الانتخابات التشريعية بالبرتغال .. حملة سابقة لأوانها تبلغ مداها أمام ناخبين مترددين

(إعداد : حسناء العقاني

لشبونة- يشغل موضوع الانتخابات التشريعية حيزا مهما في أجندة الدخول السياسي بالبرتغال، فقبل أقل من شهر على هذه الاستحقاقات التي ستحدد معالم الإطار السياسي الجديد للبلاد، يبدو أن البرتغاليين لم يحددوا بعد خيارهم ويترددون ما بين القوتين السياسيتين الرئيسيتين، أي تحالف اليمين المنتهية ولايته والحزب الاشتراكي، اللذان دخلا منذ بضعة أيام في حملة انتخابية سابقة لأوانها بلغت مداها.

فمنذ شهر مايو الماضي، أخذت الفوارق بين التحالف الحكومي، الذي يضم الحزب الاجتماعي الديمقراطي (المحافظ) وحزب الوسط الديمقراطي والاجتماعي (المحافظ) والحزب الاشتراكي، التي كشفت عنها استطلاعات الرأي، تتضاءل على حساب هذا الأخير.

وحسب استطلاع نشر مؤخرا وأظهر أن 21 في المائة من الناخبين مترددين، فإن الحزب الاشتراكي، الذي تصدر لمدة طويلة استطلاعات الرأي المتعلقة بالانتخابات التشريعية التي حدد تاريخها في الرابع من أكتوبر المقبل، احتل تقريبا نفس مرتبة التحالف الحكومي بنسب بلغت على التوالي 36 و35 في المائة من نوايا التصويت.

وأمام تحالف يسعى للحفاظ على أغلبيته، وبالتالي تجديد ولاية الوزير الأول بيدرو باسوس كويلو، يتطلع الحزب الاشتراكي إلى الوصول إلى السلطة بعد أربع سنوات من المعارضة وجعل عمدة لشبونة السابق أنتونيو كوستا رئيسا للحكومة المقبلة.

وعلى الرغم من قضية الرشوة التي تورط فيها الحزب الاشتراكي منذ زمن قريب، والتي يتابع في إطارها الوزير الأول الاشتراكي السابق خوسي سقراط الموضوع رهن الإقامة الجبرية منذ يوم الجمعة الماضي، فإن الحزب ما يزال يعتمد خطابا متفائلا. وسطر أمينه العام أنتونيو كوستا هدفا وحيدا وهو الفوز في الانتخابات المقبلة بأغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومة قوية ومستقرة.

ولبلوغ هذا الهدف، قدم الاشتراكيون برنامجا انتخابيا يصفوه بالأكثر طموحا ويغطي المشاكل الرئيسية التي تعرفها البلاد وفي مقدمتها البطالة وأنظمة التقاعد. كما وعد الحزب، على الخصوص، بخلق مزيد من فرص الشغل وتفادي ضرائب جديدة وإصلاح نظام الضريبة على الدخل فور توليه السلطة.

من جهتها، تحاول الحكومة المنتهية ولايتها إبراز الإنجازات التي تحققت خلال الأربع سنوات الماضية، رافضة أي إمكانية للتحالف مع المعارضة.

ويستفيد تحالف وسط اليمين، أيضا، خلال هذه الفترة السابقة للحملة الانتخابية، من انخفاض جديد في معدل البطالة وتأكيد النمو خلال شهر يوليوز الماضي، لكنها تبدو غير قادرة على مواجهة مشكلة الدين العمومي الثقيل الذي ما فتئ يتضاعف.

وحسب الملاحظين فإن كلتا الجبهتين، اللتين دخلتا في حرب كلامية تارة على القنوات التلفزيونية وتارة أخرى على منابر الصحافة المكتوبة أو في اللقاءات المخصصة للدخول السياسي، لا تستطيع الفوز بأغلبية مطلقة إلا في حالة القيام بتحالفات في الدقائق الأخيرة، وهو الخيار الذي يبقى لحد الآن ضعيف الاحتمال.

وكان الاشتراكيون منوا، خلال الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي جرت سنة 2011، بهزيمة قاسية أمام الحزب الاجتماعي الديمقراطي الذي حصد آنذاك أزيد من 40 في المائة من الأصوات، مقابل 28 في المائة للحزب الاشتراكي. واحتل حزب أقلية اليمين المرتبة الثالثة ب 10,9 في المائة من الأصوات والتحق بالحزب الاجتماعي الديمقراطي لتشكيل أغلبية برلمانية.

ووجد خوسي سقراط، الذي كان في السلطة منذ سنة 2005، نفسه مضطرا للاستقالة بعد رفض مخطط التقشف الرابع الذي تقدم به، فاتحا المجال لانتخابات سابقة لأوانها. وقد خضع البرتغال لبرنامج لتقليص الميزانية وإصلاحات اقتصادية على مدى ثلاث سنوات مقابل قرض بقيمة 78 مليار أورو.

وتجري الانتخابات التشريعية عادة في البرتغال كل أربع سنوات، إلا في حالة الانتخابات السابقة لأوانها. وينتخب البرتغاليون 230 منتخبا بالبرلمان الذي يتكون من غرفة واحدة (جمعية الجمهورية).