آخر الأخبار
الكتابة من أجل تبسيط التاريخ للقارئ المغربي

الكتابة من أجل تبسيط التاريخ للقارئ المغربي

الجمعة, 9 يونيو, 2023 - 21:31

(جمال الدين بن العربي)

الرباط – بدأت الكتابة التاريخية في المغرب تنحو نحو تقريب المعلومة التاريخية من القارئ الذي يرغب في التعرف على ماضيه، وكذا إنجازات يتطلع إلى ملامستها من خلال مؤلفات لا تغرقه في التفاصيل والأحداث الجانبية.

هذا ما التقطه المشاركون في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط (من 1 إلى 11 يونيو الجاري)، حيث يمثل العارضون لكتب العلوم الإنسانية، التي تندرج ضمنها كتب التاريخ، ما يقارب 52 في المائة من العارضين (51 بلدا)، ويقدمون كتبا ومؤلفات يتجاوز عدد عناوينها ال 120 ألف.

ويأتي هذا الإقبال لكون العديد من القراء يبحثون عن كتب تاريخية تقوم بتبسيط الأحداث الماضية وتقربها من المهتمين والعموم، باعتماد مقاربة تأريخية تجعل القارئ يأخذ نظرة عامة عن فترات وحقب شكلت له مصدر اهتمام بالغ.

ومن ضمن المؤرخين الذين خاضوا تجربة تقريب الأحداث التاريخية من المتلقي، الكاتب امحمد جبرون الذي ألف كتابا من عشرة أجزاء للأطفال واليافعين وللعموم في إطار سلسلة بعنوان “تاريخ المغرب للأطفال واليافعين”، ضمنها أهم الأحداث التاريخية قبل الإسلام وبعده، وأهم السلاطين الذين تعاقبوا على حكم المغرب، في سرد عبارة عن محاورة بينه وبين أبنائه الصغار.

مبادرته جاءت بعد أن برزت في الآونة الأخيرة ظاهرة الإقبال على اقتناء الكتب المتحدثة عن التاريخ المغربي، لاسيما في فترات الحماية الفرنسية أو التي تقتفي أثر أحداث تاريخية ووقائع لها تأثير على حاضر الأمة المغربية.

وفي هذا الصدد، اعتبر المؤرخ المغربي امحمد جبرون، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “هناك حاجة ماسة للكتابات الموجهة للقارئ العام وليس المتخصصين”، مضيفا أنه “حيث ما وجد كتاب تاريخي عام يتناول تاريخ المغرب فهو يحظى بالإقبال الكبير”.

وشدد على أن هذه الحركية نحو اقتناء الكتاب التاريخي ” تفند الكثير من الادعاءات من قبيل ضعف المقروئية، فهي كلها أمور غير ذات مصداقية”، مشيرا إلى أن هناك إقبالا على الكتاب التاريخي الذي يعد الأكثر مقروئية في المغرب، بعد صنف الرواية، حسب قوله.

وذكر جبرون، العضو في الجمعية المغربية للبحث التاريخي، ورئيس الجمعية المغربية للثقافة الأندلسية، على أن “المغاربة متعطشون ومتشوقون لمعرفة وقراءة تاريخ بلدهم”، مضيفا أن الكتابة التاريخية تفرض نفسها مقابل عدد من أجناس الكتابات الأخرى، “لمصداقيتها وتناولها حقائق ووقائع تاريخية”.

كما أرجع جبرون، الذي صدر له مؤخرا كتاب حول “تاريخ المغرب القديم من ظهور الإنسان العاقل إلى الفتح الإسلامي”، ذلك إلى “تعطش المغاربة لتلقي الأجوبة حول الوقائع القديمة، وحول الماجرى سواء بالنسبة للتاريخ القريب أو البعيد”.

وفي نفس المنحى يسير عبد العزيز الطاهري رئيس شعبة التاريخ بكلية الآداب أكدال بالرباط الذي شدد على أن هناك كتبا تنشر سنويا “تدخل ضمن الصنف التاريخي، سواء ألفها مؤرخون محترفون، أو كتابات عبارة عن مذكرات ويوميات، وأخرى تصنف في خانة الذاكرة مثل آداب السجون ومذكرات ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان، وكذا الرواية التاريخية”.

ويرى الأستاذ الطاهري، الذي فاز في سنة 2017 بجائزة المغرب للكتاب عن فئة العلوم الإنسانية عن كتاب “الذاكرة والتاريخ”، أن الاهتمام الكبير والمتزايد بالكتاب التاريخي من قبل الناشرين يرجع أيضا إلى أن هذا الصنف من المؤلفات “يستعيد التاريخ”.

وعن نوعية الكتب وجودتها في سرد الوقائع التاريخية، قال الأستاذ الطاهري إنه “توجد الكثير من الكتابات النوعية التي تقدم جديدا بحثيا وأكاديميا، وفي نفس الوقت هناك كتب تحتاج إلى المزيد من التدقيق والتمحيص والتجويد”.

