الكولومبيون مدعوون الأحد المقبل إلى انتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل سياق القطبية الثنائية بين اليمين واليسار

     (بقلم: محمد بنمسعود)

بوغوتا –  يتوجه الكولومبيون بعد غد الأحد إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للبلاد في ظل سياق سياسي تطبعه قطبية ثنائية قوية بين اليمين، الذي يمثله ايفان دوكي، مرشح حزب الوسط الديمقراطي، واليسار الذي يمثله المتمرد وعمدة بوغوتا السابق، غوستافو بترو.

وبخلاف مرشحيْ الوسط، سيرخيو فاخاردو، عمدة ميدلين السابق، وأمبيرتو دي لا كايي، العضو السابق في مفاوضات السلام، اللذين لم ينجحا في استقطاب عدد كبير من الناخبين خلال الحملة الانتخابية، تميز دوكي وبترو بخطابهما الراديكالي ومقترحاتهما.

 وواجه النائب السابق للرئيس، خيرمان فارغاس ييراس، المرشح بدوره عن اليمين، مصاعب جمة في سعيه لايجاد موطئ قدم ضمن المشهد الانتخابي منذ بداية الحملة الممهدة للاقتراع.

 ويتصدر مرشح حزب الوسط الديمقراطي، الذي أسسه السيناتور الحالي والرئيس السابق ألفارو أوريبي (2002-2010) استطلاعات الرأي باستقطاب نوايا تصويت تتراوح ما بين 35 و5ر41 في المائة، وهي نسب لا تؤهله لحسم الاقتراع في جولته الاولى.

 ويطمح هذا المحامي البالغ من العمر 41 عاما إلى الفوز بمنصب الرئيس خلال الجولة الاولى من الانتخابات، ليحقق انجازا كان زعيمه ألفارو أوريبي أول من سجله في رئاسيات العام 2002.

 وفي بلاد عانت طيلة نصف قرن من ويلات العنف المسلح، يستقطب ايفان دوكي، الذي بدأ مساره السياسي سنة 2014 بعضوية مجلس الشيوخ، جانبا هاما من الكتلة الناخبة بفضل خطابه المتمحور حول تعديل اتفاق السلام الموقع في 2016 مع حركة “فارك”  “من أجل الدفاع عن حقوق الضحايا في العدالة والانصاف” والحؤول دون تحول كولومبيا إلى “فنزويلا جديدة”.

   وقال دوكي، في تصريح ادلى به السبت الماضي، أنه “بعد أيام ستشهد البلاد استطلاعا فعليا حينما يتوجه المواطنون نحو صناديق الاقتراع لممارسة حقهم في التصويت، سنهزم في هذا اليوم اشتراكية القرن ال 21”.

وما فتئى المرشح اليميني منذ بداية الحملة الانتخابية يحذر من خطر “تيار كاسترو-تشافيز” بهدف دفع الناخبين إلى الامتناع عن التصويت لمنافسه اليساري غوستافو بترو.

ولطالما أبدى بترو (58 عاما)، المتمرد السابق في صفوف “حركة 19 أبريل” تعاطفه مع هوغو تشافيز، قبل أن ينأى بنفسه عن الرئيس الفنزويلي الراحل.

وعلى الرغم من وصفه للرئيس الفنزويلي الحالي نيكولاس مادورو ب “الديكتاتور”، يتهمه اليسار دائما، لكن من دون أدلة، بكونه من المقربين من مادورو.

ويرد مرشح اليسار، الذي يحظى بنوايا تصويت تتراوح بين 24 و5ر29 في المائة، هجوم اليمين ويتهمه بنسج علاقات مع المجموعات المسلحة وعصابات تهريب المخدرات.

ويثير برنامج عمدة بوغوتا السابق مخاوف جزء من الكولومبيين، حيث يعد بإدخال تعديلات ستطال كبار ملاك الأراضي فضلا عن فرض ضرائب كبيرة على الأغنياء وإصلاح نظام الصحة من خلال وضع حد لخدمات الشركات الخاصة العاملة في هذا القطاع.

ونجح فاخاردو، الذي يقدم نفسه على أساس أنه مرشح “الأمل”، في استقطاب ما بين 8ر13 و16 في المائة من نوايا التصويت.

ويبرز عمدة ميدلين الأسبق وحاكم انتيوكيا السابق ومرشح “تحالف كولومبيا” تجربته كأستاذ جامعي من أجل الاستفادة منها في إصلاح النظام التربوي في حالة توليه منصب الرئيس، لكن غموض خطابه ومواقفه يثير ارتياب الناخبين.

ومن ضمن المرشحين في هذه الاستحقاقات فارغاس ييراس الذي تقدم لهذا الاقتراع مرشحا عن حركته “ميخور فارغاس ييراس” قبل أن يستقطب دعم حزبه “كامبيو راديكال”، وتتراوح نسبة تأييده في هذه الاستحقاقات ما بين 6 و 3ر14 في المائة.

وتميزت حملته الانتخابية بالغموض، إذ سعى في إحدى الفترات إلى النأي بنفسه عن الرئيس الحالي سانتوس الذي كان نائبا له ما بين 2014 و2017، قبل أن يتولى الدفاع عن حصيلة الحكومة، فيما بلغ حجم تأييد سانتوس ادنى مستوى له منذ بداية ولايته الرئاسية الثانية (25 في المائة).

ويحتل المرشح الليبرالي أمبيرتو دي لا كايي المرتبة الأخيرة ضمن نوايا التصويت (5ر3 في المائة)، ولم ينجح برنامج العضو السابق في مفاوضات السلام، الذي يرتكز على الدفاع عن اتفاق السلام بين الحكومة وحركة “القوات المسلحة الثورية لكولومبيا” المنحلة، في استمالة الناخبين.

وتفيد مختلف نتائج استطلاعات الرأي عدم وجود أي مرشح قادر على حسم نتيجة استحقاق 27 ماي الجاري منذ جولته الأولى.

وترجح استطلاعات الرأي فوز ايفان دوكي وغوستافو بترو في الجولة الاولى من هذه الاستحقاقات، قبل أن يتواجها في الجولة الثانية من هذا الاقتراع في 17 يونيو المقبل إذا لم يحسم أي من المرشحين نتائج الاقتراع بالأغلبية لصالحه في الجولة الأولى.

وبموجب القانون الانتخابي بالبلد الجنوب أمريكي، إذا لم يتمكن أي من المرشحين خلال الجولة الأولى من الاقتراع من الحصول على 50 في المائة من الأصوات زائد صوت واحد، يجري تنظيم جولة ثانية يشارك فيها المرشحان الأول والثاني اللذان حصدا أكبر عدد من الأصوات.

وتأتي رئاسيات كولومبيا بعد الانتخابات التشريعية ل 11 مارس الماضي التي فاز فيها اليمين دون حصوله على الأغلبية.

ومن المقرر أن يغادر الرئيس الحالي خوان مانويل سانتوس سدة الحكم يوم 07 غشت المقبل عقب ولايتين رئاسيتين متتاليتين من أربع سنوات لكل واحدة منهما.