النهوض بالفن المغربي رهين بتكريس حضوره على المستوى الدولي (رئيس الشركة المغربية للأعمال والتحف الفنية)

الرباط – أكد رئيس الشركة المغربية للأعمال والتحف الفنية، السيد هشام الداودي، مساء أمس الخميس بالرباط، أن مستقبل سوق الفن المغربي رهين باستثمار متنامي يأخذ بعين الاعتبار، في الوقت ذاته، التكوين وتكريس الحضور على المستوى الدولي.

ويرى السيد الداودي الذي حل ضيفا على الملتقى الثقافي لوكالة المغرب العربي للأنباء، الذي تناول موضوع “واقع وآفاق سوق الفن بالمغرب، أن “سوق الفن المغربي، بالرغم من كثرة الأعمال، يعاني من عدة معيقات، من بينها انحصار السوق نفسه، وضعف الحضور، ونقص الخبرة، وعلى الخصوص، كثرة الأعمال المزيفة”.

وأوضح، أن الإشكالية تبدأ من نقص المدارس ومعاهد التكوين (المغرب لا يتوفر إلا على معهدين مقابل 59 معهدا في فرنسا على سبيل المثال)، وضعف مصاحبة طلبة الفن في الولوج كما في التخرج، وإهمال أصحاب الأروقة المشاركة في الملتقيات والمعارض الدولية، وعدم اهتمام الزبناء المؤسساتيين بسوق الفن، ونقص الخبراء والمتعهدين والمتخصصين، وعدم اكتراث وسائل الإعلام للشأن الفني.

وأضاف السيد الداودي، مستدلا ببعض الأرقام، أن سوق الفن المغربي ضئيل بالمقارنة مع السوق العالمية التي تمثل ما قدره 15,2 مليار دولار أمريكي في 2015، والذي عرف نموا نسبته 26 بالمائة مقارنة مع 2013 (12,05 مليار دولار أمريكي)، وزيادة نسبتها 300 بالمائة في ظرف عقد واحد، والتي ساهمت فيها على الخصوص السوق الصينية.

وأشار إلى أنه، وبمنتوج معروض للبيع قيمته 5 ملايير أورو في 2015، تأتي الصين على رأس المبيعات عن طريق المزاد العلني بحصة سوق نسبتها 37,2 بالمائة، تليها الولايات المتحدة الأمريكية (32,1 بالمائة)، والمملكة المتحدة (18,9 بالمائة)، وفرنسا (3,3 بالمائة)، وألمانيا (1,4بالمائة)، وسويسرا (1بالمائة)، وإيطاليا (0,8 بالمائة).

وبخصوص العالم العربي، يضيف السيد الداودي، فإن حجم مبيعات كريستيز دبي يصل إلى 24 مليون دولار أمريكي في السنة، مقابل 10 ملايين دولار أمريكي بالنسبة لسوتبيز الدوحة، مشيرا إلى أنه، وعلى الصعيد الإفريقي، فإن الأرقام القياسية للفنانين الكبار تتوزع بين الجنوب إفريقيتين “مارلين دوماس” و”إيرما ستيرن” (6,33 و4,94 مليون دولار أمريكي)، أي بعيدا، بل بعيدا جدا عن لوحة “الهدية” للمغربي عباس صلادي (522 ألف و601 دولار أمريكي).

وقال “في المقابل، لدينا فنانون تشكيليون كبار، من قبيل الغرباوي والشرقاوي والشعيبية والقاسمي الذين تحقق أعمالهم مبيعات جيدة في السوق. مشكلنا الرئيسي هو الأعمال المزيفة التي تنخر القطاع”، مؤكدا “أننا بلغنا مرحلة كاريكاتورية حيث انتشر المزورون بشكل كبير في كل مكان والأعمال المزيفة تجاوزت الحدود إلى الخارج”.

ومن أجل وضع حد لهذه الآفة، دعا السيد الداودي إلى انكباب الشرطة القضائية على هذا الملف، بالموازاة مع تعزيز الخبرة داخل المحاكم وجمعيات المهنيين بغية إحداث قواعد للمعلومات تيسر تتبع الأعمال والقطع الفنية.

وشدد السيد الداودي، الذي أشار إلى أن “سوق الفن ليس إلا شكلا من العرفان للعمل الفني”، على أهمية تعزيز التكوين من خلال افتتاح مدارس ومعاهد أخرى للفنون الجميلة، وتمجيد تاريخ الفن المغربي، وتكريم الفنانين عبر إطلاق أسمائهم على فضاءات عمومية.

وشكل هذا الملتقى، المنظم من طرف وكالة المغرب العربي للأنباء بشراكة مع جمعية الفكر التشكيلي، مناسبة لخوض نقاش مشوق وممتع مع ثلة من الفنانين التشكيليين، وجامعي التحف، ورجال القانون، ونقاد الفن والصحفيين، حول سوق الفن المغربي، وواقعه وآفاقه المستقبلية.

ويندرج هذا الملتقى، الذي تم تأمين نقله المباشر عبر “ماب مباشر” على موقع “ماب إكسبريس.ما”، إلى جانب الترجمة الفورية إلى العربية والإنجليزية والإسبانية، في إطار سلسلة لقاءات ذات طابع ثقافي، أطلقتها الوكالة بهدف المساهمة في تنشيط الساحة الثقافية المغربية التي تشهد تطورا ملحوظا منذ بضع سنوات.

وارتأت وكالة المغرب العربي للأنباء، المؤسسة الإعلامية الوطنية التي تضطلع بمهمة المرفق العمومي، تنظيم هذه اللقاءات بشكل دوري، رغبة منها في إسماع أصوات المثقفين والفنانين للجمهور الواسع.