عبد الكريم بناني.. رجل دولة كبير في جلباب فاعل مدني متطوع

عبد الكريم بناني.. رجل دولة كبير في جلباب فاعل مدني متطوع

الخميس, 26 يناير, 2023 - 11:19

(عبد اللطيف أبي القاسم)

الرباط –  يعد عبد الكريم بناني، رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، واحدا من أبرز الفاعلين في المجال الجمعوي بالمغرب حيث اختط لنفسه مسارا طويلا في خدمة بلده سيما من باب العمل التطوعي الذي أرسى أسسه رفقة عدد من مجايليه في سنوات الثمانينيات من القرن الماضي.

وشكلت جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة التي أسسها بناني، الذي تم تكريمه أمس الأربعاء بالمكتبة الوطنية للمملكة المغربية، في إطار فعاليات الاحتفاء بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، تجربة رائدة في العمل التطوعي بالمملكة تعكس من خلال غزارة ونوعية الأنشطة التي قدمتها طيلة سنوات من العمل الجاد والمثمر، القدرات القيادية المتميزة وخصال الكفاءة المهنية والإنسانية التي يتمتع بناني.

ولعل الشهادات التي تم تقديمها اليوم في حفل تكريم بناني تعكس بجلاء أن الأمر يتعلق “بتجربة متفردة في ثقافة التطوع والعطاء الإنساني اللامحدود للرجل”، وتحيل على أن السيد بناني “مناضل جمعوي وفاعل ميداني كانت حياته مسارا متواصلا من العطاء”.

تجليات هذه “التجربة المتفردة” تكشفها بحسب من عايشوا الرجل وأرسوا معه أولى لبنات جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، أعماله وعلاقاته وموسوعيته الفكرية وجهوده وانفتاحه على الآخر، تماما مثلما تكشفها النتائج التي حققها في إطار جهده الموصول سيما في خدمة الرباط عاصمة المملكة ومدينة الأنوار.

ولأن لكل امرئ من اسمه نصيبا، فإن عبد الكريم، وبحسب من عايشوه دائما، يعد رجل كرم بامتياز، فهو وإن كان لا يحب الأضواء، إلا أن “أياديه البيضاء كثيرة”، و”الخدمات الإنسانية التي لم يكن يتردد في الاستجابة لتقديمها كل ما تم اللجوء إليه، عديدة”، بحسب ما قدمته مديرة معهد كونفوشيوس التابع لجامعة محمد الخامس بالرباط، كريمة اليتربي، في شهادتها في حق المحتفى به.

الخصال الإنسانية لبناني أيضا عديدة أيضا. فالرجل يتميز بتواضع جم ويستقبل محادثيه بابتسامة دائمة، ويتسم بالهدوء في الحوار والجدية في التعامل والأمانة وروح المسؤولية والالتزام ونكران الذات. ولذلك لم يكن غريبا أن يتكرر الاحتفاء بهذه الخصال في كلمات كل من تعاقبوا على تقديم في شهادات في حقه في حفل الأربعاء.

على أن بناني نفسه أبان عن هذا التواضع الجم وهو يصعد إلى منصة الحفل بخطى هادئة تقودها سنواته التي تتجاوز الثمانين (من مواليد 1940)، ليلقي كلمته. “التربية التي تلقيتها لا تسمح لي بالحديث عن نفسي” يقول بناني بصوت حان هو الذي فضل أن يحتفي بالحضور الذي قدم من كل جهات المملكة لحضور حفل تكريمي طال انتظاره لا لشيء إلا لأن الرجل هو من ظل يرفض أن يتم تكريمه وانخرط عوضا عن ذلك في تنظيم والإشراف على تكريمات للآخرين.

تستحضر كريمة اليتربي في هذا الإطار أمرا طالما تكرر معها بمعية بناني. “لطالما كنا نراه في معارض الكتاب التي نحضرها يقف في الطابور منتظرا دوره لاقتناء كتاب. وفي كل مرة نقترح عليه أن يعفي نفسه من عناء الوقوف والانتظار بملل، كان يجيب بالرفض ويقول بدارجة مغربية: (بحالي بحال الناس)”.

وفي واقع الأمر، فإن هذه الشخصية الفريدة لبناني تنهل خصوصيتها من الوسط الذي ترعرع فيه. يقول مصطفى الجوهري، نائب رئيس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة، إن بناني، وهو من مواليد العاصمة الرباط، تعلم القيم والوطنية على يد رواد الحركة الوطنية حيث استفاد بشكل مبكر من تأطير شخصيات من قبيل عثمان جوريو وعبد الكريم الفلوس وغيرهم ممن كان لهم دور بارز في صناعة شخصية وطنية بحجم بناني.

