نزهة الشلاف .. فتاة قروية وفاعلة جمعوية من الفنيدق خرجت من رحم المعاناة لترسم بسمة الفرح على محيا نساء معوزات (بورتريه)

– إعداد عبد العزيز حيون –

تطوان – تعد نزهة الشلاف الحماني من النساء القرويات القليلات بمنطقة بليونش (عمالة المضيق الفنيدق) اللواتي تحدين الواقع المعيش وولجن الفعل الجمعوي الهادف من بابه الواسع، بعد أن خرجت من رحم المعاناة لترسم بسمة الفرح على محيا نساء معوزات.

فقد قررت نزهة الشلاف، منذ أزيد من عشر سنوات، ولوج العمل الخيري والاجتماعي بلا كلل لتقديم خدمات متنوعة وبسيطة “قدر الإمكان وحسب الوسائل المتاحة” لفائدة نساء المناطق المجاورة، كي تساعدهن وتواكب طموحاتهن لتحسين أوضاعهن وأوضاع أسرهن في مواجهة الفقر، وكذا لتشجيع الفتيات على الدراسة والتحصيل وتحقيق آمالهن وأحلامهن.

واعتبرت هذه السيدة أنه رغم صعوبة البدايات وقلة الموارد المالية المتاحة آنذاك، إلا أنها استفادت من مرحلة الانطلاقة في اكتساب التجارب في مجال تدبير وتسيير الجمعية التي ترأسها (جمعية السخاء للأعمال الإنسانية)، وكذا الخبرة في التعامل مع الجهات المانحة، مضيفة ان الدعم الذي تلقته من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية خاصة شكل “منعطفا حاسما في عملها الجمعوي” وساهم بشكل كبير في إنجاز مشاريع ملموسة مكنت من انخراط عشرات النساء القرويات في محيطهن السوسيواقتصادي.

وقالت إن ما شجعها على إنجاز المزيد من الأعمال الاجتماعية هو تفاعل النساء المعنيات مع المبادرة الجمعوية واستعدادهن عن طواعية للانخراط في العمل الجمعوي، رغم بعد المسافات الفاصلة بين مساكنهن ومقر الجمعية وصعوبة التنقل عبر المسالك والتضاريس الوعرة، إضافة إلى عوائق أخرى ذات طبيعة اجتماعية ترتبط بأعراف وتقاليد المنطقة التي “تحتم دون وجه حق” على النساء القرويات نوعا من الانطواء والتفرغ كليا لأشغال البيت وتربية الأطفال ورعاية الزوج.

وأكدت نزهة الشلاف الحماني أن رد فعل النساء القرويات وإصرارهن يمثل “تحديا ذاتيا” قبل كل شيء، وتحديا في وجه الأفكار النمطية التي علقت بالمجتمع القروي بالمنطقة والتي لا تمت بصلة لا إلى الواقع ولا إلى الدين الإسلامي الذي يحث على العمل والاجتهاد ونبذ الاتكالية، مبرزة أن نظرة الرجال الى انخراط نساء المناطق القروية تغيرت مع مرور الوقت بعد تحقيق الجمعية لنتائج ملموسة في الواقع وتحسن دخل النساء المعنيات،مما كان له الأثر الايجابي على دخل الأسر واستمرار العمل الجمعوي النسوي بالمنطقة.

وقررت نزهة الشلاف، التي لا يتجاوز تكوينها الدراسي مستوى السادسة ابتدائي، أيضا أن تحدث موقعا على الشبكة العنكبوتية لدعم المرأة القروية والتعريف بمنتوجاتها وتمكينها من تسويق ما تنتجه أناملها في مجال الخياطة وصنع الحلويات وفن الديكور والتأثيث المنزلي، وكذا التعريف بالمؤهلات السياحية لمنطقة بليونش، مما جلب اهتمام العديد من المؤسسات الحاضنة ومشاريع اجتماعية جديدة لفائدة الفتيات القرويات اللواتي لم تسعفهن أوضاعهن الاجتماعية في متابعة الدراسة ومحاربة الأمية.

ويكفي نزهة الشلاف الحماني فخرا، كما تقول، أنها تمكنت، رغم الإكراهات والصعوبات والإحباطات والمعيقات الذاتية والموضوعية، من فرض وجود النساء القرويات بالمنطقة وتغيير نظرتهن للحياة قبل تغيير ظروفهن المعيشية، متطلعة لملامسة كل القضايا التي تستأثر باهتمام المرأة القروية وترفع الهمم وتشد العزائم لتحقيق مزيد من النجاحات ومسايرة ركب التنمية المتواصل الذي تعرفه المنطقة في السنوات الأخيرة.