وأكد أن الإقبال على الكتاب التاريخي مرتبط بما يعرفه المجتمع المغربي من طلب متزايد على التاريخ لعدة عوامل، ضمنها الاقتناع بأهميته في التعرف على الهوية الوطنية و”فهم الحاضر عن طريق استيعاب الماضي، لأن هنالك رغبة اجتماعية للتعرف على التاريخ واستعادة الماضي”.

وينعكس ذلك، يضيف الطاهري، بالإقبال على كتب التاريخ، حيث شكلت فرصة المعرض الدولي للكتاب والنشر في الرباط فرصة لملاحظة ذلك عن كثب سواء بالمشاركة في التوقيعات أو الاقتناء في الأروقة التي تعرض كتابا ذات أبعاد تاريخية.

ورغم هذا الزخم والاهتمام، إلا أن الأستاذ الطاهري يرى أن “ما ينشر في صنف التاريخ وفي غيره لا يرقى إلى المستوى المطلوب على المستوى الكمي، مقارنة مع بعض الدول الأخرى”، لاسيما أن “الكتابة التاريخية ضرورية بالنسبة للمجتمع، ولا يمكن لأمة أن تفهم هويتها وذاتها وذاكرتها بدون كتابة تاريخية رصينة، وبالتالي ينبغي الاهتمام بالتاريخ باعتبار دوره في فهم الحاضر واستشراف المستقبل”.

وفيما يتعلق بالكيفية التي يمكن من خلالها أن يجد التاريخ المكانة التي يستحقها بين مختلف العلوم الأخرى، دعا الأستاذ الجامعي إلى أن تتناول هذه الكتابات المواضيع المطروحة باستحضار “الإنصاف والموضوعية والتجرد”، وتعتمد على منهجية خاضعة للصرامة العلمية والقواعد المهنية التي تطورت عبر الزمن إلى أن وصلنا إلى الكتابة التاريخية الراهنة”.

كما دعا إلى ضرورة انفتاح هذا النوع من التأليف على مواضيع متعددة ولا يقتصر على الحدث السياسي و”القضايا التي تم التطرق إليها من قبل، والتطلع لمناقشة مجالات تستجيب للطلب الاجتماعي ولرغبات الناس في فهم الحاضر، مع الاهتمام أيضا بالتاريخ الثقافي والاجتماعي والديني والاقتصادي وتاريخ الحياة اليومية، وغيرها من المواضيع التي تستجيب للحاجيات الراهنة وتساهم في الإجابة على أسئلة العصر ومتطلباته”.

وتظل الفترات التاريخية في المغرب مفعمة بالأحداث والوقائع التي تتطلب تمحيصا وعملا جادا، لكنها تحتاج أيضا إلى مقاربة تبسيطية من أجل أن يطلع عليها الجميع، لاسيما اليافعين والطلبة وعموم الناس الذين يرغبون في معرفة تاريخهم دون جهد كبير ودراية متخصصة في مجال يخطو نحو نشر معلوماته على أوسع نطاق.

وتشهد الدورة الحالية من المعرض الدولي للنشر والكتاب، التي تنظمها وزارة الشباب والثقافة والتواصل بشراكة مع ولاية جهة الرباط سلا القنيطرة، ومجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، تنظيم فعاليات ضمن برنامجها الثقافي العام يحضرها 661 من الكتاب والمفكرين والشعراء المغاربة والأجانب تناهز في مجموعها 221 نشاطا، إلى جانب فضاء موجها إلى فئة الأطفال يتضمن ورشات علمية وفنية تعزز علاقة الطفل بالمعرفة والكتاب.

اقرأ أيضا

المغرب.. صندوق النقد الدولي يتوقع نموا بنسبة 3.1 بالمائة خلال 2024 و3.3 بالمائة في 2025

الثلاثاء, 16 أبريل, 2024 في 15:12

يرتقب أن يسجل المغرب نموا بنسبة 3.1 بالمائة هذه السنة و3.3 بالمائة في 2025، وذلك وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي الصادرة اليوم الثلاثاء في آخر تحديث لآفاق الاقتصاد العالمي.

الرهانات الاستراتيجية للمجالات البحرية ببلدان إفريقيا الأطلسية محور ندوة بالرباط

الثلاثاء, 16 أبريل, 2024 في 14:45

انطلقت، اليوم الثلاثاء بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (الرباط)، أشغال ندوة-مناقشة حول موضوع ” الرهانات الاستراتيجية للمجالات البحرية ببلدان إفريقيا الأطلسية”، بمشاركة ثلة من الخبراء والباحثين من مختلف المشارب.

السياسات العمومية في المجال التربوي حرصت على نهج مقاربة مندمجة لتحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين (السيد المالكي)

الثلاثاء, 16 أبريل, 2024 في 13:48

أكد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الحبيب المالكي، اليوم الثلاثاء بالرباط، أن السياسات العمومية في المجال التربوي حرصت على نهج مقاربة مندمجة تتوخى تحقيق تكافؤ الفرص بين الجنسين.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية