رمضان في لبنان.. أجواء روحانية بنكهة السياسة

(نور الدين حزمي)

بيروت –  امتزجت الأجواء الرمضانية الروحانية في لبنان هذه السنة بنكهة السياسة مع ترقب اللبنانيين لما ستسفر عنه مشاورات سعد الحريري الذي كلفه رئيس الدولة بتشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات النيابية التي أجريت مؤخرا.

فبالإضافة إلى ما يتميز به الشعب اللبناني في هذا الشهر الفضيل من اهتمام كبير بالأيتام، حيث يشد انتباه المتجول في شوارع بيروت أو غيرها من المدن اللبنانية أشكال الاحتفال بالأيتام والمنافسة بين مؤسسات المجتمع المدني والمؤسسات الدينية في تقديم الخدمات لليتيم، والعناية به، والدعوة إلى تفضيله في زكاة الفطر، فإن اللبنانيين منشغلون بهموم السياسة ومتابعون للفصول الأخيرة من تشكيل حكومة الحريري.

وفي هذا السياق، اعتبر مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان في رسالة إلى اللبنانيين، بمناسبة شهر رمضان المبارك، أن “لبنان خرج من انتخابات نيابية، زادت من النزاعات بين الناس، وأنتجت حالات من القطيعة والمماحكات التي لا ينبغي أن تبقى، لقد نجح من نجح، وعلى الجميع التوجه للخدمة الوطنية، ولتشكيل حكومة قادرة على أداء الخدمات للمواطنين، وإنفاذ المشروع النهضوي الإصلاحي، الذي على أساسه انعقدت المؤتمرات الدولية لمساعدة لبنان”.

وأشار دريان إلى أن لبنان لا يحكم إلا بالتوافق والتعاون، ومهما اختلفت الرؤى السياسية، فإن مستقبل لبنان الواعد، هو ما يجب النظر إليه، ودعا القوى السياسية جميعا، إلى “التعالي وتغليب المصلحة الوطنية على ما دونها، في ظل الوضع الإقليمي والدولي المتأزم”، لأن لبنان “يستحق من الجميع التنازلات المتبادلة لبناء الدولة على أسس متينة لا تشوبها شائبة”.

ويبدو الشارع اللبناني، وبالرغم من غلبة الاهتمامات السياسية، روحانيا مع موائد الإفطار الجماعي، وحركة إقبال الصائمين على اقتناء المواد الغذائية التي تزين مائدة الإفطار اللبنانية، مثل الفتوش (خضار مشكلة مع خبز محمص…)، و”أنواع الشوربة والكبدة، والتبولة (طماطم مع بقدونيس)، وأنواع المشروبات مثل الجلاب (عصير من التمر…).

ويبقى الى جانب هذا وذاك لرمضان متعه الروحية والاجتماعية والثقافية، حيث للسهر في رمضان ببيروت، بعد أداء صلاة التراويح، أصوله أيضا، إذ تزدحم المقاهي، التي تجتهد في تقديم أفضل منتوجاتها الرمضانية قبل الإفطار وبعده، وتمثل فضاء لاستكمال النقاشات المستفيضة حول أجواء تشكيل الحكومة المرتقبة، بينما تحضر الموسيقى والمواد الثقافية بقوة في ليالي السمر، تتوسطها الة العود.

وما يلفت الأنظار أيضا في بيروت خلال هذا الشهر الفضيل هو “القرية الرمضانية” التي تقيمها مؤسسة خيرية بشراكة مع عدة متطوعين “من كل الفئات والمذاهب”، خدمة للصائم وعنوانا بارزا للتراحم والتعايش، بينما تتوالى على مدى الشهر الفضيل اللقاءات الاحتفائية بما يسمى “ليالي رمضان” التي تنظم بمختلف المدن وتلتقي فيها روحانيات الشهر بالتوجه لإحياء ثقافة البلد الأصيلة وتقاليدها التراثية المتوارثة.