آخر الأخبار
الإبداع التشكيلي عند بوشعيب خلدون ..عصف فكري متواصل وسيلته الإحساس المرهف وغايته الجمالية والمتعة

الإبداع التشكيلي عند بوشعيب خلدون ..عصف فكري متواصل وسيلته الإحساس المرهف وغايته الجمالية والمتعة

الأربعاء, 7 سبتمبر, 2016 - 11:52

 

                                                          ( بقلم : عمر شليح )

    الدار البيضاء –  تشكل ولادة اللوحة المتميزة عند الفنانين التشكيليين تمرة عصف فكري متواصل وسيلته الإحساس المرهف وغايته الإبداع والجمالية والمتعة التي تربط  الصلة بالملتقي وتخاطب وجدانه بتلقائية وعفوية، ذلك هو المفهوم الذي يؤمن به التشكيلي المغربي بوشعيب خلدون ويسعى لإسقاطه في لوحاته وأعماله الفنية بكل تجرد وبالعفوية التي تميز شخصيته.

    وقد تمكن إبن الدار البيضاء فعلا من ولوج العالمية من أبواب الفن التشكيلي الكليغرافي، بتدشينه مؤخرا انطلاقا من لندن محطة أخرى في مساره الاحترافي مع الريشة بعد تتويج لوحته (الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ) بجائزة أحسن عمل عالمي عربي برسم سنة 2016 و ذلك ضمن المسابقة  التي نظمتها المجموعة العربية للفن العالمي في العاصمة البريطانية، في صنف المدرسة التجريدية.

   ويعتبر هذا المبدع، في حديث يكشف إلمامه بتفاصيل التشكيل والفنون كافة، أن لغة التشكيل تختلف عن لغة القول والكتابة وكل أصناف الفنون الأخرى، ف”انطلاقا من اللون إلى الأشكال فالفضاءات يمكننا أن نخاطب في الإنسان إحساسه، ونجعله يعيش فترات من الحوار الثنائي مع هذه الألوان والأشكال بكل تفاصيلها وجزئياتها، يعيش مع لحظة ولادة العمل الفني، الذي ما هو إلا حمولة ثقافية متعددة الأبعاد” على حد قوله.

    وأضاف أن الجانب “الاستيطيقي للعمل الفني يكون حاضرا بقوة، وهو ما تفرضه علينا اللغة التشكيلية  لأن ما نعيشه خارج إطار اللوحة ينعكس في العمل الفني، رغم أننا خلال العملية الإبداعية ننسلخ من حسنا الإدراكي إلى عوالم أخرى، يختلط فيها اللاشعور بالوجدان، وبخزان مداركنا ومعارفنا وموضوعات الساعة، وهي مسألة في نظرى متوازية”.

   و بالتالي يصل بوشعيب خلدون الى قناعة مفادها أن “الفن يبقى فنا و الابداع إبداعا ما دامت الريشة الصادقة تبحث دوما عن أجوبة لحلول العملية الابداعية التي هي اصل الفن”، مبرزا  أن الابداع  “هو منظومة جمالية متلازمة الاطراف يكون الفنان فارسها”.

     عشق خلدون للون والشكل والوطن واللغة والحروف والرموز يجعله يسافر كثيرا ولو للحظات من الزمن في عالمه، لأن الرحلة هي امتداد للبحث و الاطلاع على ثقافات أخرى تدفع المرء، يقول خلدون ،”ليكون سيد فنه، (..) وانطلاقا من المحلية تبرز لنا العالمية بجلاء”. 

   وبحسب المهتمين بالمسار الفني لهذا المبدع، فإن أعمال خلدون كغيره من التشكيليين المتميزين تخضع كثيرا لنزوعه الذاتي، إذ تتحول فضاءاته التشكيلية الى إبداعات سردية يفسر خلالها عناصر لغته البصرية من خلال إنتاج تأثير شعوري خاص عبر إنشاء مشاهد تمثيلية، وتحقيق حالة الدهشة لدى المتلقي،ليصبح المنجز الجمالي عنده هو الغاية لا الوسيلة.

    ويصفه الأكاديمي والفنان التشكيلي العراقي تحرير علي بأنه “واحد من العلامات المهمة في الواقع التشكيلي العربي المعاصر، إذ يمثل بزوغا للفن الملتزم عبر ثوابت الجمال ولغة تشكيلية معاصرة على مستوى الابداع لا الاستنساخ تنهل من الماضي لتجعله جمالا للحاضر “، مبرزا أن بوشعيب خلدون “يعمد في منجزه الجمالي إلى كتابة الابداع  أو المشهد الجمالي وفق لغة مرئية قوامها الخط والشكل واللون والظل والنور”.

     وتحيل هذه القراءة النقدية للمنهج التشكيلي عند خلدون إلى الحديث عن لوحته (الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ) التي وقعها سنة 2015 و المتوجة مؤخرا في لندن ، إذ تعد، بحسب المتتبعين للساحة التشكيلية والمولعين باللوحات الزيتية، من أهم عشر لوحات رسمت في العقد الاخير، وسبق أن خضعت لدراسة مستفيضة بالتحليل والنقد من طرف الكاتب والأديب والناقد العراقي خيري عباس، الذي توقع بأن تزداد أهمية هذه اللوحة بتقادم الزمن.

