آخر الأخبار
محور الرباط – دكار: تعاون نموذجي

محور الرباط – دكار: تعاون نموذجي

الثلاثاء, 19 مايو, 2015 - 11:41

(بقلم : محمد الناصري)

دكار – يشكل التعاون المغربي السنغالي، القائم على أساس متين من الثقة المتبادلة، نموذجا ناجحا وتجليا بارزا لعلاقة ثنائية ما فتئت تتعزز يوما عن يوم، مستفيدة في ذلك من شراكة وثيقة ومحفزة لإفريقيا متضامنة ومزدهرة على المستوى الاقتصادي.فقد عمل المغرب والسنغال، المعروفان بانخراطهما لفائدة السلام في العالم، على إرساء نموذج شراكة حي وواعد تعود جذوره لزمن بعيد. وقد تم اعتماد هذه الأسس المتينة والمدعمة، منذ البداية، بغرض ضمان استدامة وتوطيد هذا النموذج المعزز بإرادة سياسية واضحة وتقارب في وجهات النظر بخصوص القضايا الدبلوماسية الكبرى.
كما أن مواقف البلدين الشقيقين، في ما يتعلق بالملفات ذات الصلة بالتنمية، تعد متطابقة وتمضي في اتجاه الدفاع عن المصالح الأولوية لإفريقيا في مختلف المحافل الدولية.
وعلى الرغم من أن المغرب والسنغال لا يتوفران على ثروات نفطية، فإنهما قد أفادا من رصيد الثقة الذي يتوفران عليه ليكون لهما حضور وازن على الساحة الإفريقية ويبرزا كفاعلين لامحيد عنهما على المستوى العالمي في ما يتعلق بتدبير القضايا الأكثر إلحاحا، سواء تعلق الأمر بالتغير المناخي أو مكافحة الإرهاب والأمراض الفتاكة.
وإذا كان إرساء العلاقات الدبلوماسية الثنائية يعود إلى سنة 1960، فإن الرباط ودكار كانتا على الدوام داعمتين للقضايا العادلة وعملتا على تنسيق جهودهما لمساعدة الدول الافريقية في إرساء مجتمعات تنعم بالحرية والانعتاق والديمقراطية، وهو ما يعني أن المغرب والسنغال كانا على الدوام يسعيان إلى إشاعة السلم.
وعلى سبيل المثال، فقد تبنت السنغال منذ بدء النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية، موقفا ثابتا وراسخا يقوم على حق المملكة في استكمال وحدتها الترابية، حيث لم يسبق لدكار أن أبدت في أي لحظة أي تحفظ بخصوص دعمها غير المشروط للمملكة في ما يتعلق بمغربية الأقاليم الجنوبية.
وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي، فقد أضحى معروفا وبارزا موقف الدبلوماسية السنغالية الداعم للمبادرة المغربية القاضية بمنح حكم ذاتي موسع للأقاليم الجنوبية. كما أن المغرب، من جهته، جعل السنغال، حليفه الرئيسي، وجهته المفضلة على الساحة الأفريقية.
وتأتي زيارة صاحب الجلالة الملك محمد السادس إلى السنغال ودول إفريقية أخرى، ابتداء من يوم غد الأربعاء، في إطار تمتين العلاقات التاريخية بين المغرب وفضائه الإفريقي الذي بدا دور المملكة فيه بارزا خلال فترة الكفاح لنيل الاستقلال، وهو الدور الذي يواصل اليوم بانخراطها للنهوض بالسلم والتنمية.
وبالفعل فإن الزيارة الملكية تشكل تجسيدا فعليا للانخراط المتعدد الأشكال للمغرب إلى جانب الدول الإفريقية، ذلك أن الدبلوماسية المغربية سطرت لنفسها هدفا استراتيجيا يتمثل في الارتقاء بالتعاون مع دول القارة عبر شراكة حقيقية محفزة على التنمية.
ووفق هذه الرؤية إذن، أضفت الزيارات الملكية المتعددة للبلدان الإفريقية دينامية على العلاقات مع العديد من دول القارة على غرار السنغال، وأعطت دفعة للتعاون جنوب-جنوب الذي جعلت منه المملكة خيارا استراتيجيا.
وفي ما يتعلق بالقضايا ذات الطابع الدولي، فإن الرباط ودكار ما فتئتا تحشدان جهودهما لدعم حق القارة الإفريقية في الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن الدولي، وتعزيز الأمن الغذائي في القارة وردم الهوة الرقمية بين الشمال و الجنوب.
وفي سياق متصل، ظلت المملكة تعبر عن جاهزيتها الدائمة للإسهام في جهود السلام بالمنطقة. فقد سبق لها أن أرسلت في دجنبر 2006، تجريدة من القوات المسلحة الملكية للمشاركة في عملية إزالة الألغام في كازامانس بالسنغال.
كما تندرج الزيارة الملكية إلى دكار في إطار تعزيز انخراط المملكة لفائدة القارة الإفريقية، وهو خيار يمليه التاريخ المشترك والتطلعات المتقاسمة إلى قارة متضامنة توحد جهودها من أجل انتشال الساكنة من المشاكل التي تعانيها وعلى رأسها سوء التغذية.
وفي هذا الإطار، يبرز القرار الوجيه الذي كان جلالة الملك محمد السادس قد أعلن عنه خلال القمة الإفريقية الأوروبية المنعقدة بالقاهرة في أبريل 2000، والمتمثل في إلغاء جميع ديون البلدان الإفريقية الأقل نموا تجاه المملكة.
وعلاوة على الجانب الاقتصادي، فإن الشراكة المغربية السنغالية تستمد غناها أيضا من البعد الثقافي والديني المؤسس للعلاقات الوطيدة التي تجمع الشعبين الشقيقين. وبحسب المؤرخين ، فإن أولى عمليات استقرار الأسر المغربية بالسنغال تعود إلى القرن التاسع عشر. وكما يبرز ذلك المتخصصون في القضايا الإفريقية، فإن المغرب والسنغال مدركان تمام الإدراك بأن العلاقات القوية التي تربطهما يمكن أن تشكل منطلقا لإرساء تعاون أوسع يضم بلدانا أخرى من القارة.
وهكذا، فإن المغرب والسنغال منخرطان لفائدة إفريقيا صاعدة، ويرنوان إلى نظام عالمي جديد يعزز الاندماج الإقليمي، ويحفز الشعور بالانتماء الإفريقي، وتحصين القارة ضد الصدمات الداخلية والخارجية.
والحاصل أن البلدين يقرنان القول بالفعل بما يجعل تحقق هذا الأمل يلوح في الأفق. وهو ما يبرز جليا في التعاون المغربي السنغالي الذي بلغ ذروته، وبات يقدم النموذج عن محور يحفر البعد التضامني القائم على شراكة حقيقية ماضية نحو المستقبل بخطى واثقة.

