الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب .. الرواق الدولي يتزين بألوان إفريقيا

                                         (فاطمة الزهراء الراجي )

    مكناس  – يكتسي الحضور الإفريقي بالدورة ال12 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، أهمية كبيرة تنبثق من غنى وتنوع المنتجات الطبيعية والزراعية التي تزخر بها دول القارة، ومن الآفاق التي قد تتيحها هذه التظاهرة لنسج علاقات اقتصادية متعددة الأبعاد.

    وتعزز الحضور القوي لدول القارة السمراء هذا العام، بالحضور المتميز للرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي، رئيس غينيا، السيد ألفا كوندي، علاوة على مشاركة بعض الوزراء الأفارقة، على رأسهم وزير الفلاحة النيجيري أودو أوغبه، ووزير الفلاحة الإثيوبي تيفيرا ديريبو.

    ويمثل إفريقيا في دورة هذه السنة، كل من السينغال والجزائر ومصر والبنين وبوركينافاصو والكاميرون وكوت ديفوار والغابون وغانا وغينيا كوناكري ومالي وموريتانيا ومدغشقر والنيجر ونيجيريا وأوغندا والطوغو وناميبيا.

    ويجذب انتباه الزائر للجناح المخصص لإفريقيا بالقطب الدولي، الذي يضم أروقة تعج بتنوع ثقافي وطبيعي زاخر، وللوهلة الأولى، منتجات وإن بدت بسيطة، لكنها تعكس غنى وتنوع المنتوج الفلاحي الإفريقي، ومدى حاجته للتطوير واكتساب إشعاع قاري ودولي.

    فبين مختلف أنواع الزيوت والحبوب والفواكه الاستوائية المعروضة، تبرز خصوصية منتجات تمتاز بها دول القارة السمراء، بيد أنها لم تجد طريقها بعد إلى العالمية، خاصة تلك التي تستعمل في مجال التجميل والطب البديل.

    باتريسيا بيونغ مبا، رئيسة إحدى المقاولات الصغرى بالغابون، العاملة في مجال تحويل اللوز إلى مواد تجميلية وطبية، وصناعة التوابل المنكهة، ومنتجات أخرى طبيعية تستخدم في علاج بعض الأمراض، تحرص بابتسامة وعزيمة باديتين، في تجربتها الأولى بالملتقى الدولي للفلاحة، على التعريف بمنتجاتها وتقديم شروحات لكل من يعرج إلى رواق بلادها بالقطب الدولي.

    باتريسيا كشفت في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن طموح يحذوها ومختلف التعاونيات والجمعيات والفاعلين الحاضرين بالملتقى، لنسج شراكات اقتصادية مع المهنيين المغاربة، والاستفادة من تجربة المغرب الرائدة على الصعيد القاري، لاسيما على مستوى الترويج والتصدير والتصنيع، “والانفتاح على السوق المغربية في إطار شراكة رابح- رابح”.

    بذات العزيمة حدثتنا، تشيمو روز ناديغ، المسؤولة عن الإنتاج والتسويق بشركة “ويلنيس فود” بكوت ديفوار، المتخصصة في تحويل مستخلصات زهر “المورينغا”، عن مشاركتها للمرة الخامسة بالملتقى، الذي ما فتئ، وفق تعبيرها، يكتسب وهجا وإشعاعا قاريا ودوليا.

    روز ناديغ أبرزت في حديث مماثل، أن الهدف من هذه المشاركة هو، فضلا عن إبراز فوائد المورينغا للمغاربة زوارا ومهنيين، يتمثل أساسا في إرساء شراكات اقتصادية مع المقاولات المغربية، وبحث سبل التعاون في مجالات التصنيع والاستيراد والتصدير وخاصة التسويق.

    وأضافت أن أبرز تحد يواجه المنتجات المحلية الإفريقية هو ضعف التسويق والتصنيع على المستوى المحلي والقاري، علاوة على هشاشة الفلاحة الإفريقية في الوقت الحالي إزاء التغيرات المناخية، وندرة المياه وغياب برامج لدعم وتحسين مردودية الصناعة الفلاحية.

