اجتياح إعصار دوريان لأرخبيل الباهاماس.. تذكير قاسي بهشاشة الدول الجزرية

(عمر عاشي)

واشنطن – حذر رئيس وزراء جزر الباهاماس هوبير مينيس من أن تداعيات الدمار الذي خلفه إعصار “دوريان” ستستمر “لأجيال”. وتعد صرخة الاستغاثة هاته، بمثابة تذكير قاسي بمدى هشاشة هذا الأرخبيل الكاريبي ، على غرار الدول الجزرية حول العالم، حيال الظواهر المناخية القاسية.

وارتفع عدد ضحايا الاعصار دوريان، وفق حصيلة مؤقتة، إلى حوالي 30 قتيلا ، فيما لايزال مئات الأشخاص في عداد المفقودين.

وقال وزير الصحة في الباهاماس، دوان ساندز “على الناس الاستعداد لتلقي معلومات لا يمكن تصورها حول عدد الوفيات والمعاناة الإنسانية”.

ولا يزال مئات الأشخاص ، إن لم يكن الآلاف ، في عداد المفقودين ، بينما شرعت فرق الإغاثة بالكاد في تنظيم عمليات المساعدة وسط مشهد من الدمار الشامل.

وكانت جزر أباكو وباهاماس الكبرى الأكثر تضررا من الاعصار القوي الذي بلغت شدته الفئة الخامسة.

ووفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد آلاف الأشخاص كل شيء وهم في حاجة ماسة إلى المأوى والمياه النظيفة والغذاء والدواء.

وعلى بعد أسبوعين من انعقاد القمة العالمية حول تغير المناخ في نيويورك ، ذكر الوضع في جزر الباهاماس مرة أخرى العالم بالتهديد الذي تواجهه هذه الجزر التي توجد في خط الدفاع الاول ضد ظواهر مناخية تزداد قساوة وخطورة ولا يمكن التصدي لها إلا في إطار جهد وانخراط على المستوى العالمي.

ولا تزال الدول الجزرية ،المنتشرة في جميع المحيطات ، تترافع على قضيتها في مختلف المحافل الدولية لأن تهديدات الفيضانات وتكاثر الأحداث المناخية القاسية تعد بالنسبة لها “مسألة وجود”.

وتحذر هذه الدول من أن ارتفاع درجات الحرارة وكذا منسوب المياه قد يحولها الى مناطق غير مأهولة خلال العقود القليلة القادمة ، داعية الى تدخل عاجل على المستوى الدولي لإنقاذ كوكب الأرض.

وتعاني الدول الجزرية ،على الخصوص، من ارتفاع مستوى سطح البحر ، الذي يفوق بنحو أربعة أضعاف مثيله في أجزاء أخرى من العالم .

وكان رئيس وزراء بربادوس ، ميا أمور موتلي ، قال قبل عام خلال اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة.”كم عدد الخطابات التي سيتعين علينا إلقاؤها قبل أن نتخذ في النهاية الخطوات اللازمة لإنهاء التغير المناخي الذي قد يستأصل ليس فقط بربادوس ولكن جميع الدول الجزرية الأخرى؟”.

وفي حين أن العديد من الدول الرئيسية الملوثة انسحبت ببساطة من اتفاق باريس حول المناخ ، فيما يتلكؤ آخرون في تنفيذ الالتزامات الواردة فيه، حث الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس قادة العالم الذين سيشاركون في قمة العمل المناخي في 23 شتنبر الحالي ، على بلورة خطط عملية، معتبرا أن الطموح “هو الالتزام مرة واحدة وإلى الأبد على طريق مستدام”.

وقرع أحدث تقرير للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ جرس الإنذار حول المنحى التصاعدي الذي لارجعة فيه للاحترار العالمي.

وحذر أمين عام الأمم المتحدة الذي جعل هذه القضية واحدة من أولويات ولايته ، من أن “كل أسبوع يجلب لنا مثالا آخر على الدمار المناخي ، ولا يوجد بلد بمنأى عنه” ، مسجلا أن الفقراء والفئات الهشة هم دائما الأكثر تضررا.

وعلى غرار الدمار الهائل الذي خلفه هذا الأسبوع إعصار دوريان في جزر الباهاماس ، ضرب إعصار “إيداي” موزمبيق وملاوي وزيمبابوي في مارس الماضي بعد شهر من اجتياح إعصار كينيث المداري ، الاكثر شدة ، لمنطقة الجنوب الأفريقي. وقد تضرر أزيد من مليوني شخص من هذه الكوارث الطبيعية، فيما لايزال 1,6 مليون شخص في موزمبيق يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، وفقاً للأمم المتحدة.

وفي جزر المحيط الهادئ ، تشهد الأضرار الناجمة عن الأعاصير المدارية جيتا وجوزي وكيني ، والانفجارات البركانية والزلازل، على تواتر الظواهر الجوية المتطرفة في المناطق الأكثر عرضة للخطر.

وأكدت الأمم المتحدة أن تأثير تغير المناخ سيذكي التوترات بشأن الموارد وكذا موجات تنقل الأشخاص في جميع أنحاء العالم ، مما يعرض السلم والأمن الدوليين للخطر.

وفي سنة 2016 ، نزح أزيد من 24 مليون شخص في 118 دولة بسبب الكوارث الطبيعية أي ثلاثة أضعاف عدد النازحين بسبب النزاعات.

وتم في دجنبر الماضي تبني خطة عمل في كاتوفيتشي ، بولونيا ، من قبل الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تحدد الإجراءات والآليات الأساسية التي ستجعل اتفاق باريس قابلا للتنفيذ وبالتالي معالجة أحد التحديات الكبرى في عصرنا الحالي الا وهي الانتقال إلى عالم منخفض الكربون وأكثر مناعة في مواجهة تغير المناخ.

وفي هذا السياق، حذر الامين العام للامم المتحدة من أن الوضع سوف يزداد سوءا اذا “لم نتصرف الان”.

وتهدف قمة نيويورك القادمة إلى تقديم مبادرات في قطاعات رئيسية مثل الطاقة ، والتنقل ، والزراعة، بهدف تحقيق الانتقال الاقتصادي الضروري للتصدي لتغير المناخ.

وفي انتظار ذلك ، تواصل الدول الجزرية ، مثل جزر الباهاماس ، دفع ثمن باهظ. وبالنظر إلى نقص الموارد والعزلة ، أصبحت حماية مواطنيها ومجتمعاتها وثقافاتها على المحك أكثر من أي وقت مضى.