تنبيت وزراعة الشعر.. صناعة تساهم في إنعاش السياحة التركية

إعداد خالد أبو شكري

اسطنبول – في ساحة تقسيم الرمزية التي تقع على الجانب الأوروبي لإسطنبول، يتجمع عدد من الشباب خلال هذه الفترة الخريفية ،التي تتسم بتوافد منقطع النظير للسياح، لعرض خدماتهم على الزبناء الذين يعانون من مرض الثعلبة (الصلع) والذين يفدون على ميدان تقسيم للاستمتاع بأشعة الشمس أو “قتل الوقت” خلال فترة النقاهة التي ينتهزونها لزيارة المتاحف والأماكن التاريخية.

وقد أضحت عملية تنبيت وزراعة الشعر في السنوات الأخيرة إحدى الصناعات التي تشهد انتعاشا قويا بتركيا ،بسبب “تكلفتها المنخفضة نسبيا” مقارنة بدول أخرى ،و”الجودة العالية” للمنتجات ،إضافة إلى اعتمادها على آليات وتقنيات متطورة.

وتتم في هذا السياق الاستعانة بتقنية أخذ البصيلات الشعرية التي تقوم على استخراج البصيلات الشعرية من الجهة الخلفية للرأس ووضعها في المنطقة التي تعاني من الصلع، للحصول على نتيجة جيدة.

وبحسب الإحصائيات التي أفادت بها الجمعية الدولية لجراحات استعادة الشعر، فإن أكثر من 20 الف سائح قدموا إلى تركيا لاستفادة من هذه الخدمة ،مما در على البلاد مداخيل فاقت 250 مليون دولار، أي ما يناهز ربع الحصة العالمية من صناعة تنبيت وزرع الشعر.

ويوجد بمدينة إسطنبول لوحدها أزيد من 250 مركزا لتنبيت وزارعة الشعر ،ضمنها عيادات ومستشفيات تقوم بمختلف العمليات الخاصة بتلقيح  الشعر والتخلص من الصلع أو زراعة الذقن والشارب.

ومقارنة بالعديد من الدول الأوروبية ،فإن الأسعار المتعامل بها  بتركيا هي أقل بنسبة 60 في المائة، مما يشجع ويحفز السياح الذين يتوافدون على هذه الساحة التاريخية لتجريب حظهم والاستمتاع في نفس الوقت بروعة وجمالية المكان.

ويمكن اعتبار هذه الأسعار مناسبة وتنافسية للغاية بالنظر إلى كونها تشمل بالإضافة إلى العلاج من الصلع ،حزمة من الخدمات الأخرى ،كالإقامة والنقل من وإلى المطار وخدمة الترجمة.

وبالنظر إلى كون مواطني 70 بلدا لا يحتاجون إلى الحصول على تأشيرة لدخول تركيا ووضع شبكات التواصل الاجتماعي رهن إشارة الوافدين لتسهيل التواصل وتقديم النصائح العملية مع تقييم أولي لتكاليف وسير عملية تنبيت زرع الشعر، فإن العملية برمتها تتم في مدة زمنية سريعة.

وفي الواقع، أضحت تركيا قبلة للراغبين في إجراء عمليات تنبيت وزرع الشعر في ظل الإقبال الكبير عليها من قبل مواطني البلدان العربية والأوروبية بخاصة .

فوزي، مواطن ثلاثيني قدم من لبنان بعدما ربط الاتصال بطبيب عبر البريد الإلكتروني وأرسل صورته قصد إخضاعها للتقييم الأولي، ويسعى إلى التخلص من مشكل يلازمه طول الوقت يتمثل في ارتداء القبعة صيفا وشتاء.

وقال فوزي إنه يتوخى من خلال إجراء عملية زراعة الشعر استعادة “عمره الحقيقي” خاصة أنه ينوي عقد قرانه في الربيع المقبل ويريد الاحتفال بزواجه في المكان الذي يروق له.

وبحسب معهد الإحصاءات التركي ،فقد بلغ عدد الزوار الذين قدموا إلى تركيا لإجراء عمليات جراحية لتنبيت وزراعة الشعر ،وكذا إجراء عمليات شفط الدهون، وبعض العلاجات الأخرى المتعلقة بتخصصات طب العظام والأسنان وطب العيون أو بغرض العلاج من الأورام ،حوالي نصف مليون شخص.

وأفاد المدير العام للنهوض بالصحة بوزارة الصحة التركية، أومير تونتوس، بأنه تم إجراء أزيد من 200 عملية لزراعة الشعر بشكل يومي بالبلاد في عام 2016 ، مما يحتم على بلاده بذل المزيد من الجهود لتثمين هذا المنتوج، وجعل تركيا بلدا رائدا على مستوى العالم في مجال تنبيت وزراعة الشعر.

واعتبر المسؤول التركي أن الهدف لا يتمثل فقط في جعل البلد يحتل مكانة متميزة ضمن الخريطة العالمية لتنبيت زراعة الشعر، وإنما أن يصبح أيضا “علامة” ومركزا للسياحة الطبية بالنسبة لأوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا الوسطى وروسيا.

وترى مؤسسة استراتيجيات الصحة والسياسات الاجتماعية بتركيا أن هذا النشاط يدر أرباحا جيدة ويساهم في النهوض بالاقتصاد المحلي ،مع العلم  أن الزوار الأجانب القادمين إلى البلاد من أجل السياحة الصحية ينفقون ما يقرب من 10 أضعاف ما ينفقه أولئك القادمون من أجل قضاء العطل.