في معرض بالرباط: المنصوري الإدريسي يحلق في “ملكوت اللون بين الحلول والتعالي”

في معرض بالرباط: المنصوري الإدريسي يحلق في “ملكوت اللون بين الحلول والتعالي”

الجمعة, 6 سبتمبر, 2013 - 15:28

بقلم ليلى الشافعي

الرباط –  استقبل جمهور رواق باب الرواح مساء أمس بالرباط جديد أعمال الفنان التشكيلي محمد المنصوري الإدريسي الذي قدم لوحات تحت شعار فلسفي عميق “ملكوت اللون بين الحلول والتعالي”.
وتعكس عشرات اللوحات أجسادا بشرية وحيوانية وكائنات هلامية قد تنتمي إلى لا وعي الرسام، تندغم جميعها بشكل لافت داخل ألوان ساخنة وحارة يطغى عليها الأحمر والأصفر والبرتقالي والأزرق، تقفز حيوية وانطلاقا.
يقول الفنان محمد المنصوري الإدريسي في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، توضيحا لشعار المعرض، إن اختياره ليس وليد الصدفة ولا يدخل في سياق الترف الفكري الذي ينجذب له البعض، بل هو اختيار جمالي له ما يؤسسه فنيا ووجوديا، فمفهوما “الحلول” و”التعالي” هما اصطلاحان فلسفيان لهما حمولة صوفية.
واعتبر أن توظيفه لهذين المفهومين توظيف جمالي استتيقي وليس ميتافيزيقيا، فاستثمارهما يندرج في مساءلته الطويلة والدائمة لتجربة اللون ولعوالمه الآسرة.
وأضاف أن ما يقصده بملكوت اللون في لحظة الكمون أو المحايثة هو محاولة النفاذ إلى هذا الملكوت في ذاته، باعتباره يجد بلاغته الشعرية في ذاته وليس في الإحالة إلى العالم أو الواقع أو الموضوعات، مشيرا إلى أن ملكوت اللون في لحظة التعالي يحيل إلى لعبة التحرر من قبضة الواقع الموضوعي المشخص، والدفع بتجربة اللون إلى خلق عالمها الطيفي الخاص العاري من الإحالات الواقعية والممتلئ بنوع من الانطباعية الخلاقة.
وعن تفسيره لاختيار الألوان الحارة، قال إن فكرته كانت هي التعبير عن طبيعة الإنسان المغربي الحارة على جميع المستويات، سواء في حب العائلة أو حرارة الصداقة أو الجوار، فضلا عن رغبته الواعية في عدم استعمال ألوان رمادية وسوداء يستعملها الغرب، وذلك حتى لا يسقط في الاغتراب الفني.
وحول تحوله من التشخيص إلى التجريد، قال إنه تجاوز مدرسة الرسم والتشخيص منذ فترة، واقتصر على إحالات مقصودة تبدو ضبابية في لوحاته يوجهها إلى نفسية المتلقي الذي يعتبر هو من يصنع موضوع اللوحة مشيرا إلى أن التشخيص أصبح أمرا متجاوزا وغير مرغوب فيه، على اعتبار وجود آلات تضاهي ما يمكن أن يقوم به الإنسان، من برامج إلكترونية ثلاثية الأبعاد ومن فوطوشوب …الخ.
وعن التقنية التي يستعملها في فنه، قال إنه يستعمل تقنية البصمات، يبدأ ببسط اللون على اللوحة، ثم يضع البصمات مستعملا أي شيء تقع عليه يداه، من ثوب أو أوراق الشجر أو إسفنج، أو أيه مادة أخرى، وبعد ذلك يبدأ التدخل الشخصي للفنان.
