آخر الأخبار
التحول السياسي في البرازيل: من الدكتاتورية العسكرية إلى أكبر ديمقراطية في أمريكا اللاتينية

التحول السياسي في البرازيل: من الدكتاتورية العسكرية إلى أكبر ديمقراطية في أمريكا اللاتينية

السبت, 14 يونيو, 2014 - 12:48

(من مبعوث الوكالة إلى ساو باولو : هشام الأكحل)

ساو باولو – بإمكان البرازيل، التي ذاقت ويلات الديكتاتورية لعقدين من الزمن، تحت سطوة نظام عسكري مستبد، أن تفخر اليوم بأنها أضحت واحدة من أكبر الديمقراطيات في أمريكا اللاتينية.
لقد وضع انقلاب مارس 1964، بقيادة الجنرال كاستيلو برانكو، الذي أسقط الرئيس المنتخب للجمهورية البرازيلية جواو جولارت، نهاية للنظام الشرعي في البلاد ودشن لتأسيس الديكتاتورية العسكرية في هذا البلد الجنوب أمريكي .. انقلاب برره العسكر وقتئذ بوجود تهديدات شيوعية.

وخلال الفترة الممتدة من 1964 و1985 ، والتي تميزت بحكم ديكتاتوري صارم، اجتازت البرازيل واحدة من أحلك مراحل التاريخ المعاصر، فيها أسقط العسكر الرئيس المدني المنتخب، جواو جولارت، المعروف اختصارا ب”جانغو” الذي كان الجيش يعتبره المحرض على تحول محتمل للبرازيل نحو الشيوعية.
وبعد رحيل “جانغو”، استولى الجيش على السلطة لمدة 21 عاما، وضعت البلاد خلالها في حالة الطوارئ. واعتمد الانقلابيون سياسة لا تعرف الرحمة ولا التساهل إزاء كل من لا يؤيدون أو يعارضون سياسة النظام العسكري. وقد أسالت هذه المرحلة الحالكة من تاريخ البرازيل الكثير من مداد الباحثين والمحللين والمؤرخين.
وفي هذا السياق، فإن المؤرخ دانييل أراو رييس، الذي كان يؤمن بالكفاح المسلح من أجل إسقاط النظام العسكري، كتب في مؤلفه “أديكتاتورا كي مودو أو براسيل” (الدكتاتورية التي غيرت البرازيل) أنه منذ انقلاب 1964 بدأت تنهال الضربات على جميع المعارضين لحكم الطوارئ، فمن الحرمان من الحقوق السياسية للمنتخبين اليساريين إلى القمع الموجه ضد النقابات العمالية والمنظمات الشعبية واتحاد الطلبة.
وعلى الرغم من هذه الانتهاكات، يوضح المؤلف، تمتع النظام الاستبدادي بدعم من جزء كبير من السكان، ولاسيما بسبب الخطوات المتقدمة التي تم إحرازها في المجال الاقتصادي مما ساعد في تحقيق الرخاء والرفاه لفائدة الطبقات المتوسطة من المجتمع.
وبحسب رييس فإن التعذيب كان بمثابة سياسة دولة، هدفها الأساسي هو إسكات كل من يحاول أن يسلك سبيل المقامة المسلحة.
وقد استمرت الدكتاتورية العسكرية في البرازيل حتى سنة 1985، تاريخ انتخاب تانكريدو نيفيس رئيسا مدنيا لقيادة البلاد، على الرغم من تباين آراء المتخصصين بشان نهاية تلك الحقبة.
ويعتبر بعض المحللين أن هذه الفترة من تاريخ البرازيل انتهت سنة 1979 مع صدور العفو وعودة المنفيين، في وقت يعتبر آخرون أن الديمقراطية لم يتم استعادتها إلا سنة 1988 مع اعتماد دستور جديد للبلاد، ولكن الرواية الرسمية تقول إن الديكتاتورية بدأت في 31 من مارس من سنة 1964 وانتهت في 15 من يناير 1985 إثر انتخاب الرئيس تانكريدو نيفيس؛ أي بعد 21 سنة من حالة الطوارئ.
ووفقا لبيانات رسمية، فقد خلفت سنوات الرصاص بالبرازيل مصرع ما لا يقل عن 400 شخص بين قتيل ومفقود، بينما تعرض أزيد من 20 ألف شخص للتعذيب. ولكن الأكيد أن البرازيل ليست مستعدة لنسيان هذه الفترة المظلمة من تاريخها، على الأقل في المدى القريب.
وخلال الاحتفال بالذكرى الخمسينية للانقلاب العسكري، يوم 31 من مارس الماضي، لم تفوت الرئيسة البرازيلية، ديلما روسيف، الفرصة للتذكير بأولئك الذين فقدوا حياتهم أو فقدوا من أجل أن تستعيد البرازيل الشرعية والديمقراطية.
و”لمدة 21 عاما، تم تكميم أفواهنا والإجهاز على حريتنا وأحلامنا”، تقول الرئيسة ديلما، بكثير من المرارة، وهي التي كانت عضوا سابقا في صفوف المعارضة والمتمردين، وعانت ويلات السجن، كما تعرضت للتعذيب خلال فترة الديكتاتورية
تشدد ديلما روسيف، قبل أن تضيف، “يمكننا أن نتحمل ونتجاوز الجراح، وذلك لأنه لدينا اليوم ديمقراطية”، تقول ديلما روسيف، مضيفة “إننا مدينون لجميع أولئك الذين قتلوا واختفوا أو تعرضوا للتعذيب والاضطهاد، إننا مدينون لأسرهم ولجميع البرازيليين”.
لقد ولى زمن الدكتاتورية غير مأسوف عليه، ومن حق البرازيل الآن أن تفتخر بأنها أضحت أكبر ديمقراطية في أمريكا اللاتينية، بالنظر إلى قوة المؤسسات المختلفة التي تتوفر عليها؛ حيث شهدت، على امتداد القرن 20، تغيرات سياسية كبرى لتحديث الدولة، من خلال اعتماد التعددية الحزبية، وتنظيم انتخابات حرة، ومباشرة إصلاحات مهمة في المجالات الاقتصادية، مما بوأ البلاد المرتبة السادسة عالميا.
وأصبحت الحريات النقابية، والحركات الطلابية وتنظيم الإضرابات، حتى داخل صفوف الشرطة، حقوقا ثابتة يكفلها الدستور بشكل كامل.
كما جعلت البرازيل من تعزيز الحياة الاجتماعية أولوية في سياستها؛ من خلال تطوير برامج حكومية تسعى إلى الحد من الفقر والفوارق الاجتماعية، وذلك عبر تخصيص منح ومساعدات مالية للأسر ذات الدخل المنخفض، بالإضافة إلى تعزيز منظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني.
وعلاوة على ذلك، فإن الحقوق الأساسية للأفراد كانت دائما واضحة المعالم في الدساتير البرازيلية، خاصة الحقوق المدنية، وذلك بهدف تقليص الهوة والتباين بين الأغنياء والفقراء، انطلاقا من مبدأ أن جميع المواطنين متساوون أمام القانون دون أي تمييز.

