ألبوم”شهد” لجاهدة وهبه …حين تحتفي الموسيقى بالشعر

(المراسل الدائم للوكالة ببيروت : عبد الله البشواري)

بيروت -يأسر صوت الفنانة اللبنانية جاهده وهبه القلوب، تماما كما الكلمات التي تغنيها ، وكيف لا وهي “شهد” شعراء يدهشون كما قصائدهم…ولادة بنت المستكفي ، بابلو نيرودا، محمود درويش، أنسي الحاج، أدونيس فروغ فرخزاد وطلال حيدر.
ألبوم “شهد”، اختارت جاهدة أن “تشعل” به سماء بيروت، التي انكوت بنار المتفجرات، فقدمته “هدية” للبنانيين ” ليلة الأربعاء الماضي، بمسرح “المدينة” بشارع الحمراء، غير بعيد عن “أمكنة” أخرى كانت “تشتعل” بنيران “إرهاب” غوغائي “كاره” للفرح، فزرعت بسمة، ما أحوج بيروت لها في هذا الوقت بالذات، كما قدمته “الحب والشعر منقذا العالم من الإرهاب والموت”.
“شهد”، يقطر قصائد في أبهى الحلل بالصوت المموسق لجاهدة… “يطير الحمام” لدرويش، “سوناتة حب” لنيرودا، “لك عطر” لأدونيس، و”وصال” للإيرانية فرخزاد، و” يا ليل يا ليل” لأنسي الحاج، و”نجمة الصبح” لطلال حيدر (لبنان) وأبيات مختارة لبنت المستكفي.
هم شعراء تسكن قصائدهم ذاكرة الأجيال، من أعماق الحياة تنبع كلماتهم، التي حولتها جاهدة الى نوتات تحمل إيقاعاتها الى أجواء حالمة تتصالح فيها “الذات” مع نفسها، مع هؤلاء الكبار تنحني جاهدة وهبة للشعر، تنغرس في النص الشعري فتنبثق موسيقى تدعو المخيلة للاشتغال.
ألبوم “شهد”، وهو من ألحانها كاملا، كما تقول جاهدة في دردشة مع وكالة المغرب العربي للأنباء، “عصارة ما اختزنته من تجارب موسيقية”، ويحتوي على “شهد القصائد”، وهو، تضيف الفنانة، “يحتفي بالعشق والحب وأبهى أوجه الجمال”.
صوت جاهدة وهي تؤدي هؤلاء الكبار يروي “عطشا” لرونق القصيد، ويعيد الذاكرة الى “براءة” الجمال وتفتح “جروحه”، هذا الجمال الذي لا حدود له…سواء من الأندلس، فلسطين، الشيلي، لبنان، أو إيران …وبكل بهاء من العوالم الرحبة حيث يتوحد الحب والشعر.
تهدي جاهدة “كل عشقها وشهدها” ، تقول في ذات الدردشة ، الى “زرقة قلوب كل المستمعين” ، محيلة في ذلك الى كتاب خطت فيها منذ زمن عصارة تجربة إبداعية وسمتها ب ” الأزرق والهدهد… عشق في الفايسبوك”.
ولعل “شهد” ليس سوى طريقة لاستعادة “دهشة” فنية ، توارت خلف “القبح” المتفشي، وربما احتجاج على “اللاحب” وعلى كل حب غريب عنا لا يشبهنا …تقول جاهدة في ديوانها الأزرق ” يحدث أن نحب بطرق مختلفة وتاريخ الحب شهد ألف طريقة للعشق.. لكن أن نحب بهذه الدهشة في عالم لا يشبه عالمنا الواقعي، هذا ما لم يخطر في بال قديم الحكايا مجازا وغرابة.. أيعقل أن نقع في حب افتراضي يشعل أعتى الحرائق في تاريخ الولع والجنون؟ كيف لكائنات افتراضية أن تصير كائنات عاشقة تحترف الوجد والاشتياق ولكلمات هشة على جدار افتراضي أن تشيد أو تزلزل بيت كينونتنا؟ كيف لقدر رقمي أن يرتب لنا موعدا أسطوريا مع الحب في الجهة الأقصى من العالم ..”.
وفي لفتة تكريمية، ضم ألبوم “شهد”، الذي سجل في بلجيكا مع موسيقيين بارزين من أوروبا تحت إدارة الموسيقي العراقي أسامة عبد الرسول، أغنية مستعادة من أرشيف المطربة المصرية الراحلة أم كلثوم تحت عنوان “النوم يداعب عيون حبيبي” من كلمات الشاعر أحمد رامي وألحان رياض السنباطي.
واعتادت جاهدة، التي تمرست على الغناء الأوبرالي والإنشاد السرياني والتجويد القرآني، أن تلج المستعصي دائما، فقد غنت لأحلام مستغانمي (أنجبني) ومن دفتي رباعيات الخيام في ألبوم تحت عنوان “شذرات الوجد” .
وجاهدة وهبه، وهي عضو في نقابة الموسيقيين المحترفين في لبنان، مجازة في علم النفس من الجامعة اللبنانية، وفي الغناء الشرقي من المعهد الوطني اللبناني العالي للموسيقى.