الزيارة الملكية لتنزانيا تطبع مرحلة جديدة في سجل العلاقات التي تجمع المملكة بهذا البلد الشرق إفريقي الوازن (محصلة)

دار السلام – طبعت الزيارة الرسمية التاريخية التي قام بها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لجمهورية تنزانيا الاتحادية، مرحلة جديدة في سجل العلاقات القائمة بين البلدين لكونها مكنت من تعزيز التعاون الثنائي في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ونسجت أواصر صداقة متينة بين بلدين إفريقيين تحذوهما رغبة أكيدة في تحقيق الإقلاع التنموي المنشود.

   فبالنظر إلى حجم وأهمية الأنشطة التي ميزت الزيارة الملكية الميمونة لهذا البلد الشرق إفريقي، لاسيما اتفاقيات التعاون ال 22 التي وقعت بين البلدين، يبدو أن العلاقات التي تجمع الرباط بدار السلام تعد بمستقبل مشرق سيشكل نموذجا لما ينبغي أن تكون عليه علاقات الشراكة جنوب- جنوب وروح التعاون والتضامن الإفريقي.

   وكان جلالة الملك، مرفوقا بصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، قد حل عشية يوم الأحد 23 اكتوبر الماضي بدار السلام، في زيارة رسمية لجمهورية تنزانيا، المحطة الثانية في جولة ملكية قادت جلالته أيضا إلى رواندا.

   ولدى نزول جلالة الملك من الطائرة بمطار جوليوس نيريري الدولي، وجد جلالته في استقباله رئيس جمهورية تنزانيا الاتحادية فخامة السيد جون بومبي ماغوفولي.

  وفي اليوم الموالي أجرى صاحب الجلالة بالقصر الرئاسي بدار السلام، مباحثات على انفراد، مع فخامة السيد جون بومبي ماغوفولي.

   وفي أعقاب هذه المباحثات تبادل قائدا البلدين الهدايا الرمزية، قبل أن يقوم جلالة الملك بتوشيح رئيس جمهورية تنزانيا بقلادة الوسام المحمدي، وهو أرفع وسام تمنحه المملكة.

   ولعل أهم ما ميز هذه الزيارة، ترؤس قائدي البلدين حفل التوقيع على 22 اتفاقية للتعاون الثنائي في عدد من المجالات، تهم التعاون الاقتصادي والعلمي والثقافي، وإرساء آلية للتشاور السياسي، وقطاع الهيدروكاربورات والطاقة والمعادن والجيولوجيا، والنقل الجوي والفلاحة والصيد البحري والأسمدة والطاقات المتجددة والسياحة والتأمين الزراعي.

   كما تهم تطوير وحدات صناعية ولوجستية، وتطوير أروقة لوجستية وسككية بين الموانئ والوحدات الصناعية بتنزانيا، والشراكة بين اتحادي أرباب المقاولات بكلا البلدين، والقطاع البنكي والصحة وتسهيل المبادلات التجارية والاستثمار بإفريقيا، فضلا عن إحداث وحدة لتثمين وتعبئة الشاي عالي الجودة.

   وتأتي هذه الاتفاقيات، التي تنسجم تمام الانسجام مع التوجه الملكي الرامي إلى تدعيم الشراكة جنوب- جنوب، لتعزيز الإطار القانوني المنظم للتعاون بين البلدين.

   وتميزت الزيارة الملكية لهذا البلد كذلك بإشراف أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، حفظه الله، مرفوقا بصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، وبحضور الوزير الأول التنزاني السيد قاسم ماجاليوا، على إعطاء انطلاقة أشغال بناء مسجد جديد بدار السلام، تفضل جلالته فأطلق عليه إسم “مسجد محمد السادس”.

وتأتي هذه المبادرة الملكية السامية، لبناء هذه المعلمة الدينية والثقافية، استجابة كريمة لطلب تقدم به المفتي الشيخ أبو بكر بن زبير بن علي رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بتنزانيا وعضو مؤسس لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، حيث عبر عن الحاجة الملحة إلى مسجد ومرافقه بمدينة دار السلام.

وبهذه المناسبة، تفضل أمير المؤمنين بإهداء المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بتنزانيا 10 آلاف نسخة من المصحف المحمدي الشريف.

   وفي إطار تعزيز التأطير الديني والتوعية بمقاصد الإسلام وإبراز تعاليمه النبيلة ومحاربة كل أشكال الغلو والتطرف، وقع وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية السيد أحمد التوفيق والمفتي الشيخ أبو بكر بن زبير بن علي اتفاقية للتعاون في مجالات الشؤون الإسلامية والتعليم العتيق والمساجد والأوقاف.

    كما زار جلالة الملك زنجبار بجمهورية تنزانيا الاتحادية، حيث أدى جلالته مرفوقا بصاحب السمو الأمير مولاي إسماعيل، ورئيس زنجبار السيد محمد علي الشين، يوم 28 اكتوبر الماضي، صلاة الجمعة بمسجد “الشورى”.

   وفي ختام الزيارة الرسمية التي قام بها جلالة الملك لجمهورية تنزانيا الاتحادية من 23 إلى 25 أكتوبر الماضي، أكد بيان مشترك صدر في اعقاب الزيارة الملكية، أن الرئيس التانزاني السيد جون بومبي ماغوفولي أعرب عن دعم بلاده للجهود المبذولة من قبل الأمم المتحدة للتوصل إلى حل عادل ودائم ومقبول من جميع الأطراف لقضية الصحراء.

    كما أعرب رئيس جمهورية تنزانيا حسب البيان ذاته ، عن دعم بلاده لقرار المغرب الانضمام  إلى الاتحاد الإفريقي واستعادة مكانته الشرعية فيه،

     وأشاد الرئيس التنزاني بريادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس وثمن دوره في تعزيز السلم والاستقرار والتنمية في إفريقيا، مؤكدا أن التعاون جنوب-جنوب الذي يدعو إليه جلالة الملك يوجد في صلب التعاون من أجل التنمية في إفريقيا.

    وجاء في البيان المشترك ايضا، أن جلالة الملك والرئيس التنزاني اتفقا على “تعزيز روابط الصداقة والتعاون في مختلف المجالات ومنها السياحة والفلاحة والنقل السككي والتجارة”، وقررا أيضا “مواصلة استكشاف جوانب جديدة للتعاون وخصوصا في المجالات الاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية وكذا التعاون في مجال الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف لما فيه فائدة متبادلة للبلدين والشعبين”.