اليوم العالمي لليوغا.. انخراط حكومي وشعبي متزايد في عروض احتفالية ضخمة بمعظم مناطق الهند

  (إعداد: سعد أبو الدهاج)

   نيودلهي – أضحت رياضة “اليوغا” تحظى باهتمام كبير داخل الهند، يترجمه انخراط حكومي وشعبي متزايد في عروض احتفالية ضخمة بمعظم مناطق البلاد، وذلك تخليدا لليوم العالمي لهذه الرياضة، الذي أقرته منظمة الأمم المتحدة في الواحد والعشرين من شهر يونيو من كل سنة .

    ففي مثل هذا اليوم من كل سنة، تتزين الساحات والميادين، الواقعة وسط أهم المدن وعواصم الولايات الهندية بأبهى زينتها وتتحول إلى لوحات فنية مزركشة يبدع في تشكيلها الحضور الكبير لعشرات الآلاف من محبي وممارسي رياضة “اليوغا”، بمشاركة مسؤولين حكوميين ودبلوماسيين ومشاهير الفن والثقافة والرياضة.

   وبحماس منقطع النظير، تنخرط كافة فئات الشعب الهندي، من طلبة المدارس والجامعات والأساتذة وموظفي الحكومة والقادة السياسيين ومسؤولي الأمن والقوات العسكرية شبه العسكرية ومتطوعين من المنظمات غير الحكومية وممثلي هيئات المجتمع المدني،في حركات رياضية يرافقها تركيز نفسي عميق ينهل من القواعد المؤسسة لرياضة اليوغا.

    ويساعد هذا الحضور الرسمي والشعبي الوازن على إبراز مدى قدرة رياضة اليوغا على الاهتمام بالجوانب النفسية والبدنية والصحية للإنسان، والمساهمة في تحرير العالم من السلبيات المرتبطة بالتوتر والعنف والحد من النزاعات والخلافات بين الأفراد والمؤسسات والدول، ونشر رسالة الحب والسلام والإخاء.

   وتستفيد هذه التظاهرات الاستعراضية بدعم مهم من قبل الحكومة الاتحادية الهندية، التي يقودها الوزير الأول ناريندرا مودي ذي الخلفية القومية الهندوسية، والذي سعى بقوة منذ توليه مقاليد الحكم في سنة 2014 ، إلى النهوض برياضة “اليوغا” ودعم إشعاعها على الصعيد الدولي، بالرغم من الانتقادات الموجهة إليه خاصة ما يتعلق بتأجيج النعرات الدينية والانقسامات الطائفية في البلاد.

   ويتطلع الوزير الأول الهندي، وهو نباتي يمارس “اليوغا” بانتظام، إلى دعم أسس هذه الرياضة الهندية العريقة، ذات الدلالات والطقوس الدينية، والعمل على نشرها عالميا باعتبارها بصمة ثقافية هندية أصيلة، على الرغم من توجس باقي الطوائف الدينية في الهند التي ترى انه يسعى نحو فرض هيمنة الحضور الهندوسي على جميع مرافق الدولة ودواليبها .

   وفي هذا الإطار، عمل الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، في إطار سياسته الرامية إلى تشجيع ممارسة رياضة اليوغا، إلى إنشاء “وزارة اليوغا” في سنة 2015 ، كما شارك شخصيا إلى جانب وزراء حكومته وأبرز الشخصيات المدنية والعسكرية والآلاف من المواطنين الهنود في عرض ضخم تم تنظيمه وسط العاصمة الوطنية نيودلهي .

   كما أن عددا من المنظمات والهيئات القومية الهندوسية، وفي مقدمتها منظمة (راشتريا سوايام سيفاك سانغ)، الذراع الديني والإيديولوجي لحزب “بهاراتيا جاناتا” الحاكم في الهند ما فتئت تعبئ جميع جهودها للتشجيع على ممارسة “اليوغا” باعتبارها متنفسا روحيا ورياضيا واجتماعيا لجميع فئات الأمة الهندية.

   ويعتبر القوميون الهندوس أن “اليوغا” ليست مجرد رياضة أو محفز نفسي بل هي جزء من التراث الثقافي العريق للهند، الذي يتطلع العديد من الهنود إلى الحفاظ عليه وتطويره والتعريف به على نطاق واسع إقليميا ودوليا، معتبرين أن “اليوغا تعد أكبر مساهمة مجتمعية للهند.. إنها نتاج ثقافة خالدة لحضارات تعاقبت على مناطق وادي ساراسواتي الهندوسي، التي ترجع إلى 2700 عام قبل الميلاد “.

   وتواصل رياضة “اليوغا” مسارها المتوهج بالرغم من التوجس الذي تبديه عدة طوائف دينية وهيئات سياسية معارضة، بالنظر إلى أن اليوغا تضم ممارسات دينية هندوسية لا تحظى بإجماع جميع مكونات الشعب الهندي، بالاضافة الى الاستغلال “السياسي” لهذه الرياضة من أجل تحقيق مكاسب انتخابية شعبوية.

   وكانت عدة هيئات دينية قد نظمت احتجاجات، خلال السنة الماضية، بشأن سعي القوميين الهنودس إلى فرض اليوغا وطقوسها “الوثنية” على باقي الأقليات الدينية، لاسيما عندما اقترحت جهات حكومية إدراج “اليوغا” كمادة إلزامية في المدارس العمومية.

  يذكر أن منظمة الأمم المتحدة أقرت الاحتفال بـ “اليوم العالمي لليوغا”، التي ترجع أصولها إلى طقوس هندوسية عريقة، في الحادي والعشرين من يونيو من كل سنة بناء على مقترح تقدمت به حكومة الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي بعد توليها السلطة في ماي 2014.