انتخابات الأحد .. أي نموذج يريده الإكوادوريون؟

(بقلم: عبد الله كيتو)

كيتو – بين إيديولوجيتين مختلفتين، يتوجه الإكوادوريون غدا الأحد إلى صناديق الاقتراع لانتخاب خليفة للرئيس الحالي لينين مورينو، الذي سيغادر قصر كارونديليت في 24 ماي المقبل بعد ولاية رئاسية واحدة، وذلك في ظل القيود المفروضة لكبح تسارع انتشار وباء كورونا.

ورغم اختلاف الرؤى والتوجهات، يدرك المرشحان غييرمو لاسو، أحد دعاة النزعة المحافظة الليبرالية، وأندريس أراوس، الذي يمثل النسخة الإكوادورية لاشتراكية القرن ال 21، لامبالاة جزء مهم من المواطنين بهذه الاستحقاقات واهتزاز ثقتهم في الطبقة السياسية، لاسيما وأن شغلهم الشاغل يبقى، بعيدا عن الإيديولوجيات والاستقطاب، الصحة والعمل والتعليم.

لقد تصدر أراوس الجولة الأولى من هذه الاستحقاقات، التي أجريت في 7 فبراير الفائت، ب 72ر32 بالمائة من الأصوات، بينما حل لاسو ثانيا ب 39ر19 بالمائة بفارق 32 ألف صوت فقط عن ياكو بيريز، الذي أدان تزويرا حصل وأفضى، بحسبه، إلى استبعاده من المرتبة الثانية التي تؤهل صاحبها للعبور إلى الجولة الثانية.

بيريز، الفائز بزعمه وزعم حزبه باتشاكوتيك بالمرتبة الثانية والخاسر بحسب صناديق الاقتراع، اعتبر أن لا أحد من المرشحين الاثنين أهل للثقة، وحث أنصاره على عدم التصويت لأي من المرشحين إلا أن أصواتا من داخل حركة الشعوب الأصلية أبدت تعاطفها مع مرشح على حساب آخر.

وبين المرشحين الاثنين كثلة ناخبة يرى مراقبون أنها ستحسم السباق نحو قصر كارونديليت، وهذا المعطى يعيه جيدا لاسو وأراوس وبذلا كل ما في وسعهما لاستمالتها منذ بداية الحملة الانتخابية منتصف مارس الفائت.

لاسو، البالغ من العمر 65 عاما، يخوض للمرة الثالثة غمار الانتخابات الرئاسية متأبطا اقتراحات يقول إنها تضمن النمو الاقتصادي، الذي تحتاجه البلاد أسيرة أزمة مالية فاقمها وباء كورونا، وتحقق العدالة الاجتماعية المرجوة.

ولتزيين نموذجه، يقول زعيم الحركة اليمينية الوسطية “كرياندو أوبورتونيداديس” (خلق فرص) والمعروفة ب”كريو” إن مشاريع اليسار المجتمعية لم تعد لا ناجعة ولا فعالة، ويوحي بأنها بارت وأصابها الكساد.

وليأتي بالبديل من الأفكار والإيديولوجيات، أسس المصرفي السابق الحركة السياسية المذكورة في عام 2012 ليجعل منها مطيته نحو القصر الرئاسي، إلا أنه سيخسر في انتخابات 2013 أمام اليساري رافاييل كوريا، الذي لم يكن بحاجة إلى أكثر من جولة واحدة ليحسم فيها السباق الانتخابي.

خسارته لم تكن لتثنيه عن الترشح ثانية في انتخابات 2017 والتي عبر فيها إلى الجولة الثانية قبل أن يهزم بفارق 3ر2 بالمائة من الأصوات أمام لينين مورينو، الرئيس الحالي الذي كان يقدم نفسه على أنه وريث كوريا (2007-2017) قبل أن يختلف معه بعد مرور فترة وجيزة.

فشله في الوصول إلى أعلى هرم في السلطة في مناسبتين يرى فيه مكسبا سياسيا، ويقول إنه مكنه من الاقتراب أكثر من الناس والاضطلاع أكثر على حاجياتهم، وربما ستكون هذه آخر محاولة له كما يؤكد هو نفسه بسبب تقدمه في العمر.

يقول لاسو، في هذا الصدد، “لأكثر من عشر سنوات، أعددت نفسي لأكون رئيسا للإكوادور. زرت جميع أنحاء البلاد وتحدثت مع المواطنين ووقفت على مشاكلهم واحتياجاتهم”، وحل هذه المشاكل يحتاج، برأيه، إلى الوحدة والتصويت له لتخليص البلاد مما ابتليت به من أزمات.

هذه الدعوة الصريحة جددها أول أمس الخميس في ختام حملته الانتخابية بغواياكيل، مسقط رأسه ومعقله السياسي، إذ اعتبر أن “الإكوادور بحاجة إلينا جميعا لمواجهة المستقبل بعزم وإرادة”، وأنه يسعى من وراء ترشحه وفوزه بالانتخابات إلى “توظيف خبرته لبناء مستقبل مزدهر يسع جميع الإكوادوريين” لتجاوز “أكبر أزمة صحية واقتصادية وأمنية” تعيشها البلاد.

على الجانب المقابل، يوجد أندريس أراوز، تلميذ رافاييل كوريا الشاب، الذي يجر وراءه مسيرة أكاديمية ملفتة للنظر كخبير اقتصادي وموظف عمومي أيضا، ويخوض الانتخابات لتوطيد الإرث الذي خلفه الرئيس اليساري الأسبق كوريا.

ويبدو المرشح البالغ من العمر 36 سنة منتشيا بنسبة الاكوادوريين الذين استطاع استمالتهم خلال الجولة الأولى ويرى فيها “انتصارا كبيرا” لاقتراحاته، كما أكد أن القضاء سيراجع، في حال فوزه بالانتخابات، القضايا التي يتابع فيها كوريا ليكون بمقدوره العودة إلى البلاد وقريبا منه يستشيره في أمور إدارة البلاد.

الرئيس الأسبق، الذي يواجه حكما بالسجن 8 سنوات في قضية فساد ينفي ارتكابها ويتحدث عن اضطهاد سياسي، اعتبر أن البلد الجنوب أمريكي سيستأنف “مسيرته على درب الازدهار” بفوز أراوس، الذي كشف أن أولى مهامه ستكون تأسيس “تكتل تاريخي جديد” لتوحيد القوى الاجتماعية والإنتاجية في البلاد بغية حل الأزمة الاقتصادية الصحية، التي ستخلفها حكومة لينين مورينو.

فخلال تجمع انتخابي بالعاصمة كيتو اختتم به حملته الانتخابية، قال مرشح ائتلاف “اتحاد الأمل” إنه واثق من فوزه بالانتخابات الرئاسية، وأشار إلى أنه “لم يتبق سوى القليل (…) وسنكون قادرين على استعادة كرامتنا”.

وبغض النظر عن الخلافات الإيديولوجية، فإن الرئيس المقبل للإكوادور سيتولى مهامه في ظل أزمة اقتصادية وصحية تستوجب بلورة نموذج للحكم يخلص الإكوادور من تداعياتها، ويضمن حياة كريمة للإكوادوريين.