مشروع القانون المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي.. ثلاثة أسئلة للباحث الأكاديمي عتيق السعيد

مشروع القانون المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي.. ثلاثة أسئلة للباحث الأكاديمي عتيق السعيد

الثلاثاء, 16 يونيو, 2020 - 12:25

الرباط  – في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، يسلط المحلل السياسي والباحث الأكاديمي في القانون الدستوري والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني الدار البيضاء، عتيق السعيد، الضوء على سياق ومضامين وأهداف مشروع القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، الذي يوجد في المسطرة التشريعية للمصادقة عليه بمجلس المستشارين:


1. ماهو السياق العام للمشروع سواء على مستوى الصعيد الوطني أو من خلال تفاعلاته مع التحولات الدولية وجائحة كورونا ؟

 

مشروع قانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، يأتي في سياق استكمال تفعيل مسلسل الإصلاح الشامل للمجال الاجتماعي الذي تعرفه بلادنا بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك محمد السادس، الرامية إلى إرساء عقد اجتماعي تنموي جديد في إطار متكامل ودقيق، يحقق تنمية متوازنة وعادلة للنسيج المجتمعي والمساهمة في إرساء مناخ السلم الاجتماعي الذي يجعل المواطن، لاسيما الفئات الهشة والفقيرة في صلب عملية الإصلاح التنموي الشامل، والغاية الأساسية منها.

ويأتي هذا القانون في سياق مواكبة التحول الرقمي الذي يشهده العالم، والدور الريادي الذي تلعبه عمليات “الرقمنة العمومية” في جمع وتحديث البيانات الاجتماعية، التي من شأنها أن تسرع وتيرة التدبير الإداري للمجال عبر تسهيل وتجويد عمليات الإصلاح الإداري في الفضاء الاجتماعي من خلال اعتماد معايير دقيقة وموضوعية، وباستعمال التكنولوجيا الحديثة، تفضي بشكل ملموس إلى العناية الدقيقة بقضايا التنمية المستدامة، بشكل يضمن من جهة الفعالية والنجاعة والسرعة في التنفيذ، ومن جهة أخرى تعزيز الشفافية والنزاهة في هذا المجال الذي يتعلق بالمعضلة الاجتماعية، هاته الأخيرة تعتبر بمثابة التحدي الأكبر للنهوض بنموذج تنموي شامل وأكثر تطورا من ذي قبل.

بناء على ما تقدم، ساهمت الأزمة الوبائية لجائحة كورونا في ضخ سيل من المبادرات التضامنية لتحصين النسيج المجتمعي من آثارها وتداعياها سواء بالمجال الاقتصادي أو الاجتماعي، وعليه دفعت الأزمة الوبائية إلى تحديد الأولويات للخروج من هاته الظرفية العصيبة، ومدى الحاجة إلى سجل اجتماعي موحد، عملياتي لمواكبة ودعم الأسر المتضررة من الجمود التجاري جراء إجراءات التباعد الاجتماعي لردع انتشار الوباء.

وفي هذا السياق، يشكل مشروع إحداث السجل الاجتماعي الموحد أهم آلية فعالة ودقيقة لتيسير عمليات وإجراءات الدعم الاجتماعي.


2. أين تكمن أهمية إحداث السجل الاجتماعي الموحد ببلادنا، وما هي أهم مضامين مشروع القانون والآفاق المستقبلية؟

 

إن ورش إحداث السجل الاجتماعي الموحد الرامي إلى تيسير وضبط عمليات استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي، يعد مشروعا اجتماعيا واستراتيجيا بأبعاد متعددة، وأيضا بطموح واسع الأفق في مجال الحد من الفوارق الاجتماعية والمجالية، كونه يهم فئات واسعة من المغاربة تعد القاعدة الأساس لحيوية للمجتمع وتماسكه في الأزمات ومختلف الفترات العصيبة، ولكونه ورشا اجتماعيا مستداما بالدرجة الأولى.

مشروع القانون يهدف، كما هو محدد في المادة 1 و2، إلى وضع منظومة وطنية لتسجيل الأسر والأفراد الراغبين في الاستفادة من برامج الدعم الاجتماعي التي تشرف عليها الإدارات العمومية والجماعات الترابية والهيئات العمومية، عبر إحداث سجل اجتماعي موحد وسجل وطني للسكان، الغرض منهما تحديد الفئات المستهدفة، من أجل تمكينها من الاستفادة من برامج الدعم، وبالتالي سنكون أمام إطار تقني محدد ودقيق يمكن من الاستفادة من مجموعة الآليات الضبطية، من أبرزها التحقق من صدقية وصحة المعطيات من عدمها، والأدوار الوسائطية للهيئات المعتمدة من طرف الوكالة الوطنية للسجلات المرخص لها بتقديم طلب التحقق من صدقية المعطيات، أو الحصول على بعض المعطيات التكميلية.

يهدف المشروع إلى تنقيط الأسر عبر منح قيمة عددية لكل أسرة مقيدة في السجل الاجتماعي الموحد، تحتسب بناء على المعطيات المرتبطة بظروفها الاجتماعية والاقتصادية، مع إتاحة الإمكانية للأسر لمراجعة التنقيط الممنوح لها من طرف الوكالة حسب ما ورد في المادة 16، وبالتالي سيساهم هذا التحيين للمعطيات في تشخيص وتقييم الوضعية الاجتماعية بشكل مستمر وواقعي دقيق.

