تركيا.. الاستثمار الانتخابي للمنجزات وتداعيات الأزمة الاقتصادية يؤطران حملة الاستحقاقات البلدية ل31 مارس

تركيا.. الاستثمار الانتخابي للمنجزات وتداعيات الأزمة الاقتصادية يؤطران حملة الاستحقاقات البلدية ل31 مارس

الخميس, 21 مارس, 2019 - 12:38

(لمياء ضاكة)
إسطنبول – على بعد أقل من أسبوعين على حلول موعد الانتخابات المحلية المزمع تنظيمها بتركيا متم مارس الجاري، الأولى منذ الانتقال للنظام الرئاسي بالبلاد، تحتدم الحملة الانتخابية للأحزاب السياسية، على اختلاف توجهاتها، إدراكا منها أن نتائج هذا الاستحقاق، ستكون بكل تأكيد، حاسمة في تحديد موقعها مجددا داخل المشهد السياسي للبلاد.

ويتنافس في هذه الاستحقاقات 12 حزبا سياسيا، أبرزها الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) وحليفه (الحركة القومية)، وحزب (الشعب الجمهوري)، أهم تشكيلات المعارضة، إلى جانب حزب (الشعوب الديمقراطي)، وحزب (السعادة)، وحزب (اليسار الديمقراطي)، وحزب (الجيد).

فمقابل تطلع حزب (العدالة والتنمية) الحاكم للظفر بالاقتراع المقبل لمواصلة تسيير البلاد، على المستوى المحلي والحكومي والرئاسي، تجتهد أحزاب المعارضة من أجل ضمان حضور أكثر تأثيرا داخل المشهد السياسي، وكسر سلسلة الانتصارات الانتخابية التي حققها الحزب الحاكم منذ 2002.

وتعمل المعارضة بقيادة حزب الشعب الجمهوري، جاهدة على إقناع الناخب التركي بضرورة التغيير، حيث تعتبر هذه الاستحقاقات الفرصة الأمثل ،بل والاخيرة ،لتشكيل، عبر الظفر بأكبر عدد من البلديات، قاعدة انتخابية قوية تعول عليها خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، لاسيما وأنه لا توجد أي استحقاقات انتخابية أخرى مقررة إلى غاية سنة 2023.

الانتخابات البلدية .. استفتاء مصغر على أداء النظام الرئاسي ..

حسب مراقبين للشأن السياسي الداخلي، فإن الأحزاب السياسية التركية تتعاطى مع هذه الاستحقاقات على أنها معركة حقيقة، بل واختبار لمدى تمكن النظام السياسي الجديد من ضبط إيقاع تسيير شؤون الدولة وفق القوانين والأنظمة الجديدة.

ومن المتوقع أن تكون هذه المعركة قوية جدا خاصة في المدن الكبرى، وفي مقدمتها أنقرة وإسطنبول ببعدهما السياسي والاستراتيجي، فحزب (العدالة والتنمية) خسر، في أبريل 2017، الاستفتاء على التعديل الدستوري بهاتين المدينتين (بلغت نسبة التصويت ب”لا” في أنقرة وإسطنبول على التوالي 51,2 و51,4 في المئة)، وبالتالي فإن اشتداد التنافس حاليا يجد تفسيره في اتجاهين متقابلين، يتجلى الأول في مراهنة المعارضة على تكريس نتائج هذا الاستفتاء، والثاني في اجتهاد الحزب الحاكم في استرجاع ثقة الناخب فيهما.

وإذا كانت أهمية هاتين المدينتين، بالنسبة للفاعل السياسي، تتمثل في كون أنقرة هي العاصمة السياسية للدولة، وإسطنبول هي ثقلها الاقتصادي وعمقها التاريخي والرمزي، فإن بعدهما الاستراتيجي يتضح جليا في الصلاحيات السياسية التي يمنحها الدستور التركي للبلديات، وفي حجمها ومقدراتها وكتلتها الناخبة، فعدد سكان مدينة إسطنبول، على سبيل المثال، يتجاوز 15 مليون نسمة، وفاقت ميزانية بلدية إسطنبول الكبرى لسنة 2018، حسب مصادر رسمية، 11 مليار و134 ألف دولار أمريكي، متجاوزة ميزانيات 18 وزارة تركية كل على حدة.

