كيغالي.. مدينة ناشئة بين أحضان المدن الإفريقية الكبرى

كيغالي.. مدينة ناشئة بين أحضان المدن الإفريقية الكبرى

الأربعاء, 19 أكتوبر, 2016 - 11:43

 

                                             (عبد الغني عويفية)

   كيغالي –  تشهد العاصمة الرواندية، كيغالي، التي تشكل المحطة الأولى ضمن جولة بدأها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، أمس الثلاثاء، وستقود جلالته أيضا إلى جمهوريتي تنزانينا وإثيوبيا، في ظل السنوات الأخيرة ازدهارا اقتصاديا ملحوظا جعل منها دولة ناشئة ينتظرها مستقبل واعد.

   فبين أحضان مئات الهضاب المخضرة، ترمز مدينة كيغالي، بفضل الحيوية الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها، إلى نهضة رواندا التي تواصل مسيرتها بثقة من أجل غد مزدهر ومستقر.

   وتقدم كيغالي، التي كانت مسرحا لإبادة مروعة قبل 20 سنة تقريبا، بساكنتها الشابة والدينامية (حوالي مليون نسمة) وأحيائها النظيفة وتقاليد الضيافة المميزة لها وخدماتها البارزة وبنياتها التحتية السائرة في طريق التنمية، صورة المدينة التي تسعى إلى فرض نفسها بين كبريات المدن الإفريقية كالدار البيضاء وجوهانسبورغ ونيروبي والقاهرة، إذ لا يتوانى الروانديون، بافتخار، مقارنة مدينتهم بسنغافورة.

   ولم يكن بمحض الصدفة أن تعلن الأمم المتحدة سنة 2015 كيغالي أنظف مدينة في القارة الإفريقية. وتواصل هذه المدينة الواقعة على ارتفاع يفوق 1400 متر والتي تعرف بهضابها الإفريقية العليا، مسيرتها بهدوء وبسياسة تنموية لم تترك مجالا للصدفة.

   ففي هذه المدينة يتم احترام كافة شروط التنمية المستدامة بشكل كامل في إطار مجهود جماعي ومواطن منقطع النظير، يجعل منها واجهة مضيئة لرواندا جديدة.

  وينخرط في هذا المجهود الوطني والصادق السلطات المحلية والسكان لجعل هذه المدينة نافذة لرواندا التي تعتبر نموذجا للتنمية الاقتصادية والمصالحة الوطنية.

   ومما يثير الانتباه كيفية احترام المكون البيئي وفق خطة تنمية هذه العاصمة الإفريقية، والذي يؤكد كل ما يقال عنها في التقارير الدولية.

   ورغم العدد الكبير للهضاب اللامنتهية والممتدة في الأفق، فإن شوارعها وأزقتها في غاية النظافة. كما أن الأكياس البلاستيكية التي تشكل أكبر تهديد للبيئة، على سبيل المثال، ممنوعة منذ سنة 2006 بكيغالي وفي جميع أنحاء البلاد. وتم استبدالها بأكياس ورقية قابلة للتحلل.

   ويعتبر الأمن، وهو شرط ضروري لأي تنمية اقتصادية أو إنسانية، مثيرا للانتباه في هذه العاصمة والمركز الاقتصادي والمالي لرواندا.

   ويتجول في المدينة ليلا ونهارا بكل اطمئنان أجانب ومواطنون، ونساء ورجال وشباب وصغار، تحت الأنظار الخفية لرجال الأمن المتواجدين بكل المناطق المرورية والساهرين على الأمن والاطمئنان لإعطاء صورة أصيلة عن مدينة متحضرة، صورة إفريقي كريم وفخور.

   وبعد 22 سنة من تلك الفترة المظلمة، فترة الإبادة الفظيعة لسنة 1994 (أزيد من 800 ألف قتيل)، تواصل كيغالي ومعها رواندا مسيرتها التنموية.

   ويكاد يجمع خبراء الاقتصاد والهيئات الدولية على نجاعة الخيارات الاقتصادية لهذا الشعب الإفريقي الفتي.

   هناك لا محالة عجز كبير ينبغي تداركه في مجال التنمية في هذا البلد الواقع شرق إفريقيا، لكن النتائج التي تم تحقيقها ملموسة وتشهد على التقدم الكبير الذي تحقق في بلد بول كاغام.