سيمكن المشروع من توفير بنك معطيات اجتماعية مهمة تحدد بشكل مفصل ومستمر الأوضاع الاجتماعية التي ستعمل بمثابة إطار موحد ودقيق يفضي إلى فحص عملية الدعم الاجتماعي بناء على معايير مضبوطة، تكون الإطار الصحيح لرصد الفئات المستهدفة من الدعم، وأيضا القدرة بشكل استشرافي على قياس مؤشرات فعالية ونجاعة مشاريع التنمية في المجال الاجتماعي ببلادنا.

 

3. ماهي دوافع وأسباب تفعيله، والحاجة إليه في بلادنا، وكيفية تنزيله السليم على أرض الواقع ؟

 

المغرب في حاجة إلى تفعيل مبادئ الحكامة الإدارية في برامج الحماية الاجتماعية، من أجل السعي نحو تجاوز الاختلالات المادية ومعالجتها بشكل ناجع وفعال، بغية تحقيق العدالة الاجتماعية والمجالية التي تنعكس على تحسين السلم الاجتماعي كمدخل للإقلاع التنموي المنشود ببلادنا.

إن هذا المشروع الاجتماعي، في أبعاده ودلالته التنموية المستدامة، يجسد الإرادة في الانتقال من التدبير الإداري النمطي أو الكلاسيكي إلى الاستثمار التكنولوجي، الذي يساعد على تحديد آليات/التقنية الكفيلة بتنظيم وضبط عملية استهداف برامج الدعم الاجتماعي، بالإضافة إلى توحيد وتجميع منابع برامج الحماية الاجتماعية في إطار واحد دقيق وشامل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بلادنا أطلقت خلال السنوات الماضية ما يزيد على 120 برنامجا اجتماعيا بميزانيات ضخمة، بيد أن ضعف التنسيق وكثرة التدابير أدى إلى عدم وصول الدعم إلى مستحقيه. ومع هذا التوحيد لمختلف البرامج، آنذاك، يمكن تفادي تعارضها في المعطيات وسوء تدبيرها للموارد المالية.

إن التحول من النص القانوني إلى التنزيل السليم للمقتضيات التي جاء بها مشروع قانون رقم 72.18 يستلزم اعتماد مقاربة تشاركية والسرعة في التنفيذ، مع تثمين المكاسب والاستفادة من التجارب الدولية الناجحة.

المغرب مقبل على منعطف جديد على مستوى رقمنة المعطيات الاجتماعية، يهدف إلى إحداث أكبر قاعدة بيانات بيومترية، مشروع سيساهم في الحد من تجزئة البيانات الاجتماعية بشكل يضمن الموثوقية والجودة والدقة في الاستهداف والدعم الاجتماعي المباشر، كما يمكن أن يعتبر مؤشرا واقعيا ودقيقا لقياس دينامية التحولات الاجتماعية والاقتصادية بمختلف مناطق المملكة، بما سيخدم أيضا مشروع النموذج التنموي الجديد، بل أكثر من ذلك، يمكن أن يشكل القاعدة الأساس التي يبنى عليها التطور المستدام للنموذج التنموي، بشكل يضمن تحقيق الواقعية في التقييم والرصد واسع النطاق.

 

 

 

اقرأ أيضا

إدارة السجن المحلي “عين السبع 1” تنفي مزاعم بخصوص تعرض سجين لـ “محاولة التصفية الجسدية” (بيان توضيحي)

الأحد, 5 مايو, 2024 في 16:45

نفت إدارة السجن المحلي “عين السبع 1” بالدار البيضاء ما تداولته بعض المواقع الإلكترونية بخصوص تعرض السجين (ع.ك) لـ “محاولة التصفية الجسدية على يد جهات من خارج المؤسسة”، و”الضرب أمام أنظار الإدارة والموظفين”، و”منعه من العلاج والإخراج إلى المستشفى”، وكذا “استعداده للدخول في إضراب عن الطعام”.

بانجول.. حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس فاقت 13,8 مليون دولار خلال الفترة 2019-2024 (تقرير)

الأحد, 5 مايو, 2024 في 16:10

أبرز تقرير للجنة القدس، المنبثقة عن منظمة التعاون الإسلامي، والتي يترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، تم توزيعه على المشاركين في الدورة الـ 15 لمؤتمر القمة الإسلامي، التي انعقدت ببانجول، عاصمة غامبيا، أن حصيلة منجزات وكالة بيت مال القدس الشريف، الذراع التنفيذية للجنة، في المدينة المقدسة فاقت 13,8 مليون دولار أمريكي بين دورتي القمة (2019-2024).

بانجول.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تؤكد الأهمية الإستراتيجية لمبادرة جلالة الملك لفائدة “الدول الإفريقية الأطلسية”

الأحد, 5 مايو, 2024 في 16:01

أكد مؤتمر القمة الإسلامي في دورته الـ 15 على الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفائدة “الدول الإفريقية الأطلسية”.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية