رئاسيات كولومبيا .. غوستافو بترو المتمرد السابق الذي يحلم بتولي رئاسة الجمهورية

(بقلم: محمد بنمسعود)

بوغوتا – من الممكن أن يصبح المتمرد السابق، غوستافو بترو، المرشح للانتخابات الرئاسية الكولومبية عن حزب الحركة اليسارية “كولومبيا الانسانية”، رئيسا مقبلا للبلد الجنوب أمريكي.

ويطمح المرشح المنهزم في الجولة الأولى من انتخابات 2010 بعد حصوله على 13ر10 في المائة من أصوات الناخبين، أمام الرئيس الحالي خوان مانويل سانتوس (وسط اليمين) ومرشح الحزب الأخضر، أنتاناس موكوس، عمدة بوغوتا السابق (2012-2015)، إلى تحقيق حلم طالما راوده، ويتعلق الأمر بأن يكون أول رئيس يساري لبلد أشرف اليمين تاريخيا على قيادته.

وترجح مختلف استطلاعات الرأي منذ مارس الماضي فوز بترو في الجولة الاولى من رئاسيات كولومبيا التي ستشهدها البلاد يوم الأحد القادم، إلى جانب مرشح اليمين ايفان دوكي الذي يتصدر نوايا التصويت بفارق ما بين 9 و10 نقاط مئوية أمام المرشح اليساري.

وإذا ما تحققت توقعات استطلاعات الرأي، سينجح كل من بترو ودوكي في تجاوز الجولة الأولى من هذه الاستحقاقات، التي يشارك فيها أربعة مرشحين آخرين.

ومن المتوقع أن يكون بترو (58 عاما) أول مرشح يساري ينجح في تخطي الجولة الأولى من الرئاسيات الكولومبية، وسيتعلق الأمر بسابقة في بلاد دأبت على التصويت لليمين وتكبدت نتائج أزيد من 50 عاما من العنف المسلح الذي خاضه متمردون ينتمون لليسار.

ورأى بترو، وهو أب لستة أطفال، النور في العام 1960 ببلدة فقيرة بقرطبة المطلة على الكاريبي، قبل أن ينتقل للاستقرار مع والديه في زيباكيرا (40 كلم شمال بوغوتا). وحينما كان يبلغ من العمر 17 عاما فقط، انخرط هذا “المتمرد منذ نعومة أظافره”، كما كتبت أسبوعية “لا سيمانا”، في صفوف تنظيم “حركة 19 أبريل” التي تشكلت سنة 1970 عقب عملية تزوير الانتخابات التي حرمت الجنرال غوستافو روخاس بينيا من الفوز بالانتخابات الرئاسية.

وبعد اتهامه بحمل السلاح، سيقضي الشاب غوستافو، الذي درس بالإعدادية ذاتها التي درس بها الحائز على جائزة نوبل للآداب، غابرييل غارسيا ماركيز، بزيباكيرا، عقوبة سجنية بين أكتوبر 1985 وفبراير 1987 وسيتعرض لتعذيب فظيع قال إنه صفح عن من ارتكبوه في حقه.

وقد لعب بترو، الذي كان ينتمي بحسب معارفه للجناح السياسي ل “حركة 19 أبريل” ولم يتورط في أعمال مسلحة، دورا كبيرا في تفكيك هذه الجماعة المسلحة سنة 1990.

ويرى العديد من رفاقه، أن الامر يتعلق بمناضل راهن دائما على السلام وقبل بالجلوس على مائدة واحدة مع الحكومة للتفاوض حول حل الحركة المتمردة.

وينتقد خصومه بشدة حصيلته المثيرة للجدل على رأس عمودية بوغوتا (2012-2016) التي غادرها بنسبة معارضة بلغت 71 في المائة.

وفي المقابل، يدافع أنصاره عن جهوده على رأس عمودية العاصمة، ويوردون على سبيل المثال عددا من الإجراءات التي اتخذها، منها على الخصوص، نموذج مجانية الولوج إلى الماء بالنسبة للفئات الفقيرة ومكافحة الجريمة الحضرية، وتخفيض أسعار النقل العمومي، فضلا عن قراره بحظر مصارعة الثيران الذي ألغاه القضاء لاحقا.

واشتهر بترو، الذي نجح في تولي عضوية الكونغرس لولايتين، بتفجيره سنة 2000 لفضيحة “بارابوليتيكا”، التي اتهم وأدين فيها العديد من النواب اليمينيين بجريرة تلقي رشاوي من مجموعات مسلحة.

ويتمحور البرنامج الانتخابي للمرشح اليساري الذي درس الاقتصاد في جامعة اكستيرنادو دي بوغوتا وحصل على ماستر في التنمية والبيئة من الجامعة الكاثوليكية بلوفان البلجيكية، حول تعزيز حماية البيئة واستقلال العدالة ومكافحة الفساد.

كما التزم بتعزيز العدالة الاجتماعية بشكل أكبر، والدفاع عن اتفاقات السلام مع المتمردين وإحداث نظام تربوي مجاني فضلا عن دمقرطة الولوج الى الصحة من خلال تقوية المستشفيات العمومية، في حالة فوزه في الاستحقاقات المقبلة.

ووعد مرشح “كولومبيا الانسانية” أيضا بتشجيع استعمال الطاقات النظيفة.

وبخلاف اتهامات خصومه الذين يؤاخذون عليه تأييد النظامين الكوبي والفنزويلي، يؤكد بترو أنه يرغب في إرساء قواعد جديدة لتشجيع المقاولات الخاصة.

وأفاد بترو بأنه عقد لقاءات مع ممثلي مجلس الهيئات المهنية لكولومبيا وصناديق الاستثمار ووكالات التنقيط  وصندوق النقد الدولي.

وجرت هذه اللقاءات بحسبه في مناخ طبعته الثقة وشملت استقرار السياسة النقدية والبنك المركزي للجمهورية وتدبير القطاع الضريبي.

وبخصوص السيناريوهات التي يتوقعها في حالة فوزه في الجولة الاولى من رئاسيات كولومبيا، يؤكد بترو أنه يعتزم إرساء تحالف مع مرشحي أحزاب وحركات الوسط كسيرخيو فاخاردو المتوقع احتلاله المرتبة الثالثة في هذه الاستحقاقات.

وبعد تجربته التي منيت بالفشل سنة 2010، يبدو أن بترو متفائل هذه المرة بالفوز في مواجهة خصمه ايفان دوكي مرشح حزب الوسط الديمقراطي اليميني.

وفي معرض رده على سؤال صحافي حول ماذا يعتزم القيام به في حالة خسارته في هذه الانتخابات، قال بنبرة الواثق من نفسه إنه “سيكون رئيسا لكولومبيا”.

وبموجب القانون الانتخابي بالبلد الجنوب أمريكي، إذا لم يحرز أي من المرشحين خلال الجولة الأولى من الاقتراع على 50 في المائة من الأصوات زائد صوت واحد، يجري تنظيم جولة ثانية في 17 يونيو يشارك فيها المرشحان الأول والثاني اللذان حصدا أكبر عدد من الأصوات.

وتأتي رئاسيات كولومبيا بعد الانتخابات التشريعية ل 11 مارس الماضي الذي فاز فيها اليمين دون حصوله على الأغلبية.

ومن المقرر أن يغادر الرئيس الحالي خوان مانويل سانتوس سدة الحكم يوم 07 غشت المقبل عقب ولايتين رئاسيتين متتاليتين من أربع سنوات لكل واحدة منهما.