راهول غاندي زعيما لحزب “المؤتمر” .. تطلع نحو العودة إلى قمة المشهد السياسي الهندي بدماء جديدة

                سعد أبو الدهاج

    نيودلهي – يشكل انتخاب راهول غاندي رئيسا جديدا لحزب “المؤتمر” الهندي، الذي يقود قوى المعارضة الوطنية، خطوة مهمة تتطلع من خلالها هذه الهيئة السياسية التاريخية نحو العودة إلى قمة المشهد السياسي للبلاد بدماء جديدة .

    ويعد اختيار راهول غاندي لرئاسة حزب “المؤتمر”، خلفا لوالدته سونيا غاندي التي قادت هذه الهيئة السياسية لمدة 19 سنة، بمثابة الأمل الذي يتشبث به قادة الحزب ومناضلوه من أجل إعادة ترميم معلمة حزبية كبيرة فقدت الكثير من وهجها السياسي ومقوماتها التنظيمية .

    وكما كان متوقعا، لم يواجه راهول غاندي ( 47 سنة)، نائب رئيسة حزب “المؤتمر” منذ سنة 2013 وسليل عائلة “نهرو-غاندي” التاريخية، أي صعوبات من أجل الظفر بهذا المنصب خلال الانتخابات القيادية الأولى التي يجريها الحزب منذ سبع سنوات، والتي تم خلالها التصويت كذلك على تجديد الهياكل والقيادات الحزبية الداخلية.

    ويحظى الرئيس الجديد بدعم قوي من القيادات التاريخية والرئيسية لحزب “المؤتمر”، لاسيما والدته سونيا غاندي، رئيسة الحزب منذ 1998 وزوجة رئيس الوزراء الراحل راجيف غاندي، فضلا عن مانموهان سينغ الوزير الأول السابق وبراناب موخرجي الرئيس الهندي السابق وعدد آخر من أبرز الفاعلين الحزبيين .

    ويعتبر عدد من المراقبين أن راهول غاندي، وهو سادس عضو من عائلة “غاندي” يضطلع بمهام قيادية في حزب “المؤتمر”، سيحمل على عاتقه مهمة صعبة جدا تتمثل في نفض غبار النتائج الانتخابية السلبية التي تكبدها الحزب العريق خلال السنوات الثلاث الأخيرة أمام توهج منافسه التاريخي حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي (الحاكم) في الهند، وزعيمه الوزير الأول الحالي ناريندرا مودي، الذي يتمتع بشعبية جارفة وكاريزما كبيرة في أوساط مختلف فئات الشعب.

    ولم يستطع حزب “المؤتمر” فرض وجوده السياسي والانتخابي، منذ تلقيه لهزيمة ساحقة خلال الانتخابات التشريعية التي جرت في ماي 2014 ، والتي أوصلت خصمه “بهارتيا جاناتا” إلى السلطة بزعامة ناريندرا مودي، الحاكم السابق لولاية غوجارات المزدهرة اقتصاديا .

    وواصل الحزب حصد النتائج السلبية بعدما فقد سيطرته على برلمان ولاية مهاراشترا، التي تضم مدينة مومباي العاصمة الاقتصادية والمركز المالي للهند، والتي شكلت أحد أهم معاقله التاريخية الكبرى، لاسيما بعد أن حكم الولاية خلال الفترة ما بين 2005 و2014، كما تعرض الحزب بعد ذلك لهزيمة نكراء في الانتخابات المحلية لولاية العاصمة نيودلهي، بحلوله في المرتبة الثالثة وحصوله على 30 مقعدا فقط من أصل 272 مقعدا .

    وأمام توالي الخسارات الانتخابية لحزب “المؤتمر”، واستجابة للعديد من الدعوات الصادرة عن شخصيات حزبية وازنة بشأن الشروع في إحداث سلسلة من التغييرات التنظيمية وإعادة الهيكلة وتحديد المسؤولية عن تلك التراجعات، قرر قادة الحزب ضخ دماء جديدة لإرساء دعائم عهد جديد يرتكز على انتخاب قيادات شابة في مقدمتها راهول غاندي، من أجل مواصلة المسيرة السياسية على أساس التشبث بـ “القيم الدستورية والعلمانية والديمقراطية للجمهورية”.

    ولهذا، يتطلع حزب “المؤتمر” الهندي، من خلال تنصيب راهول غاندي، إلى ضخ دماء جديدة وشابة داخل هذه الهيئة السياسية التاريخية، من أجل مواجهة منافسه التاريخي حزب “بهاراتيا جاناتا” القومي الهندوسي، الحاكم في البلاد، خلال الانتخابات التشريعية الاتحادية المقبلة.

    وسيتسلم راهول غاندي رسميا مقاليد الحزب الهندي الكبير في 16 دجنبر الجاري، أي قبل يومين من الانتخابات التشريعية المحلية في ولايتي غوجارات (ذات الأهمية الاستراتيجية) وهيماشال براديش، والتي ستعكس بشكل كبير نتائج انتخابات مجلس النواب الاتحادي (لوك سابها) المرتقب تنظيمها في سنة 2019.

    وكان عضو حزب “المؤتمر”، مولابالي راماشاندران أكد، في تصريح لوسائل إعلام محلية، أمس الاثنين، أن “الأجهزة الحزبية المختصة صادقت على ما مجموعه 89 ورقة ترشيح تدعم راهول غاندي للحصول على منصب الرئاسة، ما يعني أن جميع الوثائق المرتبطة بهذه العملية مطابقة للوائح التنظيم الداخلي للحزب”.

    وأضاف أنه “مع انتهاء الأجل القانوني للانسحاب من الترشيح، ومع وجود مرشح واحد فقط، ووفقا للمادة الثامنة عشر من القانون المنظم للمؤتمر الوطني الهندي، أعلن انتخاب راهول غاندي رئيسا للحزب”.

    يذكر أن أسرة نهرو – غاندي حكمت الهند لأزيد من أربعة عقود، عقب نيل البلاد لاستقلالها عن التاج البريطاني في سنة 1947 .