وفي هذا الصدد، يقول  الباحث والمحلل السياسي التركي باكير أتجان، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، إن إسطنبول وأنقرة محسومتان منذ الآن لصالح (العدالة والتنمية)، وإزمير للمعارضة، مسجلا أن مرشح (العدالة والتنمية) بنعلي يلدرم في إسطنبول هو قيادي من العيار الثقيل، إذ يعتبر الرجل الثاني في الدولة ،فهو وزير النقل سابقا ومهندس المشاريع الكبرى، ورئيس الوزراء السابق، ورئيس البرلمان الذي قدم استقالته من أجل الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول.

أما مرشح (العدالة والتنمية) لبلدية أنقرة الكبرى محمد أوز هاسكي، يوضح الباحث التركي، “فهو وزير سابق، خدم مدينة قيصري وترأس بلديتها أربع دورات متتالية استطاع خلالها مراكمة خبرة كبيرة” تجعله من أوفر المرشحين حظوظا لرئاسة البلدية.

وسجل أن مدينة إزمير، تصنف، أيضا، ضمن كبريات المدن التركية المتنافس حولها، غير أنها، في رأيه، محسومة لصالح المعارضة، موضحا أنه “من الناحية الإيديولوجية، هي معقل المعارضة منذ سنين وما تزال وسوف تبقى كذلك، لأن نمط حياة المواطن في هذه المدينة يختلف عن باقي المدن، فهي مدينة ساحلية قريبة من اليونان منفتحة أكثر على أوروبا”.

وأبرز أن “المعارضة تروج لخطاب مفاده أن حزب (العدالة والتنمية)، ذي الخلفية الدينية، لن يصلح لإدارة هذه المدينة، مسجلا أن إزمير لم تجرب حتى الآن الحزب الحاكم، وهي في حاجة إلى مرشح يتمكن من تغيير قناعة الناخب، وهو أمر صعب في الوقت الحالي، وحتى غير ممكن، لا بالنسبة لحزب (العدالة والتنمية) ولا لأي حزب آخر”.

استثمار المنجزات والأزمة الاقتصادية محرك أساسي للمزاج الانتخابي …

من خلال تتبع مجريات الحملة الانتخابية التي بدأت وتيرتها تتسارع مع قرب الموعد الانتخابي، يتضح أن الاحزاب المتنافسة، أغلبية ومعارضة، تراهن على ضمان نسب تصويت متقدمة لتسيير أكبر عدد من البلديات، موظفة لتحقيق ذلك ورقتين اثنتين، تتمثل الأولى في المزاج “المتقلب” للناخب التركي، على اختلاف فئاته، والذي بدأ في التعبير صراحة عن استيائه الكبير من عدم قدرة الحزب الحاكم على الحد من تأثير تداعيات الأزمة الاقتصادية على معيشه اليومي، بما في ذلك انخفاض قيمة الليرة وارتفاع الأسعار والضرائب، ومعدل البطالة، وإدراكه في الآن ذاته لافتقار أحزاب المعارضة لرصيد تدبيري محلي أو برنامج تنموي صلب يشكل بديلا ملائما لحل الأزمة الحالية.

هذا المزاج “المتقلب” تعكسه خلاصات استطلاعات الرأي ،التي تواكب الحملة والتي تؤكد، وإن اختلفت نتائجها لصالح هذا الطرف أو ذاك، على أن الفوز بالانتخابات الحالية لن يكون سهلا أبدا، بالنسبة لكل الأحزاب المشاركة في العملية الانتخابية.

أما الورقة الثانية التي قد تؤثر في اختيارات الناخب، فتتجلى في كون حملة الحزب الحاكم، التي يشارك فيها رئيس الدولة شخصيا، وتجوب خلالها قياداته البلاد طولا وعرضا، تراهن على منطق الاستثمار الانتخابي للإنجازات المحققة، والإقتاع بضرورة ضمان استمراريتها في ظل القيادة الحالية، والتأكيد على أهميتها وتسويقها داخليا وخارجيا، في الوقت الذي يعتمد فيه خطاب المعارضة خلال الحملة على فشل العدالة والتنمية في إيجاد حل للأزمة الاقتصادية “المستفحلة”، وفي تدبير ملفات السياسة الخارجية ذات الإنعكاس المباشر على الوضع الداخلي، ولعل أبرزها ملف اللاجئين وكلفة تدبير الأزمة السورية، والعلاقة المتذبذبة مع الولايات المتحدة وروسيا.

في هذا الصدد، أوضح الأستاذ أتجان أنه لا يمكن بتاتا إنكار أن الأزمة أثرت بالفعل على شعبية الحزب الحاكم، ومع ذلك فأحزاب المعارضة لم تقدم برامج وخطط وتدابير اقتصادية لكي تكون هي البديل.

بدورهم، يعتبر مهتمون بالشأن المحلي أن اختيار الناخب سيتجاوز جودة الخدمات الأولية المقدمة على مستوى البلدية من إنارة ونظافة ومصالح إدارية، إلى قضايا أعمق تتعلق، أساسا، بمكافحة الفساد والأمن وتحسين الوضعية الاقتصادية وفقا للتوجهات السياسية الحزبية.

أما عن إقبال الناخب على صناديق الاقتراع، فتوقع الباحث في العلاقات الدولية في مركز “سيتا” التركي، محمود الرنتيسي، في مقال نشرته صحيفة “ترك بريس” أن ترتفع نسبة العزوف خلال هذه الانتخابات، وذلك لسببين، حدد الأول منهما “في تزايد العمليات الانتخابية منذ سنة 2014 سواء الاستفتاء أو الانتخابات البلدية أو البرلمانية أو الرئاسية، حيث جرت في هذا الوقت الضيق 8 استحقاقات انتخابية”.

وأوضح أن السبب الثاني يعود للتحالفات الانتخابية التي تحدث لأول مرة بهذا الشكل التي من شأنها خلق نوع من الضبابية لدى الناخب، لافتا إلى أن استطلاعات الرأي التي أجريت خلال الأسابيع الأخيرة، كشفت أن نسبة العزوف قد تصل إلى 20 بالمئة.

ومن المؤكد أن نسبة مشاركة الكتلة الناخبة، التي تبلغ 57 مليون ناخب، ستتحدد انطلاقا من عدة عوامل، أبرزها السرعة النهائية للمرشحين خلال هذه الفترة المتبقية من الحملة، والتي من شأنها إقناع الناخب يتحديد اختياره، ومن تم بالتوجه إلى صناديق الاقتراع.

هو إذن سباق انتخابي محموم برهانات سياسية تتجاوز بعده المحلي، فالحزب الحاكم يطمح إلى تأكيد ريادته السياسية في البلاد وإضافة فوز آخر إلى رصيد انتصاراته الانتخابية منذ 16 سنة، فيما تعتبرها المعارضة فرصتها المواتية لتدارك اخفاقاتها السابقة والاستعداد للاستحقاقات المقبلة.

اقرأ أيضا

المعرض الدولي “Gitex Africa Morocco” يجسد ريادة المغرب في المجال الرقمي والابتكار التكنولوجي

الخميس, 28 مارس, 2024 في 20:20

تنعقد الدورة الثانية من المعرض الدولي “جيتكس أفريقيا المغرب/Gitex Africa Morocco”، تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، خلال الفترة من 29 إلى 31 ماي 2024 بمراكش، وتحت إشراف وزارة الإنتقال الرقمي وإصلاح الإدارة وبشراكة مع وكالة التنمية الرقمية، وذلك تجسيدا لريادة المغرب في المجال الرقمي والابتكار التكنولوجي.

استئناف الحوار الاجتماعي يؤكد رغبة الحكومة في التوصل إلى حلول لدعم الطبقة الشغيلة (بايتاس)

الخميس, 28 مارس, 2024 في 17:10

قال الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، اليوم الخميس، إن استئناف جولات الحوار الاجتماعي يؤكد رغبة الحكومة في التوصل إلى حلول لدعم الطبقة الشغيلة.

الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري تدعو إلى صون حق المواطن في مضامين إعلامية يقظة وآمنة (بلاغ)

الخميس, 28 مارس, 2024 في 16:40

دعت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري إلى صون حق المواطن في مضامين إعلامية يقظة وآمنة، وذلك على خلفية قضية “اختلاق جريمة وهمية وبث معلومات زائفة” في برنامج إذاعي.