آخر الأخبار
تدبير الخطارات بتنجداد يتم وفق منظومة من الأعراف والقيم تقوم على المقاربة التشاركية (باحث)

تدبير الخطارات بتنجداد يتم وفق منظومة من الأعراف والقيم تقوم على المقاربة التشاركية (باحث)

الجمعة, 5 يونيو, 2015 - 11:20

(أجرى الحديث علي الحسني العلوي)

الرشيدية- قال الباحث في التراث عمر حمداوي إن تدبير الخطارات بواحة فركلى بمنطقة تنجداد (80 كلم عن الرشيدية) يتم وفق منظومة من الأعراف والقيم تقوم على المقاربة التشاركية.

وأوضح حمداوي، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء بمناسبة اليوم العالمي للبيئة (5 يونيو)، أنه فضلا عن طابعها الاقتصادي، فالخطارات بالمنطقة، التي تفترض وجود محيط اجتماعي وطبيعي يرتبط بمنظومة من الأعراف والقيم، تستند إلى دينامية جماعية ينخرط بموجبها جميع ذوي الحقوق في سيرورة واحدة ، مضيفا أنه نظرا لأهمية هذه الخطارات ودورها المحوري في حياة السكان المحليين الذين يعتمدون في اقتصادهم اليومي على الفلاحة، يتم تحديد طاقم خاص يسهر على تدبير وتسيير شؤون كل خطارة، “لقطع الطريق أمام النزاعات والخلافات وكل ما من شأنه التأثير على الأعراف والقوانين المنظمة لتوزيع المياه”.
ويتألف هذا الطاقم من “شيخ” الخطارة وهو “العقل المدبر والمرجع الأساسي لحل النزاعات التي قد تطرأ بين الفلاحين داخل حدود الخطارة التي يتزعمها، سواء تعلق الأمر بالنزاعات حول الماء أو حول الأرض، ويشترط في هذا الشخص عدة مواصفات منها أن يكون مالكا لجزء مهم من الماء والأرض داخل الخطارة، وأن يتصف بالنزاهة والشرف، وأن يحظى بقبول واسع من معظم فلاحي الخطارة”.
أما “الرفادة” فهم ممثلو المشاركين في الخطارة، توكل إليهم مهمة جمع المستحقات والواجبات التي تفرض على عموم الفلاحين “والسهر على صرفها لتغطية أعمال الصيانة التي تخص خطارتهم، يعقدون اجتماعاتهم تحت رئاسة شيخ الخطارة بمنزل هذا الأخير بصفة دورية لدراسة الأوضاع الحالية والمستقبلية للخطارة، والخروج بقرارات جماعية تهم سيرها”.
وبخصوص المكلف ب”الطاسة” فغالبا ما كانت تسند هذه المهمة لبواب القصر أو أحد الأشخاص الموثوق فيهم، يحرص على وضع “الطاسة” في مكان يعرف نشاطا وحركية واضحين بالنظر لأهميته في تحديد حقوق مياه السقي، حيث يتوافد عليه بعض الفلاحين أو أبناؤهم لمراقبة حقوقهم من الماء، كما يأتي إليه البعض الآخر لانتظار حلول دوره من السقي.
ويتم استغلال مياه هذه الخطارات على حسب مساهمة الفرد في حفر القناة، فحيث أن عدد السكان كان في البداية قليلا جدا فإن نصيب الأفراد يكون بين يوم ونصف يوم وربع يوم، إلا أنه ومع النمو الديموغرافي للسكان الذي نتج عنه تقسيم حقوق الماء بين الورثة، أصبح الحديث عن الحصص بالنسبة لبعض المالكين بالدقائق وليس بالساعات.
وتتراوح الدورة السقوية للخطارة بين ستة وثمانية أيام، يتم التناوب خلالها بين حصة في الليل وأخرى في النهار، وتعرف هذه الأيام بين أوساط الفلاحين بأسماء قدماء المشاركين الذين ساهموا في حفر الخطارة.
ولضبط صرف الماء وفي ظل غياب الساعات الحديثة (اليدوية والحائطية…) أقام السكان المحليون عدة مكاييل ومقاييس منها الاعتماد على ظل الشمس ومواقع النجوم ومجموعة من العلامات المتفق عليها بين الفلاحين، إلا أن الوسيلة الأكثر استعمالا وشهرة في مختلف مناطق الواحة مع العلم أن مدتها الزمنية تختلف من منطقة إلى أخرى، هي “الطاسة” أو “الطويسة” (تاناست بالأمازيغية) وهي “ساعة مائية على شكل نصف كرة معدنية، بها ثقب دقيق في قعره. ويحاط بالثقب قطعة سميكة من النحاس تحميه من التوسع بفعل تسرب المياه عبره أو من أي تدخل خارجي… فتوضع فارغة في مرجل من الماء، أكبر منها حجما، ليتسرب إليها الماء حتى تمتلئ في مدة معينة”.
ويكون المشاركون في الخطارة مطالبين بصيانتها وتنظيفها من الأوحال التي تتكون بفعل تراكم الزوابع الرملية والكتل الطينية، وتسمى عملية التنظيف هاته والتي تستغرق عدة أيام بـ “الجهارة” وهي من الأعمال الجماعية التي يشارك فيها الفلاحون بصفة شخصية أو بالنيابة، وتجرى عملية الجهارة ثلاث مرات تقريبا في السنة، خاصة خلال فترة الصيف التي يقل فيها منسوب المياه، أما في حالة الطوارئ كانهيار جزء من الخطارة في مكان ما، مما يؤدي إلى توقف جريان الماء أو تلوثه بشكل كبير، فإن جميع المستفيدين يسارعون إلى عين المكان لإزالة الأوحال في أقرب وقت ممكن.
غير انه وبعد عقود من العطاء، يبرز حمداوي، أصبحت بعض الخطارات بواحة فركلى تعيش وضعية مقلقة بفعل التغيرات المناخية والتحولات السوسيو-الثقافية التي تعرفها المنطقة، فيما بعضها الآخر يقاوم من أجل البقاء وهوما يستدعي تضافر الجهود لتجاوزها أو تقليص حدتها على الأقل.
أما مشكل صيانة الخطارات، وهو إزالة الأوحال والكتل الطينية التي تتشكل بفعل الانهيارات مما يؤدي إلى توقف جريان المياه، فقد بات من أبرز المشاكل بحكم تراجع دور المؤسسات التقليدية وعلى رأسها “الجماعة” التي لم تعد لها السلطة الفعلية في الضغط على المتخلفين عن العمل الجماعي، وإجبارهم على الامتثال للأعراف المعمول بها في السابق الأمر الذي يثير خلافات بين المشاركين في الخطارة.
كما أن غياب دورات تكوينية وزيارات تحسيسية للفلاحين، في إطار توجيههم لحسن استغلال المياه الجوفية والحفاظ عليها رغم وجود العديد من الجمعيات التنموية والفلاحية، الدور الكبير في تعميق اشكالية تدبير الموارد المائية وعقلنة استعمالها.
وأكد حمداوي أن منطقة تافيلالت عموما وواحة فركلى بالخصوص تعرف أنظمة جيدة في مجال الري وأن الظروف المناخية والطبيعية الصعبة التي تعرفها المنطقة جعلتها تصنف ضمن المناطق الجافة التي تتميز بندرة الموارد المائية مما يستدعي أمام هذه الوضعية بذل المزيد من الجهود من أجل البحث عن الوسائل الكفيلة بتحسين وترشيد تدبير الموارد المائية وكذا صيانة أنظمة الري التقليدية.
ودعا الباحث، في هذا الاطار، كافة المعنيين والفاعلين إلى ضرورة النهوض بالخطارات ، وذلك من خلال تقوية ما تبقى منها وتتبع مسارها عن كثب، لما لها من دور فعال في تنشيط الحركة الاقتصادية على المستوى المحلي، أما الخطارات المتوقفة عن العمل التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ، فإن رد الاعتبار لها يكمن في العمل من أجل استثمارها في السياحة البيئية التي من شأنها خلق حركية اقتصادية مهمة.
وخلص الفاعل الجمعوي الى أن اندثار خطارة واحدة، عدا كونه خسارة لهذا التراث الإنساني، يرهن أيضا مصير جزء مهم من الاستغلال الفلاحي، ويؤثر سلبا في المنظومة البيئية، مادام أن الحفاظ على الظروف الطبيعية والبيئية بهذا الوسط، يتوقف على صمود هذا النظام التقليدي، بما هو مصدر للوجود والحياة، كما ان ذلك يولد بالضرورة انعكاسات اقتصادية واجتماعية على الساكنة التي تضطر، تحت وطأة الفقر، إلى مغادرة مجالها الجغرافي والاجتماعي.