وقال الصحافي والباحث في فلسفة الجماليات عبد اللطيف بوجملة في دليل المعرض، “شيء واحد جوهري يستعصي على الفهم في عود الطيف في حركته المضجرة: الضوء وقد صار ألوانا. ما يستعصي على الفهم هو إبراز وإظهار وإجلاء ما يختفي وما يتوارى في منتوج الصانع. فمقومات المعلم الذي يقوم على حركة الطيف المتعبة إلى حد التراخي لا تشكل انطلاقا من موادها “الأولية”: القماش والأصباغ وتقابلاتها ومنازلها أو المواد المختلفة والأدوات (…) ومثل “الحرفي الصباغ” يستعمل الفنان الأصباغ مع فارق في الدرجة: فإن كان الحرفي الصباغ يستعمل أصباغه لتستهلك، فإن الرسام يستعملها لكي لا تستعمل أو تستهلك، بل لكي تثبت وتنفي ولكي تكشف وتخفي كل أسرارها”.
ومن جهته اعتبر الكاتب والباحث في فلسفة الجماليات محمد الشيكر أن تجريدية محمد المنصوري الإدريسي تنهض على حمولة رمزية فائقة، تحيل على ذاتها، وآلياتها البلاغية أكثر مما تحيل على أي معادل موضوعي كائنا ما كان مشيرا إلى أن لمسة المنصوري الساحرة تتمثل في قدرته الاستثنائية على نقل عين المشهد من صعيد الرؤية البرانية، المتسربلة بتفاصيل العالم العيني إلى صعيد الرؤيا الجوانية المأهولة بالرموز والبلاغات والشعريات.
وأضاف أن “أنامل المنصوري تخلق عالما جديدا هو عنوان للتولد والتخلق، فيه تطالعنا كائنات هلامية شبيهة بالمضغ ونسوغ الولادة والتشكل، وفي تضاعيفه تستوي الأجساد وأطياف الأجساد، كما لو فاض عنها رحم أنطولوجي معطاء”.
تجدر الإشارة إلى أن الفنان محمد المنصوري الإدريسي الذي تلقى تكوينا أكاديميا مهما، خاصة بفرنسا، قد ساهم منذ 1977 في معارض جماعية وفردية في عدد من البلدان أهمها اليابان وفرنسا وقطر وإسبانيا والصين والبرتغال، كما شارك سنة 2012 في تمثيلية المغرب في الدورة الخامسة للثنائي الدولي للفنون ببيجين بالصين وفي سنة 2011 في معرض الفنانين التشكيليين العرب المشهورين بالصين أيضا.
ومن بين ما صدر للمنصوري، الرئيس المؤسس لجمعية الفكر التشكيلي بالرباط: “أقوال في ورشة الفنان” و”مقتطفات لمصطفى القصري” عن منشورات كوبيرنيطو، و”باتجاه سبل الفريد: الإبصار مع الصوفيين” منشورات وزارة الثقافة.

اقرأ أيضا

المعرض الدولي للنشر والكتاب .. ندوة تسلط الضوء على محطات من مسار الكاتبة زكية داود

الأربعاء, 15 مايو, 2024 في 23:58

جرى، اليوم الأربعاء بالرباط، تسليط الضوء على أبرز محطات المسار الأدبي والمهني للكاتبة والإعلامية زكية داود، وذلك في ندوة نظمت في إطار فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب.

الصحراء المغربية: أكاديميون وخبراء يؤكدون بالمحمدية نجاعة مخطط الحكم الذاتي

الأربعاء, 15 مايو, 2024 في 23:41

أكد أكاديميون وخبراء، اليوم الأربعاء بالمحمدية، نجاعة مخطط الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب من أجل التسوية النهائية للنزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

المعرض الدولي للنشر والكتاب: الإعلان عن الفائزين بمسابقة الكتابة في نسختها الثانية

الأربعاء, 15 مايو, 2024 في 23:05

تم الإعلان اليوم الأربعاء عن الفائزين بجائزة مسابقة الكتابة في نسختها الثانية، التي نظمتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل-قطاع الثقافة، بالتعاون مع معهد “كونيكت” (Connect Institute)، في إطار فعاليات الدورة الـ 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط.