اليوم الوطني للمسرح … جمعية المشعل بأرفود تنخرط في الارتقاء بالفن الدرامي بإقليم الرشيدية

(أجرى الحديث علي الحسني)
الرشيدية – لم يكن ظهور الفن المسرحي بإقليم الرشيدية وليد الصدفة بقدر ما كان إفرازا طبيعيا لحاجة اجتماعية، لا كشكل من أشكال التعبير الثقافي فحسب بل انعكاسا لوضع اجتماعي. فتجلى هذا الفن في شكل مبادرات شخصية آمنت بالثقافة باعتبارها ضرورة اجتماعية فاعلة ومتفاعلة بدأت بوادرها مع جمعية المشعل للمسرح والسينما بأرفود.
فإيمانا منها بضرورة الانخراط الفعال والإيجابي في التنمية الإبداعية بالمنطقة والمساهمة في خلق ثقافة مسرحية والتشجيع على تبادل الخبرات والتجارب في هذا المجال، انخرطت جمعية المشعل للمسرح والسينما بأرفود، التي تأسست سنة 1990 بمبادرة من ثلة من أبناء المنطقة، من أجل الارتقاء بالفن الدرامي وترسيخه بإقليم الرشيدية.
ومن خلال هذه المبادرة تطمح جمعية المشعل، التي تشتغل في الحقل الثقافي الفني تأطيرا وبحثا وإبداعا ولها عدة مشاركات في ملتقيات مسرحية محلية وجهوية ووطنية نالت خلالها مجموعة من الجوائز التقديرية بكل من مدن فاس وطاطا وورزازات وتنغير، إلى المساهمة في النهوض بالإنتاج المسرحي وتوفير الظروف المناسبة للإبداع الدرامي الذي بدأ يحتل موقعا مهما على مستوى المنطقة عبر تكثيف التظاهرات المسرحية.
وبمناسبة تخليد اليوم الوطني للمسرح (14 ماي)، قال رئيس الجمعية، السيد عبد الحق بديار، إن هذه الأخيرة، تعتبر الحقل الثقافي والفني عموما والمسرحي على وجه الخصوص “رديف الإكراهات والمسالك الشائكة”، مشيرا إلى أن الاشتغال ضمن هذا المجال وبهذه المنطقة على وجه التحديد “يجعل إكراهات العمل مضاعفة تتمثل في انعدام البنية التحتية وضعف الثقافة المسرحية وعدم انخراط الفئة المثقفة في هذه المنظومة وضعف التمويل لهذه الأشكال الجمعوية”.
ولتعزيز البعد الثقافي بالمنطقة، يضيف بديار في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أحدثت الجمعية ملتقى أرفود الدولي للمسرح الذي دأب على تكريم وجوه بارزة من الممثلين ورجالات المسرح والنقاد المرموقين كحسن المنيعي ويونس لوليدي وعبد الرحمان بنزيدان وصفية الزياني وإدريس الروخ وفاطمة الركراكي والمسكيني الصغير.
وأوضح أن هذا الملتقى يروم بالأساس تكريس التقليد الفني على مستوى الجهة، وتمكين الفنانين الشباب من الوسائل والآليات البيداغوجية القمينة بتحسين كفاءاتهم وتطوير مواهبهم، مبرزا أن الأمر يتعلق بتكوين شباب من أجل الخلق والإبداع، وتمكينهم من الآليات الضرورية لإخراج أفكارهم إلى حيز الوجود، وبالتالي تحقيق ذواتهم.
وقد أنتجت الجمعية نحو عشرين مسرحية منها “نهرو في غابة القردة” و”القناع والوجه المزور” و”صحوة ضمير” و”لعب الصغار” و”حزام لالة أومدار”.
واعتبر الفاعل الجمعوي المسرح المدرسي وسيلة تربوية وتعليمية مهمة في الوسط المدرسي لما يكسبه هذا الفن للطفل من كفايات وقدرات على مختلف المستويات، مؤكدا أنه بالرغم من هذه الإكراهات التي صارت جزءا من المعيش اليومي، فإن “الجمعية تؤمن بفاعلية المجال الذي تشتغل ضمنه آملة في ترسيخ ثقافة مسرحية جادة وهادفة وإلى تنمية الذوق الجمالي وتهذيبه، كما أنها تطمح في جعل مدينة أرفود عاصمة الفعل المسرحي بالجهة “.
وبخصوص رؤية الجمعية للعمل المسرحي ومدى تأثيره على الواقع المجتمعي والثقافي بالمنطقة، أبرز بديار أن الفعل المسرحي هو فعل خلاق بامتياز له أدوار طلائعية في التربية والتوعية والوعي بالذات في المكان والمحيط، فعل تثقيفي تهذيبي بل الأكثر من ذلك تطهيري (كاثارسيس)، إذ من خلاله يتم التأثير بشكل مباشر في كل الممارسات الإنسانية .
وفي هذا الإطار، دعا الفاعل الجمعوي إلى بذل مزيد من الجهود لإعادة الاعتبار للمسرح واستعادة وهجه ولمشروعه الجمالي ولجمهوره عبر فعل مسرحي يعتمد تلك السجالية والدينامية في الجدل بين الخشبة وهوامشها الثقافية والفكرية، مشيرا إلى أن الهدف يتمثل في خلق نموذج لمسرح محلي جيد يوفر آليات استرجاع المسرح لجاذبيته ويكرس البعد المهني.
وخلص الفاعل الجمعوي إلى أن المنطقة في أمس الحاجة إلى فعل ثقافي هادف يلامس القضايا المجتمعية والثقافية والفكرية ويعبر عن آمال وطموحات المبدعين، ولا يمكن تحقيق ذلك دون تقديم كل الدعم والمساندة الفعلية لكل المبادرات التي تصبو إلى الرقي بالجانب الثقافي إلى مستوى تطلعات الساكنة، خصوصا المهتمة منها بالجانب المسرحي الذي يدخل في صلب التعريف بمكوناتها الثقافية والحضارية المتنوعة والحفاظ على الموروث الثقافي .