    بدوره، أكد ستيفان كينوم الكاتب العام لجمعية “أفريك أغرو إكسبورت” (أفيكس)، أن الملتقى “فرصة من ذهب” للعارضين الأفارقة للتعريف بمنتجاتهم، خاصة المحلية والتي تحمل العلامة الإفريقية، فضلا عن نسج شراكات واعدة ومتعددة الأبعاد مع فاعلين مغاربة وأجانب في القطاع.

    واعتبر أيضا أنه موعد سنوي لتطوير علاقات للأعمال وشبكات التواصل لدى الجمعيات والمقاولات الإفريقية الصغرى والمتوسطة، والاستفادة من التجارب الرائدة في المجال.

    أما المندوب العام للملتقى، السيد جواد الشامي، فأكد أن هذه التظاهرة تكرس، على مر السنين، حضورها كمنصة للفلاحة بالقارة، وواجهة لإبراز والتعريف بالفلاحة المغربية والإفريقية.

    وأعرب، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، عن اعتزازه بالمكانة التي “باتت تحظى بها الفلاحة المغربية، واعتبارها نموذجا ومرجعا للخبرة بالنسبة لشركائنا الأفارقة الذين اختاروا الملتقى الدولي للفلاحة كمنصة للدفاع عن الفلاحة بالقارة”.

    وأشار السيد الشامي إلى أن تدبير التوازن بين الموارد المائية المتوفرة وسبل توظيفها في المجال الفلاحي، وكذا جودة وكمية الإنتاج، عوامل جعلت من المغرب نموذجا يحتدى به على الصعيد الإفريقي.

    ولعل ما يكرس الريادة المغربية على صعيد القارة، مبادرة تكييف الفلاحة الإفريقية (تريبل أ)، التي أطلقتها المملكة في إطار المخطط العالمي للعمل لصالح المناخ، والرامية إلى إرساء فلاحة إفريقية مستدامة، مدرة للدخل، ومقاومة للتغيرات المناخية، وهي إجابة مبتكرة على التحديات المشتركة التي تطرحها التغيرات المناخية بالقارة السمراء.

    وتربط هذه المبادرة، التي شكلت أحد أبرز محاور قمة المناخ بمراكش (كوب22) في نونبر الماضي، بين تمويل المناخ والأمن الغذائي عبر مشاريع ذات أولوية تسمح بتثمين أفضل وبشكل مستدام للموارد الطبيعية الإفريقية، كما ترتكز على جعل تكييف الفلاحة الإفريقية في صلب رهانات “قمم المناخ”، وإقرار توزيع منصف لصناديق المناخ المالية بين التكييف والتخفيف، فضلا عن إنعاش وتشجيع تفعيل مشاريع واقعية ومبتكرة في مجال تدبير التربة والتحكم في الماء الفلاحي، وتدبير مخاطر المناخ إلى جانب تعزيز قدرات التمويل وحلوله.

    وقد برز اهتمام المملكة بمستقبل الفلاحة في إفريقيا، أيضا في التيمة المختارة للمناظرة التاسعة للفلاحة (17 أبريل الجاري) “إمدادات الماء، الفلاحة والأمن الغذائي”، الذي بات يشكل تحديا رئيسيا للقارة الإفريقية.

    يشار إلى أن الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب، المنظم على مساحة 170 ألف متر مربع، بمشاركة 1230 عارضا (910 عارض وطني و320 عارض أجنبي) من 66 بلدا، من 18 إلى 23 أبريل الجاري، يرتقب أن يستقطب حوالي مليون زائر، وذلك باعتباره تظاهرة دولية تجعل المغرب منصة هامة للتبادل والأعمال وأحد أبرز الوجهات الفلاحية على الصعيدين القاري والدولي.