 

اقرأ أيضا

كرة القدم النسوية.. المنتخب المغربي داخل القاعة يفوز مجددا على نظيره لغرينلاند (7-5)

الأحد, 16 يونيو, 2024 في 16:23

فاز المنتخب المغربي النسوي لكرة القدم داخل القاعة، مجددا، على منتخب غرينلاند (7-5)، في مباراة الترتيب من أجل احتلال المركز الخامس، التي جمعتهما اليوم الأحد، ضمن دوري دولي تحتضنه مدينة بوريك بكرواتيا إلى غاية 17 يونيو الجاري.

ميناء المهدية: انخفاض الكميات المفرغة من منتجات الصيد البحري بـ33 في المائة عند متم شهر ماي الفارط (مكتب)

الأحد, 16 يونيو, 2024 في 16:09

انخفضت الكميات المُفرغة من منتجات الصيد الساحلي والتقليدي على مستوى ميناء المهدية بنسبة 33 في المائة عند متم شهر ماي الفارط، لتبلغ 5 آلاف و47 طنا، مقابل 7 آلاف و519 طنا خلال نفس الفترة من سنة 2023، حسبما أفاد به المكتب الوطني للصيد.

مراكش: تنظيم النسخة الأولى لمنتدى السياحة والرياضة والتنمية المستدامة

السبت, 15 يونيو, 2024 في 20:32

شكل موضوع “المغرب: ما وراء الحدود الرياضية، رحلة سياحية نحو التميز العالمي ما بعد كأس العالم 2030” محور النسخة الأولى من منتدى السياحة والرياضة والتنمية المستدامة، نُظم اليوم السبت بمراكش.