوق تاجرا من تجار منطقة الحسين في القاهرة العتيقة، ومن “فتوات” المحروسة، بالمعني الشعبي، أي الرجل القوي ذو العقل الرزين والخلق الكريم، وكان السكان دائما يحتكمون لديه لفض منازعاتهم والخلافات التي كانت تقوم بين أهالي المحروسة.

 وقال عنه الباحث محمد المومني في كتابه “مصر من ثالث .. حواديث المحروسة”، إن صفات اجتمعت في حسن الذوق هي التي كونت الصورة التي رسمتها له المخيلة الشعبية في القاهرة العتيقة، الأولى هي “الفتوة ” ، والثانية أنه كان وليا من أولياء الصالحين ، والثالثة أنه كان ” شهبندر التجار ” بمعنى نقيب التجار.  

 وكان العارف بالله سيدي الذوق، يضيف محمد المومني، “رمانة الميزان ” في هذه المنطقة من القاهرة العتيقة، “صاحب سلطات تشريعية، وقضائية ، وتنفيذية في الحتة  أي (المنقطة) “، كان يفصل في المنازعات بين الساكنة، وكانت له الكفاءة التي تجعل من “أخذ الحق حرفة وبالأصول”.

 وتقول الرواية إنه في يوم من الأيام، نشب خصام في المنطقة واتسعت دائرته ليتحول إلى شجار وضرب وجرح وانضم إليه “الفتوات” الصغار في المنطقة، فحاول الذوق حسن التدخل لوقف المعركة وتسوية الخصام لكنه فشل في وساطته، وكانت تلك أول مرة تتكسر فيها هيبته في المنطقة .

 وكانت فكرة أنه كان “كبير الحتة” ، وأن الأمر خرج من بين يديه ووصل إلى “الباب العالي”  والحاكم العسكري الذي أمر بالقبض عليهم ووضعهم في السجن ، دون أن يحاول إتمام الصلح بينهم، فيها إهانة ما بعدها إهانة بالنسبة ل ” العارف بأمر الله سيدي الذوق “،وشعر معها أنه لم يعد له مكان ولا مكانة في مصر فقرر أن يتركها ويهاجر .

  مشى ” العارف بأمر الله سيدي الذوق ” إلى أن وصل عند “باب الفتواح”، واحد من بوابات القاهر القديمة التي عندما يخرج منها المرء أنذاك يكون قد خرج من البلد. لكنه بمجرد أن وصل عند البوابة، وافته المنية.

  وتقول الرواية الشعبية أن ” العارف بأمر الله سيدي الذوق ” عز عليه أن يترك مصر، وعز عليه في نفس الوقت أن يعيش فيها مهانا فمات بغصة في قلبه. ولذلك اعتبروا موته كرامة، ودفنوه في زاوية عند “باب الفتوح ” ومن يومها قالوا ” الذوق ما خرجش من مصر”.

  قصة “حسن الذوق” صاحب الضريح رواها الإعلامى جمال الشاعر أحد أبناء الجمالية ومدير مؤسسة “بيت الشاعر” المعنية بشؤون الثقافة والآثار، قائلا: “صاحب الضريح كان شخصا مبروكا لكنه زهق من البلد وكان عاوز يمشي وفعلا قرر الرحيل، ولكن قبل ما يخرج من باب النصر مات فأنشأوا الضريح في نفس المكان اللي مات فيه”.

 ويشير الشاعر إلى أن هناك مثلا شعبيا مأخوذا عن قصته: هو “الذوق مخرجش من مصر”، وكان قصدهم حسن الذوق صاحب الضريح، لكن بعدها لما صار المثل يتردد أصبح المقصود منه أن “الذوق بمعنى حسن التعامل والأخلاق لازال موجودا في بلدنا (مصر) وبقي حسن الذوق مغمورا لا أحد يعرف عنه حاجة”.

  وتقول رواية ثانية أن حسن الذوق قرر مغادرة مصر “بسبب ضيق ذرعه بأحوال البلاد”، ولكن قبل أن يخرج من “باب الفتوح” مات فأنشأ الأهالي الضريح في نفس مكان وفاته، بينما تقول رواية ثالثة إن صاحب الضريح، المغربي الأصل، جاء إلى مصر وعاش بين أهلها، لكنه حين مرض أراد أولاده نقله إلى بلاده ليموت ويدفن بها ، غير أنه رفض فأجبروه على الرحيل ، لكنه توفي عنذ “باب الفتوح “قبل أن يغادرها، فتعامل الأهالي مع قبره باعتبار أنه من أولياء الله.

 وتفيد كتابات لباحثين ومؤرخين مصريين حول العلاقات الثقافية والروحية بين المغرب ومصر، بأن حوالي 90 في المائة من الأضرحة في مصر هي لأولياء من المغرب وافتهم المنية فوق التراب المصري وهم في طريقهم إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج أو في طريق عودتهم منها، أو أثناء توقفهم بمصر لمرافقة كسوة الكعبة المشرفة التي كانت تنسج بمصر وترسل إلى مكة.

 

 

اقرأ أيضا

الرباط ودكار تحدوهما إرادة مشتركة للرقي بعلاقاتهما بشكل أكبر (وزيرة الخارجية السنغالية)

الإثنين, 27 مايو, 2024 في 19:17

أكدت وزيرة الاندماج الإفريقي والشؤون الخارجية السنغالية، ياسين فال، اليوم الاثنين بالرباط، أن المغرب والسنغال تحدوهما إرادة مشتركة للرقي بعلاقاتهما بشكل أكبر، وذلك بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس والرئيس السنغالي السيد باسيرو ديوماي دياكار فاي.

النسخة ال 18 لكأس محمد السادس الدولية للكراطي من 31 ماي إلى 2 يونيو بالدار البيضاء

الإثنين, 27 مايو, 2024 في 18:50

أعلنت الجامعة الملكية المغربية للكراطي وأساليب مشتركة ، اليوم الاثنين، أن النسخة الـ18 لكأس محمد السادس الدولية للكراطي، ستقام بمدينة الدار البيضاء في الفترة الممتدة من 31 ماي الجاري إلى غاية 2 يونيو المقبل.

وضع برنامج أولي لتزويد أكثر من 32 مدينة بـ 3500 حافلة للنقل الحضري (وزير الداخلية)

الإثنين, 27 مايو, 2024 في 16:34

أفاد وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، اليوم الاثنين، بأن الوزارة بادرت إلى وضع برنامج أولي للفترة ما بين 2024 – 2029 لتزويد أكثر من 32 مدينة بأسطول إجمالي من حافلات النقل الحضري يبلغ 3500 حافلة بكلفة مالية تقدر بـ 10 ملايير درهم.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية