تركيا: حزب العدالة والتنمية يستعد للانتخابات التشريعية 2015 من أجل إرساء نظام رئاسي

– بقلم خالد أبو شكري –

إسطنبول – يشهد حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم خلال الأيام العشر المقبلة “إعادة ترتيب” حقيقية لتعيين زعيمه المقبل المدعو في الآن ذاته لقيادة الحكومة بعد تولي رئيس الوزراء الحالي رجب طيب أردوغان رئاسة البلاد، موجها بوصلته نحو الانتخابات التشريعية لسنة 2015.

ويشهد الحزب، القوة السياسية الأولى في البلاد منذ 2002، إعادة هيكلة كلية من أجل الاستعداد، على المدى القصير وبنفس روح المنتصر، لاقتراع يونيو المقبل للحصول على ثلثي المقاعد (367 على 550) بالجمعية الوطنية (البرلمان) والاستناد بالتالي إلى أغلبية مريحة لوضع دستور جديد.

ويرغب أردوغان، الذي تولى السلطة لأطول مدة منذ مؤسس الجمهورية مصطفى كمال أتاتورك، بالأساس أن يكون جزءا لا يتجزأ من السلطة التنفيذية.

ولذلك فان أردوغان لن يكتفي بمنصب بروتوكولي ، وإنما سيمارس جميع السلطات المرتبطة بوظيفته في احترام تام للدستور، كما أكد ذلك في خطابه الأول بعد انتخابه رئيسا (10 غشت الجاري)، معلنا بوضوح رغبته في الاحتفاظ بالسلطة.

وأشار إلى أن الانتخابات الرئاسية شكلت “مرحلة أخرى ونقطة انطلاق لتركيا جديدة يريدها الشعب” و”ينبغي بالتالي الاستعداد (انتخابات 2015) لتحقيق هذا الهدف”.

ولا يبدو أن رئيس الوزراء المقبل، والمحتمل أن يكون قائد الدبلوماسية التركية أحمد داوود أوغلو “أحد أوفى الأوفياء لأردوغان” الذي يعود له الفضل في دعم التنمية الاقتصادية لبلاده بتنمية البلدان الشريكة الجديدة، خاصة في إفريقيا، سيكون مجرد أداة “لسد الفراغ” أو “مؤقتة”.

وسيكون بعد غد الخميس المرحلة الأولى للعشرية الحاسمة للتغييرات مع اجتماع اللجنة التنفيذية للحزب لتعيين قائده الجديد قبل انعقاد المؤتمر الاستثنائي يوم 27 غشت الجاري.

ولن تكون الطريق أمام القائد الجديد للحزب مفروشة بالورود بل ستكون على عاتقه مهمة حاسمة تتمثل في قيادة الحزب للانتخابات التشريعية التي تعد حاسمة بالنسبة للرئيس الجديد الراغب في تعزيز صلاحيات وظيفته والتحول نحو نظام رئاسي، خاصة أن محاولات سابقة، خاصة في 2013، لتعديل القانون الأساسي، باءت جميعها بالفشل نتيجة عدم التوافق مع حزب آخر.

ويعتبر المحللون السياسيون الأتراك أن أردوغان، الذي حقق الانتصار في تسع انتخابات منذ 2002 وخرج سليما من فضيحة الفساد السياسي والمالي ل 2013 “سياسي حكيم ولن يرتكب أخطاء قد تفشل حساباته ترقبا للانتخابات البرلمانية”، كما نقلت ذلك يومية (يني صافاك) عن يالسن أكدوغان أحد المستشارين المقربين من أردوغان.

وأضاف أكدوغان أنه بمجرد تعيينه “سنقف جميعا وراء القائد الجديد” من أجل انطلاقة جديدة لتحقيق الأهداف و”سنعيش سنواتنا الذهبية بين 2015 و2019″.

وستواجه القيادة الجديدة لحزب العدالة والتنمية تحديات جديدة تتمثل أساسا في تعبئة قاعدتها الانتخابية وبالخصوص عدم إظهار علامات الضعف، ارتباطا بالقبضة الحديدية التي حكم بها أردوغان البلاد خلال 11 سنة رغم احتجاجات السنوات الأخيرة.

ولذلك تتوقع صحيفة (أكسم) أن يتم ضخ دماء جديدة في الحكومة المقبلة، مع رحيل كبار أسماء السلطة التنفيذية الذين سيستوفون قبل الاقتراع المقبل ولاياتهم البرلمانية الثلاث، ومنهم نواب رئيس الوزراء بولنت أرينج وبصير أتالاي وعلي باباكان، والوزراء عمر جليك (الثقافة والسياحة) وتانير يلديز (الطاقة والموارد الطبيعية)، وفاروق جليك (الشغل والضمان الاجتماعي)، ومهدي إيكر (الفلاحة)، وحياتي يازيجي (الجمارك والتجارة)، احتراما للقانون الداخلي للحزب الحاكم منذ 2002 الذي يفرض مغادرة الحكومة بعد ثلاث ولايات.

ورغم ذلك، قد يخلق الرئيس المنتهية ولايته عبد الله غول، أحد مؤسسي الحزب والذي أعلن عن عودته إليه بعد انتهاء ولايته الرئاسية في 28 غشت الجاري المفاجأة ويتسلم من جديد في 2015 منصب رئيس الوزراء لذي شغله مسبقا بين نونبر 2002 ومارس 2003 قبل أن يفسح الطريق لأردوغان.

وأي هزيمة مفترضة للقائد الجديد للحزب خلال الانتخابات التشريعية القادمة ستفتح الباب على مصراعيه أمام غول الذي كان ملزما بالتخلي عن عضويته في البرلمان منذ 2007 للقطع مع أي ولاء حزبي كما ينص على ذلك القانون التركي لدخول القصر الرئاسي، من أجل تولي منصب رئيس الوزراء مرة أخرى.