جنوب إفريقيا.. جاكوب زوما يسعى لتلميع صورته بعد الانتقادات القوية لأسلوب إدارته لشؤون البلاد

(عبد الغني عويفية )

جوهانسبورغ – لم يجد رئيس جنوب إفريقيا جاكوب زوما، الذي تطاله انتقادات من جميع الأطراف حول أسلوب إدارته لشؤون بلاد تعيش وضعية أزمة، أفضل من أن ينسب فشله إلى المؤامرات السياسية التي تسعى، برأيه، إلى زعزعة استقرار حكومته.
ومارس رئيس جنوب إفريقيا، في نهاية الأسبوع الماضي، العلاقات العامة بامتياز، من خلال مضاعفة المقابلات الإعلامية من أجل تلميع صورة يبدو أنها شوهت إلى الأبد.
وفي هذه الخرجات، أكد زوما أن ردود الفعل على قراره إقالة وزير المالية نلانلا نيني في دجنبر الماضي تمت المبالغة فيها وأن القرار لا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يفسر انخفاض قيمة العملة الوطنية والخسائر التي لحقت ببورصة جوهانسبورغ.
ولم يساعد ذلك في تجميل صورة الرئيس الذي صار ينظر إليه الآن كمسؤول بعيد عن واقع الدولة التي أضرت بها أزمة حادة تتطلب تسويتها حسا قياديا وبعد نظر.
واغتمنت المعارضة، بقيادة حزب التحالف الديمقراطي، الفرصة للتلويح بتقديم ملتمس رقابة ضد الرئيس، متهمة إياه بالإساءة لشعب جنوب إفريقيا بإصداره لمثل هذه التصريحات.
وأثارت إقالة وزير المالية السابق واستبداله بنائب مغمور في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، موجة غير مسبوقة من السخط ليضطر زوما بعد ذلك للاستعانة ببرافين غوردان، الإسم الوازن في حزب المؤتمر الوطني الافريقي الذي سير نفس الوزارة حتى عام 2009.
وكانت لإقالة نيني تأثير الزلزال في السوق المالية بجنوب إفريقيا التي سجلت خسائر تقدر بأكثر من 11 مليار دولار.
وفي الوقت نفسه، سجلت العملة الوطنية (الراند) هبوطا خطيرا وفقدت أكثر من 10 في المئة من قيمتها مقابل الدولار، ولازال تراجعها يتواصل ، مما ينبئ بمضاعفة المتاعب الاقتصادية والاجتماعية لهذه الدولة التي أنهكتها أزمة خطيرة متعددة الأبعاد.
وتدل تصريحات زوما على نقص عميق في فهم كيفية عمل الأسواق المالية وبناء الثقة بين الحكومات والجهات المانحة، بحسب نيك بوران المستشار ببنك “بي إن بي باريبا” في جنوب إفريقيا .
وفي الوقت الراهن، فإن التصنيف السيادي مهدد بشدة جراء الأزمة، الأمر الذي يلحق ضررا بالغا بصورة البلاد لدى المؤسسات الاقتصادية والمالية والمستثمرين.
وتتزايد خطورة الوضع من الناحية السياسية، إذ أن حزب المؤتمر الوطني الافريقي سيكون مضطرا هذه السنة لمواجهة انتخابات محلية تبدو صعبة بالنسبة له.
ويرتقب أن يجري الاقتراع، المتوقع خلال النصف الأول من عام 2016، على خلفية سخط متزايد لدى ساكنة تمسها البطالة ، بالاضافة الى اتساع الفوارق الاجتماعية.
وتشير الصحافة المحلية إلى أن أكثر من 200 ألف شخص وقعوا عرائض عبر الأنترنت تدعو لرحيل الرئيس زوما، في حين كشف استطلاع حديث للرأي أن 66 في المئة من سكان جنوب إفريقيا البالغين سن التصويت فقدوا الثقة في زوما، بعد أن كان هذا المعدل نحو 37 في المئة منذ أربع سنوات.
وقالت مؤسسة (أفروبارومتر) التي أنجزت الاستطلاع إن رئيس جنوب إفريقيا متهم بالتجاهل المتعمد للبرلمان والعدالة، دون أن تقيس تأثير تراجع شعبية زوما على حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الأسطوري الذي يعد أقدم قوة سياسية في القارة الأفريقية .
وفاز حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، الذي احتفل بالذكرى 104 لتأسيسه في الأسبوع الماضي، في جميع الانتخابات التشريعية والبلدية التي جرت في جنوب إفريقيا منذ انتهاء نظام الفصل العنصري في عام 1994.
ومع ذلك، فإن اتهامات سوء تدبير شؤون الدولة الموجهة لزوما قد تفقد الحزب ما يناهز 10 في المئة من الأصوات في الانتخابات البلدية هذا العام.
ويرى فان شتادين، المحلل السياسي الجنوب إفريقي، أن النكسات التي تعرض لها زوما تكشف النقاب عن أزمة قيادة داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، معتبرا أن قادة الحزب يتوقعون خسائر في هذه الانتخابات خاصة في المدن الكبرى، بما فيها جوهانسبرغ وبريتوريا.
ورغم هذا الوضع غير المريح، يبدو زوما، من خلال مقابلات يوم الأحد، عازما على مواصلة أداء مهامه كرئيس حتى نهاية ولايته المرتقبة في 2019، إلا أن الاحتفاظ به رهين بالدعم الذي يستند إليه داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.
ويؤكد سوزان بويسون، أستاذ العلوم السياسية في معهد الحكامة التابع لجامعة ويتواترسراند أن الحزب مهدد بعواقب فشل زوما في الإقرار بأخطائه.
وفي مقابلاته الإعلامية، رفض الرئيس الاعتذار بعد الفضيحة التي رافقت إقالة وزير المالية السابق، حسب الخبير الذي لم يستبعد وجود توجه داخل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي نحو ترك زوما لمصيره قبل تحريك مسار خلافته.