سكان كوبنهاغن يقولون وداعا لحافلات ” 5 أ ” الأسطورية

حسين ميموني

كوبنهاغن- أخذ سكان كوبنهاغن وقتا، في بداية الأسبوع الجاري، للتأكد من أنهم سيأخذون الاتجاه الصحيح، حيث تقدم حافلات جديدة كبيرة وجذابة خدماتها لهم، بدلا من حافلات ” 5 أ ” الأسطورية، المعروفة بألوانها الباهتة بفعل عمرها ومظهرها الخارجي.

وقد قامت حافلات ” 5 أ “، التي تعتبر تراثا متحركا في العاصمة كوبنهاغن، وشكلت عنصرا لا محيد عنه في حياتهم، وعلى مدى عقود، بنقل الملايين من الركاب، قبل أن تسلم المشعل لحافلات ” 5 سي “، الحديثة والأطول والتي توفر الراحة للركاب، وهي مكسوة باللونين الأخضر والأزرق البنفسجي.

وبالتأكيد لم تتغير الطريق على طول هذا المسار الذي يعبر كوبنهاغن من منطقة “هوسوم تورف” إلى “سوندبيفيستير”، مع ربط بخط للترامواي يعود إلى سنة 1903.

ولن تكون الطريق أكثر نزهة على طول المسار المألوف لحافلات ” 5 أ “، المتأثرة بانبعاثاتها، بحيث تم تجهيز الحافلات الجديدة بمصفاة خاصة لتكون أكثر احتراما للبيئة.

ومن غير المرجح، في بلد يعتبر فيه الحفاظ على البيئة كمبدأ مقدس، أن يشعر الركاب بالحنين إلى خط “5 أ”، الأكثر استعمالا في هذا البلد الاسكندنافي، ولو أنه قام بنقل 20 مليون مسافر خلال سنة 2016، أي أقل بنحو 6.6 مليون عن العدد الإجمالي للركاب الذين استعملوا مطار كوبنهاغن خلال الفترة ذاتها.

ويبدو أن مستعملي هذه الحافلات، في مدينة صغيرة نسبيا مثل كوبنهاغن (500 ألف نسمة)، لن يشعروا بفقدان حافلة كانت مثار انتقادات لتأثيرها على البيئة، لا سيما أن نظام النقل العمومي في العاصمة الدنماركية يتسم بالفعالية والأمان ويوفر الراحة لمستعمليه.

ويمكن استعمال أغلب التذاكر في جميع وسائل النقل العمومي داخل المدينة والمنطقة المحيطة بها (قطارات الأنفاق والحافلات والقطارات والعبارات).

ويعمل نظام النقل في جميع الأيام (ليل نهار) وبدون انقطاع، وذلك بفضل الخدمات الليلية للحافلات وقطارات الأنفاق والقطارات.

وكانت بلدية كوبنهاغن قد دقت ناقوس الخطر في بداية مارس الماضي، حول الحافلات التي تنبعث منها كمية كبيرة من الغازات العادمة، مثلما هو الأمر بالنسبة لحافلات ” 5 أ ” وغيرها.

“ومع ذلك، فإننا نفتقد لحافلات “5 أ” المتوفية”، تقول “ميت” التي أصبحت تستقل حافلات “5 سي” الجديدة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفة “هناك دائما بعض الحنين إلى الماضي”.

فهل هذا يعني أنها لا تحب الحافلات الجديدة؟، “بعيدا عن ذلك”، تجيب ميت مع ابتسامة على محياها، “نحن في حاجة إلى بعض الوقت للتأقلم مع الوضع الجديد، فقد كنا معتادين على بعض ردود الفعل والآن هناك ضرورة للتغيير”.

والواقع أن الحافلات الجديدة، الطويلة بأكثر من خمسة أمتار عن سابقاتها، تعمل بدون انبعاثات ثاني أوكسيد الكاربون وتستخدم الغاز الحيوي.

ويمكن لركاب “5 سي” الجديدة، وقدرتها الاستيعابية نحو 147 راكبا، أي أكثر بنحو 82 مقارنة مع الحافلات القديمة، استخدام الأبواب الخمسة للدخول والخروج من الحافلة، التي توفر خدماتها 24 ساعة/24 ساعة مع ذهاب وإياب لثماني مرات خلال ساعات الذروة.

البدايات تكون دائما صعبة، فلم يتوقف سائق الحافلة الجديدة بالإشارة مرارا وتكرارا، على طول المسار، إلى المسافرين بالابتعاد عن الأبواب الأوتوماتيكية والتي، إذا لم تغلق بشكل صحيح، فإن “5 سي” لا يمكنها أن تستأنف مسارها.

كما تمت تعبئة مستخدمين لدى الشركة المفوضة على متن الحافلات لتذكير الركاب ببعض القواعد الأساسية المتعلقة بالسلامة واحترام أولوية المقاعد لذوي الاحتياجات الخاصة وكبار السن، وعملية فتح الأبواب.

ومع اقترابها من وجهتها في ساعة الذروة، قالت شابة لصديقها، الذي كان يستعد للنزول في المحطة الموالية، وكأنها تجيبه بلمسة من الفكاهة : “لطالما قمت بقضاء وقت الطريق بين الركاب وعربات الأطفال”!.

وفي الوقت الذي تبدو فيه ردود الفعل على هذا التغيير في البدء متنوعة، لم تجد يومية “بوليتيكن”، في تحية لحافلات “5 أ”، أفضل من نشر قصيدة غنائية بقلم الشاعر والكاتب كلوس هوكسبرو، وهو من سكان كوبنهاغن، حيث ودع الحافلة ب”مشي الحلزون”.