الأمن الإلكتروني..تحدي القرن

(سعيد اليوسي)

أمستردام – في عالم اليوم حيث يسود الإنترنيت، لا أحد محصن من الهجوم الإلكتروني. فالشركات والحكومات بل حتى المواطنين أضحوا أهدافا للمخترقين والمنظمات الإرهابية، التي وجدت في الفضاء الإلكتروني تربة خصبة لتنفيذ مخططاتها الإجرامية.

ويبرز حجم الهجوم الأخير الذي استهدف قناة “تي في 5 ” الفرنسية الوسائل الهائلة والخبرة الكبيرة لدى قراصنة اليوم، الذين أصبحوا يتوفرون على طرق متطورة وعملاء مجربين قادرين على اختراق الشبكات الأكثر تحصينا.
ويبلغ عدد مستعملي الأنترنيت اليوم قرابة 2,5 مليار شخص، والذي من المرتقب أن يرتفع بحوالي 1,5 مليار خلال السنوات الأربع المقبلة. وكما يتيح الفضاء الالكتروني فرص التواصل والعمل والبيع والشراء، فإنه يجعلهم كذلك عرضة لتحدياته.
وبالقدر الذي تتنامى الحاجة إلى الانترنيت، يتعاظم التحدي أمام المجتمع الدولي من أجل مكافحة أكثر فاعلية للجرائم الإلكترونية، التي أضحت ظاهرة يتزايد انتشارها بالموازاة مع اتساع رقعة الفضاء الإلكتروني.
من أجل ضمان فضاء الكتروني حر ومفتوح وآمن، يتعين على المقاولات والمؤسسات المعنية والحكومات الانكباب، على الخصوص، على رفع تحدي تطور وانتشار برامج التجسس وسرقة وتسويق معطيات الدفع وخدمات غسيل الأموال.
وبالنسبة للبعض، فإن الجريمة الإلكترونية ستشكل التحدي العالمي للقرن الواحد والعشرين. ولهذا السبب، يسعى المؤتمر العالمي حول الفضاء الالكتروني بلاهاي ( 16 – 17 أبريل الجاري) إلى إرساء تعاون دولي من أجل محاربة هذه الظاهرة.
وفي الوقت الذي تعرض فيه 12 في المائة من مستعملي الأنترنيت بأوروبا لاختراق بريدهم الإلكتروني، ووصلت نسبة ضحايا الاحتيال عن طريق البطاقات البنكية إلى سبعة في المائة (بحسب أرقام المركز الأوروبي للجريمة الإلكترونية)، لم تتوصل الدول بعد إلى توافق حول تشريع أوروبي مشترك في هذا المجال.
وسيحاول مؤتمر لاهاي إلى بلوغ توافق في هذا الصدد بكيفية تعزز التعاون بين الهيئات المكلفة بتنفيذ القانون والفاعلين الخواص، وذلك بهدف تكريس سيادة القانون على الأنترنيت والحيلولة دون تحوله إلى مرتع للمجرمين.
في المقابل، يتخوف كثيرون من أن تضر إجراءات الدول والمقاولات جوهر الويب المتمثل في حرية التعبير.
وتبقى قضية مراقبة محتوى الأنترنيت حساسة بحكم أنها تتعارض مع رغبة كبريات شركات الأنترنيت، ولهذا يتعين على الحكومات تقديم مقابل من أجل إقناع المقاولات بالتخلي عن بعض قواعدها لفائدة قوانين الدول.