قضية نكاندلا .. الجدل يحتدم بجنوب إفريقيا

(بقلم: عبد الغني عويفية)

جوهانسبورغ-بعد أربعة أيام من إصدار المحكمة الدستورية ل”حكم تاريخي” ضد رئيس البلاد جاكوب زوما والضغط يتزايد والخناق يشتد على المؤتمر الوطني الإفريقي لدفع زوما إلى التنحي.

وهكذا، وبمجرد إقرار المحكمة انتهاك زوما للدستور على خلفية الفضيحة المتعلقة بتجديد إقامته الخاصة في مقاطعة نكاندلا في كوازولو ناتال، أضحى يمثل عائقا حقيقيا أمام الحزب الذي تسلم قيادته منذ 2009 . وارتفعت أصوات قدماء الحزب، بمن فيهم رفاق لنيلسون مانديلا، للمطالبة برحيل زوما، ومنهم أحمد كاترادا، رفيق نيلسون مانديلا في الكفاح ضد الفصل العنصري وفي الاعتقال بسجنه الشهير بروبن أيلند، والذي أصدر رسالة مفتوحة للرئيس زوما تدعوه إلى التسليم لإرادة الشعب ومغادرة منصبه، مبرزا أن الفضائح التي تورط فيها تمس بشكل خطير بصورة المؤتمر الوطني الإفريقي.

وبهذا الموقف ينضم كاترادا إلى صف الانتقادات التي تستهدف رئيس جنوب إفريقيا والمطالبة برحيله، إلى جانب النقابة الجنوب إفريقية للدفاع التي اعتبرت أنه إثر قرار المحكمة الدستورية، لم يعد زوما مؤهلا لممارسة مهامه كرئيس أركان للقوات المسلحة للبلاد.

وقال الأمين الوطني للنقابة جي جي كريف إنه من المثير للاحتقار أن يقوم، الرئيس، بصفته رئيس أركان الجيش، بانتهاك الدستور، مؤكدا أن قضية نكاندلا تمثل تهديدا حقيقيا للقيم الديمقراطية التي تسعى جنوب إفريقيا لتقويتها منذ تحررها من نظام الفصل العنصري في 1994.

وأكدت النقابة أنها تدعم أي عمل جماعي أو أي وسيلة أخرى شرعية تتوخى الإطاحة بزوما من منصبه كرئيس.

وتأتي هذه الدعوات لإقالة زوما، إثر القرار الصادر عن المحكمة الدستورية الذي اعتبر أن زوما (75 سنة) لم يحترم القانون الأساسي برفضه سداد تكاليف تجديد إقامته الخاصة للدولة.

وانتهى زوما، الذي طالما نفى أي خروقات في التمويل العمومي لهذه الأشغال الذي يقدر ب16 مليون دولار، إلى الاعتذار الجمعة الماضية عن لجوئه للمال العام، مقرا أيضا بارتكابه خطأ دستوريا.

كما وعد بالامتثال لقرار المحكمة الدستورية وسداد التكاليف التي صرفت لأغراض شخصية.

ولم تفلح هذه الاعتذارات في تهدئة التوتر الذي فاقم الضغوط على حزب المؤتمر الوطني الإفريقي.

وأمام هذه الضغوط، لا يزال قادة الحزب يمنحون دعمهم للرئيس على الأقل أمام العموم، مبرزين أن الدعوات لرحيله بمثابة دعوة لتفكيك الحزب.

واضطر الحزب، أمام تنامي الدعوات لرحيل زوما، إلى الدعوة اليوم الاثنين لاجتماع لجنته الوطنية التنفيذية، التي تعد هيئة اتخاذ القرار في الحزب.

كما سيلتئم الفريق البرلماني للحزب غدا الثلاثاء لتدارس تداعيات حكم المحكمة الدستورية.

وفي هذه الأثناء، قدمت المعارضة، التي يقودها التحالف الديمقراطي، ملتمسا لحجب الثقة عن الرئيس زوما أمام البرلمان.

ولا يتوقع أن تتم المصادقة على الملتمس، الذي سيناقش غدا الثلاثاء أمام البرلمان، في ظل هيمنة حزب المؤتمر الوطني الإفريقي على المؤسسة التشريعية، إلا أن تكثيف الحملة ضد زوما سيشجع معارضي الرئيس داخل حزبه على التشبث بمواقفهم ضده.

ويواصل الحزب تمرير صورة الحزب القوي والموحد إزاء هذه الموجة غير المسبوقة من الانتقادات، إلا أن المحللين يعتبرون أن حزب مانديلا انكسر وإلى الأبد.

وتعد هذه المرة الأولى التي يحسب فيها على الحزب ككيان أنه انتهك الدستور الذي جاء بعد مسيرة طويلة وشاقة من أجل الديمقراطية والحرية.