اقرأ أيضا

الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى (العصبة الماسية): العداء المغربي سفيان البقالي يفوز بسباق 3000 م موانع

الأحد, 19 مايو, 2024 في 21:37

فاز البطل العالمي والأولمبي المغربي سفيان البقالي، بسباق 3000 م موانع، ضمن الملتقى الدولي محمد السادس لألعاب القوى رابع محطات العصبة الماسية، التي جرت منافساتها اليوم الأحد، بالملعب الكبير لمراكش.

الدورة 24 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة : تتويج الفيلم الرواندي الطويل “العروس” بالجائزة الكبرى

الأحد, 19 مايو, 2024 في 20:06

أسدل الستار مساء أمس السبت، على الدورة 24 للمهرجان الدولي للسينما الإفريقية بخريبكة، بتتويج الفيلم الرواندي “العروس” لمخرجته مريم بيرارا ، بالجائزة الكبرى في صنف الأفلام الطويلة، “أوسمان صامبين” .

“ديوان أواردز”.. الكفاءات المغربية تحظى بالتكريم في بروكسيل

الأحد, 19 مايو, 2024 في 17:10

تم مساء أمس السبت ببروكسيل، تتويج عدد من الكفاءات البلجيكية-المغربية التي تتألق في مختلف المجالات، وذلك في إطار النسخة الـ 12 من “ديوان أواردز” التي تحتفي بتميز كفاءات الجالية المغربية المقيمة في بلجيكا.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية