سانتياغو.. عاصمة لاتينية تناجي شموخ جبال الأنديز

(بقلم: هشام الأكحل)

سانتياغو – ببناياتها الحديثة وجمالية مناظرها الطبيعة وروعة هندستها المعمارية ومعالمها التاريخية،تنبري العاصمة الشيلية سانتياغو كواحدة من أبرز مدن أمريكا اللاتينية التي تناجي شموخ جبال الانديز، أطول سلسلة جبلية في العالم، تمتد لمسافة تقارب 7000 كلم على طول الساحل الغربي للقارة الأمريكية الجنوبية.

جمالية هذه المدينة التي تأسست سنة 1541 على يد الإسبان تكاد تتراءى في كل شيء، فهي المدينة التي لا يمل المرء من تأملها لتعدد زوايا المشاهدة، إذ أنه يمكن لعشاق رؤية الاشياء من أعلى الاستمتاع بالقيام بجولة على متن طائرة مروحية تحلق بالسائح فوق أهم المعالم التاريخية والحديثة للمدينة.

كما أن سانتياغو التي تقع وسط الشيلي وتحيط بها من جهة، سلسلة جبال “الأنديز” ومن جهة أخرى، جبال ساحلية، ويخترقها نهر “مابوتشي” من شرقها إلى غربها، هي واحدة من مدن أمريكا اللاتينية التي استطاعت أن تواكب عصرها بما استجد في مجال العمران، خاصة ذلك المضاد للزلازل مادات البلاد مهددة بوقوع هزات أرضية باستمرار.

فلا غرو إذن، أن ينبهر زائر سانتياغو بذلك التناغم/التباين الحاصل بين مباني تناجي السحب وأخرى عريقة تحكي قصص الماضي وتاريخ هذه المدينة البالغ تعداد ساكنتها نحو سبعة ملايين نسمة، من أصل ساكنة إجمالية تقدر ب 17 مليون نسمة.

ومن أبرز معالم العاصمة الشيلية هناك أعلى ناطحة سحاب بأمريكا اللاتينية، والتي ترتفع بنحو 300 متر. وبدأ تشييدها سنة 2006 ليتم تدشينها سنة 2014، و يمكن لزائر  هذا “البرج الكبير” لسانتياغو (غران طوري) أن يصعد إلى الطابق ال 62 في ظرف 45 ثانية حيث سيكون بوسعه حينها الاستمتاع بمشهد بانورامي مفتوح بمقدار 360 درجة، لتبدو تحته العمارات صغيرة الأحجام، بينما تظل جبال الأنديز، مهما علت ناطحات السحاب، شامخة مزهوة لاسيما عندما تكون مكسوة بالثلوج التي تزيدها روعة وبهاء.

بهذا البرج يوجد مركب “كوستانيرا سينتير” الذي يضم مركزا تجاريا هو الأكبر من نوعه على مستوى القارة، بالاضافة إلى فندقين وعدد كبير من المكاتب، ويرتاد البرج يوميا ما يناهز ربع مليون شخص.

ولمن لا يحب صعود الأبراج، فعلى أرض سانتياغو ما يستحق الزيارة كقصر “لا مونيدا” مثلا حيث يوجد مكتب رئيس البلاد وعدد من مكاتب سامي المسؤولين الحكوميين.

لكن هذا القصر الذي تطلب بناؤه أزيد من عقدين من الزمن، من 1784 إلى 1805 شهد واحدة من أكثر الأحداث المؤلمة في تاريخ البلاد عندما وجهت إليه قوات بينوتشي نيرانها خلال الانقلاب الذي قاده الرئيس الأسبق سنة 1973، قبل أن يعاد بناؤه كما كان في سابق عهده.

وتعج مدينة سانتياغو التي تضم عشرات الجامعات بالمعالم التاريخية من بينها “سييرو سانتا لوسيا”، وهي تلة تقع على ارتفاع 630 مترا و تمتد على مساحة إجمالية تقدر ب 65 ألف و 300 متر مربع، وتعتبر واحدة من المنتزهات العمومية الأكثر رمزية واستقطابا للزوار بالمدينة.

أما المسرح البلدي لسانتياغو، الذي صمم على الطراز الفرنسي الكلاسيكي الجديد فيعد “جوهرة معمارية” تم تدشينها في شتنبر 1857، في قلب العاصمة الشيلية ليكون صرحا فنيا يعكس الاهتمام الذي يوليه البلد الجنوب أمريكي لأبي الفنون.

ولهذا المسرح “حكاية صمود” تمتد لأزيد من قرن ونصف أمام الحرائق والزلازل، أكثرها شدة زلزال سنة 2010، الذي بلغت قوته 8ر8 درجات على سلم ريشتر.

زيارة سانتياغو لا تكتمل إلا بولوج متحف فن ما قبل كولومبوس إحدى المعالم البارزة للثقافة والفنون بأمريكا اللاتينية، الذي يضم مجموعة من الأعمال الفنية التي تحيل على ثقافة مختلف شعوب المنطقة منذ آلاف السنين.

يصعب حصر لائحة المعالم التي يمكن زيارتها في مدينة شيلية مثل سانتياغو، كمنتزه “فوريستال” وحي “فييا فيستا” وساحة “بلازا دي أرماس” وسط المدينة و “لا تشاسكونا” (منزل الشاعر الشيلي بابلو نيرودا) وتلة “سان كريستوبال” وغير ذلك من المعالم التي حافظت على عراقتها لتجاور بنايات حديثة وناطحات سحاب أدخلت سانتياغو ضمن نادي المدن التي اختارت أن تواكب عصرها متحدية كابوس الزلازل والهزات الارضية.