الانتخابات المكسيكية: هل المشاهير أهل للسياسة؟

بقلم .. الطيب كزرار
مكسيكو سيتي – يخوض عدد من المشاهير في مجالات مختلفة لأول مرة غمار الترشح في الانتخابات الفدرالية والمحلية التي ستجرى الأحد المقبل بالمكسيك، في محاولة منهم لإحداث التغيير وكسر رتابة الوجوه التي كررت نفسها وفشلت في تحقيق طموحات
الناخبين .

وحدها لافتات المرشحين من رياضيين وإعلاميين وفنانين مكسيكيين شكلت بعض جوانب الإثارة لدى المتطلعين إليها خلال الحملة الدعائية للانتخابات بالمكسيك، فوجوه هؤلاء تحظى بترحيب وقبول بعد أن فقدت السياسة بريقها لدى المواطنين بسبب إخفاقات المسؤولين في الحكومات المحلية والفدرالية في التخفيف من مستويات الجريمة والفساد.
وتضم القائمة السريالية للمترشحين على سبيل المثال لا الحصر أسطورة لكرة القدم المحلية، ومهرجا (بهلوان) شهيرا، ومنشطا تلفزيونيا ومشاركا سابقا في برنامج (بيغ برادر – الأخ الأكبر)، حيث يعكس ظهور هؤلاء المتنافسين شعورا متزايدا من خيبة الأمل لدى الناخبين، تفاقمت مع بروز أصوات تدعو إلى مقاطعة الانتخابات.
ولطالما قال الكثيرون إن الرياضة والسياسة وجهان لعملة واحدة، سواء تعلق الأمر بالشعبية أو النفوذ من جهة، أو خدمة مصالح شخصية وعامة باستغلال الشهرة التي غالبا ما كانت أقوى وذات صيت لدى الرياضيين مقارنة بالسياسيين، وهو الأمر الذي دفع أحد مشاهير الرياضة في المكسيك – لاعب كرة القدم كواوتيموك بلانكو- ليتحول إلى مجال السياسة.
وكان اللاعب كواوتيموك بلانكو، الذي يعتبر أحد أفضل لاعبي كرة القدم في تاريخ المكسيك، والهداف التاريخي للدوري المكسيكي برصيد 147 هدفا، قد عبر في أحد المقاطع المصورة عن رغبته في تقلد منصب عمدة مدينة كويرنافاكا التي تقع في وسط ولاية موريلوس المكسيكية.
وقال اللاعب، البالغ من العمر 42 عاما والمعتزل مؤخرا، عبر المقطع المصور الذي تناولته مختلف مواقع التواصل الاجتماعي “أصدقائي في حزب (بي إس دي) أشكركم للموافقة على ترشحي لرئاسة مقاطعة كويرنافاكا .. لن أخذلكم .. سنسعى إلى تحقيق كل شيء .. صديقكم كواوتيموك بلانكو”.
ورشح الحزب الاجتماعي الديموقراطي (بي إس دي) بلانكو لتقلد منصب عمدة كويرنافاكا، التي تبعد 70 كيلومترا جنوبي العاصمة مكسيكو سيتي.
ويظل الأمن مصدر قلق كبير لكثير من المكسيكيين، وليس أقلها في كويرنافاكا، المدينة التي يعتقد بلانكو من خلال ترشحه أنها قادرة على استعادة سلطة القانون والنظام.
ومن ضمن الوجوه المعروفة التي أعلنت ترشحها أيضا هناك المنشط التلفزيوني باتريسيو زامبرانو الملقب بـ”ال باطو” الذي ترشح باسم حزب العمل لشغل منصب رئيس بلدية مونتيري، عاصمة نويبو ليون.
وقد سطع نجم باتريسيو زامبرانو، ابن أحد رجال الأعمال، بعد مشاركته في برنامج الواقع (الأخ الأكبر) الذي بثته قناة “تليفيزا”، ويشغل حاليا منشطا تلفزيونيا في مدينة مونتيري، وهو العمل الذي توقف عنه خلال الحملات الانتخابية.
ويقول زامبرانو في إحدى تصريحاته “أنا موظف عام، ولست سياسيا”، مضيفا “السياسيون اليوم سرقوا لأطفالنا مستقبلهم (..) هناك مليوني شخص يعيشون في فقر في نويبو ليون، وهي ثاني أغنى ولاية في البلاد. ”
وقد اتخذ زامبرانو خطوة غير معتادة في العمل السياسي بالإعلان عن رقم هاتفه المحمول للجمهور حتى يتمكنوا من الوصول إليه في أي وقت، وهو الأمر الذي وضعه في خلاف مع المؤسسة السياسية.
أما المرشح الآخر، الذي لا يقل شهرة عن الآخرين، فهو غييرمو سيينفويغوس المهرج الشهير ونجم تلفزيون الأطفال والملقب بـ(لاغريميتا) والذي يسعى للفوز بمنصب رئاسة بلدية غوادالاخارا ثاني أكبر مدينة في البلاد تحت شعار “حان الوقت لمهرج حقيقي ليحكم”.
ويقول (لاغريميتا) في تصريح صحفي “ليس لدي أي خبرة سياسية، وأنا لا أعرف شيئا عن السياسة، وبعض الأمور قد طلبت مني وأنا بصراحة لا أعرفها حقا. ولكن ما أعرفه هو أن هناك العديد من الاحتياجات في غوادالاخارا (…) وهذا ما تم تحفيزي”.
وقد عانى سيينفويغوس كثيرا في سبيل الحصول على التوقيعات المطلوبة للترشح كمستقل في الانتخابات المحلية التي ستشهدها المكسيك في السابع من يونيو المقبل، حيث كادت تطلعاته السياسية أن تحبط جراء رفض السلطات الانتخابية للائحة التوقيعات.
لكن هذا المهرج ناضل في سبيل إقرار ترشيحه ولجأ إلى المحكمة الانتخابية التي أنصفته وأصدرت قرارا يتيح له الترشح لمنصب رئيس بلدية غوادالاخارا.
وإذا كان هؤلاء المرشحون من ذوي الشهرة قد سلبوا خيال الناخبين في المكسيك، فإن استطلاعات الرأي تشير إلى أن عددا قليلا منهم من المحتمل أن يحقق انتصارا في الانتخابات.
وقد وجهت لهم العديد من سهام النقد لافتقارهم إلى الخبرة اللازمة في العمل السياسي، لكن زامبرانو وأمثاله يعتقدون بإمكانية النجاح نظرا “لكون أولئك الذين كانوا يعتبرون مؤهلين للحكم والتدبير، على الأقل في المكسيك، أثبتوا فشلهم”.