الفضل يعود أيضا لوالدي بناني. فالرجل الذي باغتته العبرة وهو على المنصة حين استحضر ذكراهما وجهودهما الكبيرة في تربيته هو وإخوته، لم ينس فضلهما عليه. وحرص على استحضار بيت شعري طالما ردده والده على سمعه منذ صباه. “كن ابن من شئت واكتسب أدبا.. يغنيك محموده عن النسب.. إن الفتى من يقول هأنذا.. ليس الفتى من يقول كان أبي”.

لم يقل بناني على المنصة “هأنذا” تباهيا وافتخارا، وإنما تحدثت عن ذلك منجزاته الكبيرة التي تم استحضارها بالمناسبة سيما في مجال التطوع الذي “عمل على تنزيل قيمه بالمملكة وشكل واحدا من رواده”. فالرجل انخرط مبكرا في تأسيس النوادي الجمعوية بالمملكة. وهو اليوم، إلى جانب رئاسته لجمعية رباط الفتح، يعد رئيس رابطة الجمعيات الجهوية التي تضم 21 جمعية، والتي جدد من خلالها مقاربة العمل الجمعوي من باب المساهمة في تقوية العمل التنموي المشترك والترافع لفائدة دور المجتمع المدني في التنمية العامة الشاملة.

وبالفعل، وبحسب ما ورد في الشهادات المحتفية ببناني، فإن جمعية رباط الفتح للتنمية المستدامة تعد “قوة اقتراحية تفيد العمل الحكومي” سيما في الدفاع عن القضايا الوطنية، وفي خدمة مدينة الرباط معماريا وثقافيا وبيئيا، مستفيدة من ذلك من القدرات التدبيرية لرئيسها، خريج كلية الحقوق، ولحكامته في إطار مختلف المسؤوليات التي تحملها.

وعلى ذكر المسؤوليات التي تحملها، لا يتردد بناني في التأكيد على الفوائد الجمة التي جناها بفضل الثقة التي حظي بها من طرف جلالة المغفور له الملك الحسن الثاني، وجلالة الملك محمد السادس. يقول بناني إن “الله أكرمني بخدمة ملكين عظيمين”، وهي الخدمة التي “كانت لي باختصار مدرسة تعلمت فيها شروط الحياة”.

وبالحديث عن مدينة الرباط، فإن بناني قد ارتبط بها عاطفيا ووجدانيا بحكم النشأة والأصل، أولا، ثم بحكم البذل والعطاء ثانيا. “لقد جعل من همومها البيئية والاقتصادية جزءا من العمل اليومي لجمعية لرباط الفتح للتنمية المستدامة”، يقول الجوهري، فيما يضيف الوزير الأسبق فتح الله ولعلو، أن بناني “الذي أحب أن أدعوه ب(ولد الناس)”، كان “مدافعا قويا عن الرباط وخصوصياتها وعطاءاتها. وسيكون سعيدا اليوم بما وصلت إليه سيما بفضل برنامج الرباط مدينة الأنوار الذي أطلقه جلالة الملك محمد السادس”.

ولعل من أبرز ما يشهد على الدور الذي يضطلع به السيد عبد الكريم بناني على رأس جمعية رباط الفتح للتنمية المستديمة هو اختياره من طرف مجلة (ذي نيوز أفريكا) كواحد من 100 شخصية رائدة في إفريقيا لسنة 2022.

ليس غريبا إذن أن يتم الاحتفاء بالسيد عبد الكريم بناني، تزامنا مع الاحتفاء بالرباط عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي. فالنتائج التي حققها في إطار عمله الجمعوي الموصول “تتحدث عن نفسها، وتحكي قصة طويلة لرجل دولة كبير في جلباب فاعل مدني متطوع”.

اقرأ أيضا

بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الأخضر

الخميس, 28 مارس, 2024 في 10:36

استهلت بورصة الدار البيضاء تداولاتها اليوم الخميس على وقع الأخضر.

الاقتصاد الأزرق بالمغرب.. وزارة الاقتصاد والمالية والبنك الدولي يقدمان حصيلة مهمة الإشراف الرابعة

الخميس, 28 مارس, 2024 في 0:01

قدمت وزارة الاقتصاد والمالية والبنك الدولي حصيلة مهمة الإشراف الرابعة، التي تم تنفيذها من 26 فبراير إلى 8 مارس 2024، في إطار برنامج النتائج “تنمية الاقتصاد الأزرق في المغرب” بقيمة 350 مليون دولار.

تقديم الكتاب الأبيض حول رقمنة وتقاسم المعطيات الصحية بالمغرب

الأربعاء, 27 مارس, 2024 في 22:55

جرى، اليوم الأربعاء بالرباط، تقديم الكتاب الأبيض حول “رقمنة ومشاركة معطيات الصحة بالمغرب.. الواقع والفرص والرهانات”، وذلك خلال لقاء نظم برئاسة جامعة محمد الخامس.