اقرأ أيضا

نصف ماراطون جاكرتا للإناث: المغرب يسيطر على منصة التتويج

الأحد, 28 أبريل, 2024 في 14:23

سيطرت العداءات المغربيات أميمة سعود، ووئام الفتحي، وفتيحة بنتشتكي، على منصة تتويج النسخة الأولى لنصف ماراطون جاكرتا للإناث بأندونيسيا، الذي نظم اليوم الأحد.

انطلاق فعاليات الدورة ال29 لمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط

الأحد, 28 أبريل, 2024 في 10:17

انطلقت، مساء السبت بسينما إسبانيول بتطوان، فعاليات الدورة التاسعة والعشرين لمهرجان تطوان الدولي لسينما بلدان البحر الأبيض المتوسط، المنظمة تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، بحضور ثلة من مهنيي الفن السابع وشخصيات من عالم الثقافة والفنون.

غواتيمالا سيتي.. توشيح سفير غواتيمالي سابق بالرباط بالوسام الملكي من درجة قائد

السبت, 27 أبريل, 2024 في 21:49

تم بمدينة غواتيمالا، توشيح السفير السابق لجمهورية غواتيمالا بالمغرب، السيد إيريك إستواردو إسكوبيدو أيالا، بالوسام الملكي من درجة قائد، والذي تفضل صاحب الجلالة الملك محمد السادس بمنحه إياه إثر انتهاء مهمته الدبلوماسية بالمملكة.