    وفي هذا الصدد ، يعتبر خلدون أن لوحته “هي نتاج عمل متواصل في أسلوبه المبتكر الذي اشتغل عليه اعتمادا على الحروفيات و إيجاد صيغ إبداعية لم يسبق تناولها “، معتبرا أن كل مرحلة يصلها الفنان المبدع تقوده لأخرى ( .. ) على اعتبار أن التجديد “لا ينتهي بعمل بل هو نقطة للانطلاق نحو عوالم رحبة في المتخيل”.

    وأضاف أن لوحة (محمد صلى الله عليه وسلم ) جاءت كرسالة للانسانية جمعاء وجوابا بالفن عن الإساءة للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، معربا عن افتخاره لكونه حقق كل هذا التميز وخصوصا بعد التتويج في لندن  و إعجاب نخبة من النقاد العالمين بلوحته و إجماعهم على اعتبارها أحد أحسن الاعمال العالمية في العشر سنوات الاخيرة . 

    وعلى المستوى الوطني، يعتبر خلدون أن الظرفية الاقتصادية الراهنة والمتغيرات التي طرأت على القدرة الشرائية ودخول التكنولوجيا وغزو اللوحات المستنسخة بكثرة كلها عوامل أثرت سلبا على الرواج الفني في الساحة التشكيلية بالمغرب، مستطردا أن هذا الواقع “يطالبنا ببذل الجهود في محاولة لمواصلة الإبداع الذي يهدف لأسمى من البيع والشراء، بل إلى رسالة يؤديها المبدع تجاه وطنه وأمته”.

   و في هذا السياق، يلتمس خلدون من الجهات الرسمية الوصية و المهتمة بالقطاع الثقافي تقديم مختلف أشكال الدعم وفتح الابواب امام جيل المبدعين في مناصب تكون مرتبطة بتأثيث الفضاءات للمساعدة على نشر الصور الجمالية بالمدن، مشددا على أن “الدول بدون فن وثقافة لن تقوم لها قائمة”.

   وحول صراع الأجيال في الفن التشكيلي المغربي، يعتبر خلدون أن “ما يجري ويدور في الساحة التشكيلية الوطنية لا أسميه صراعا للأجيال فهناك تكامل واستمرارية شئنا أم أبينا، إذ لا يمكننا أن نلغي ما قام به الجيلان الاول والثاني من مجهودات للتأسيس لهذه الحركة الفنية والتميز الذي نعيشه على المستوى العربي والعالمي (..) لأنه دون هؤلاء الرواد، ومنهم من درسونا، ما كنا لنصل لما نحن عليه الآن”.

   وعن الافاق المستقبلية لمشواره المهني، خاصة بعد  التتويج الأخير، يكشف خلدون أنه يشتغل حاليا على إعداد مجموعة من التظاهرات الفنية أهمها السمبوزيوم الدولي للفن المعاصر بمراكش في دورته الثانية، علاوة على تنظيم ملتقى تشكيلي في دولة الامارات العربية المتحدة، وآخر في البرازيل، و معرض مشترك بين فنانين مغاربة وسعوديين، مشيرا إلى أنه يستعد ليعرض مجموعة من أعماله الفنية داخل وخارج الوطن.  

 

اقرأ أيضا

مشاركة 18 منتخبا وفريقا في النسخة الـ 33 من طواف المغرب الدولي للدراجات (منظمون)

الثلاثاء, 28 مايو, 2024 في 23:53

أكد منظمو النسخة الـ 33 من طواف المغرب الدولي للدراجات، اليوم الثلاثاء بالدار البيضاء،أن هذه الدورة الدولية الهامة، التي ستنطلق يوم 31 ماي الجاري من مدينة العيون، ستعرف مشاركة 18 منتخبا وفريقا بما في ذلك المغرب.

لقاء دراسي للأغلبية البرلمانية يسلط الضوء على استدامة المالية العمومية كشرط أساسي لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية

الثلاثاء, 28 مايو, 2024 في 23:10

سلط لقاء دراسي نظمته هيئة فرق الأغلبية بمجلس النواب، اليوم الثلاثاء بالرباط، الضوء على موضوع استدامة المالية العمومية كشرط أساسي لتنزيل ورش الحماية الاجتماعية.

تسليط الضوء بالرباط على الخط الصحراوي في المخطوطات الشنقيطية

الثلاثاء, 28 مايو, 2024 في 22:47

سلطت أكاديمية المملكة المغربية، اليوم الثلاثاء بالرباط، الضوء على تاريخ الخط الصحراوي وأنماطه من خلال المخطوطات الشنقيطية، وذلك في إطار برنامجها العلمي “تاريخ الكتاب من المغارب إلى إفريقيا الغربية من القرن السادس عشر إلى القرن الواحد والعشرين”.