   وغداة فترة الإبادة سنة 1994، تجندت السلطات الرواندية التي تتطلع إلى جعل رواندا بلدا ذي دخل متوسط في أفق سنة 2020، حيث وضعت استراتيجية للتنمية مكنت بفضل جدية التفعيل، من مضاعفة الناتج الداخلي الخام لكل نسمة خمس مرات.

   وتم تقليص معدل الفقر بأزيد من 25 في المئة، في الوقت الذي تم فيه امتصاص الفوارق الاجتماعية والتفاوتات بشكل كبير، بحسب ما أكدته المنظمات الدولية، بما فيها البنك الدولي.

   ولتحقيق أهدافها في مجال التنمية، اختارت السلطات الرواندية إجراء تحول عميق من اقتصاد يرتكز أساسا على الفلاحة إلى اقتصاد للخدمات، حيث كان شعار هذا البلد الذي لا يضاهي طموحه سوى رفعة شعبه (التصدير أو الموت).

  وكانت النتائج مبهرة بمعدل نمو اقتصادي سنوي بلغ 8 في المئة، أحد أكبر معدلات النمو ليس فقط في إفريقيا بل في جميع أنحاء العالم.

   وعلى الرغم من ذلك، لا تزال رواندا تواجه تحديات لا تعدو أن تكون سوى انعكاسا للطموحات المشروعة لهذه الأمة الفتية لتحسين شروط عيش أبنائها. وتهم هذه التحديات على الخصوص محاربة الفقر والفوارق الاجتماعية، وهو تحد مشترك لعدد كبير من البلدان الإفريقية.

   ويؤكد عدد من الملاحظين أن هذه التحديات وهذه المشاكل المرتبطة بالتنمية التي ما تزال مطروحة تحمل فرصا لأنها تجعل من رواندا ورشا ديناميا.

   وهكذا، تعتبر قطاعات البنيات التحتية والبناء نموذجا لهذه القطاعات التي يتوفر فيها المستثمرون الأجانب على فرص كبيرة بهذا البلد الذي ما فتئ يواصل تأكيد انفتاحه على القطاع الخاص.

   ومع كل هذه المؤهلات الكبيرة، خاصة نسبة الساكنة النشيطة (حوالي 70 في المئة من الروانديين تقل أعمارهم عن 25 سنة)، يتعين على رواندا أن تواصل طريقها في مصاف كبرى بلدان القارة، لتفرض نفسها كفاعل لا محيد عنه في جميع الجهود الرامية إلى بناء إفريقيا متصالحة ومزدهرة وموحدة.

اقرأ أيضا

صناديق الإيداع والتدبير في المغرب وفرنسا وإيطاليا وتونس تعزز تعاونها استجابة للتحديات الكبرى التي تواجه الحوض المتوسطي

السبت, 4 مايو, 2024 في 11:24

عقد المدراء العامون لصناديق الإيداع والتدبير للمغرب، خاليد سفير، وفرنسا، إيريك لومبار، وإيطاليا، داريو سكانابييكو، وتونس، ناجية الغربي، اجتماعا بمقر صندوق الودائع والقروض الإيطالي بروما، أول أمس الخميس، والذين جددوا خلاله التأكيد على طموحهم المشترك في تحديد الحلول للاستجابة بشكل جماعي للتحديات التي تواجه الحوض المتوسطي.

رؤى متقاطعة حول المساواة والعدالة والاستدامة خلال مهرجان “هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس”

السبت, 4 مايو, 2024 في 10:48

انكب فلاسفة، وكتاب، ورواد أعمال، أمس الجمعة بطنجة، على مناقشة مواضيع مختلفة تتعلق بالمساواة والعدالة والاستدامة، خلال اليوم الأول من مهرجان “هاوس أوف بيوتيفول بيزنيس” (House of Beautiful business Festival).

مطار الداخلة.. ارتفاع حركة النقل الجوي بـ 19 في المئة خلال الربع الأول من سنة 2024

السبت, 4 مايو, 2024 في 10:43

سجل مطار الداخلة، عند متم شهر مارس 2024، ارتفاعا في حركة النقل الجوي بنسبة 19 في المئة مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023، بحسب معطيات للمكتب الوطني للمطارات.