آخر الأخبار
الاستفتاء الدستوري بالسنغال : خيار لفائدة الديمقراطية واختبار للسلطة القائمة

الاستفتاء الدستوري بالسنغال : خيار لفائدة الديمقراطية واختبار للسلطة القائمة

الجمعة, 18 مارس, 2016 - 12:52

(محمد الناصيري من مكتب دكار)

دكار – دعي الناخبون السنغاليون بعد غد الأحد، إلى المشاركة في الاستفتاء على الإصلاح الدستوري الذي يقترح على الخصوص تقليص مدة الولاية الرئاسية، واي يشكل خيارا ومحطة لتكريس الصرح الديمقراطي بهذا البلد، واختبارا للسلطة القائمة.
وبالفعل، فإن التنافس في هذا الاستفتاء بين معسكري (نعم) و(لا) يبدو على أشده لدرجة يصعب معها استباق النتائج معرفة من من المعسكرين سيفوز.
وإذا كان حلفاء الرئيس ماكي سال لم يدخروا خلال الحملة الانتخابية جهدا لإقناع الناخبين بالأسس الراسخة للإصلاح، في الوقت الذي عملت فيه (جبهة لا) على الترويج لمواقفها، فإن صناديق الاقتراع تشكل وحدها المعيار الديمقراطي لإنهاء الجدل والانقسام بشأن المراجعة الدستورية التي تتوخى حسب الرئاسة السنغالية ضمان الاستقرار السياسي والاجتماعي بالبلاد.
ويعتبر مراقبو الساحة السياسية الوطنية أن السنغال، البلد الذي يعرف كيف يختار القرارات الجيدة خلال اللحظات الأكثر حسما من تطوره، لا يشذ عن هذه القاعدة.
وتمتاز السنغال بخصيصة ديمقراطية متفردة، ذلك أنه حتى على مستوى الدول النامية، لا يلحظ المرء تقدم مرشح رئاسي بمقترح لتقليص مدة ولايته كما هو الشأن بالنسبة لهذا البلد غرب الإفريقي الذي يبلغ تعداد ساكنته 13 مليون نسمة تغلب عليها فئة الشباب.
وفي هذا الصدد، يرى المتخصصون في الشأن الإفريقي أن الشباب يشكلون القوة التي ستحدد، على نطاق أوسع، الفائز في الاستفتاء.
يشار إلى أن النقاش حول تقليص مدة الولاية الرئاسية من سبع إلى خمس سنوات قد انطلق إثر الرأي الذي أدلى به المجلس الدستوري بهذا الخصوص، حيث بدأت الملاسنات حول الاستفتاء تشتد، وأسال الجدل الكثير من المداد.
فقد انخرط جميع الفاعلين السياسيين، بجميع أطيافهم، في توضيح الرهانات المتعلقة بهذا الاستفتاء، وشرع كل طرف في إبراز مبررات قراره.
فبالنسبة للأغلبية الرئاسية، فإن الأمر يتعلق بتحقيق انخراط واسع حول الإصلاحات الدستورية لكي تنتصر (نعم)، بما يجعل من الاستفتاء بمثابة تصويت على الرئيس ماكي سال. وفي حالة فوز (نعم)، فإن رئيس الدولة سيكون مدعما في قراره القاضي بالامتثال للمقتضيات الدستورية.
وإذا كان الحلفاء السياسيون للرئيس يعتبرون أن الاستفتاء يشكل أفضل ضمانة لموافقة شعبية على الإصلاح، فإن المحليين يعتبرون أن أمام معسكر (نعم) تحديا كبيرا يتعين رفعه، وهو إنجاح الاقتراع أمام معارضة استغلت الفرصة لإعادة رص صفوفها والتعبئة مجددا.
ويسجل مؤيدو (نعم) تناقضا في مبررات خصومهم الذين يقولون إنهم مع تقليص مدة ولاية الرئيس لخمس سنوات، فين حين أن تصويتهم ب(لا) سيفسح المجال للاستمرار في العمل بمدة ولاية رئاسية من سبع سنوات.
وتبعا لهذا المنطق في التحليل، يرى العديد من الدبلوماسيين المعتمدين بدكار، يتوقعون فوز (نعم) بأزيد من 75 في المائة من الاصوات.
ومع ذلك، وإذا بدت هذه التوقعات غير دقيقة، فإن الحسابات ستكون معقدة، كما أنه لا يجب استبعاد احتمال تنظيم انتخابات رئاسية مبكرة، لأن المهمة ستكون صعبة لإدارة شؤون البلاد إذا لم يوافق الشعب على إصلاح يضفه الرئيس السنغالي نفسه بالمراجعة الدستورية “الأكثر عمقا في تاريخ البلاد”.
وأمام هذا السيناريو المحتمل، تعبئ (جبهة لا) جهودها، مستفيدة من سياق الاستفتاء الذي يتسم بتراجع رئيس الدولة عن تقليص مدة ولايته، مما أدى إلى خلق وحدة في صفوف منظمات لم يكن يربط بينها شيء في البداية.
وبالنسبة للمعارضة، فإن قيمة الإصلاح تظل “صغيرة” بالنظر إلى إطلاق جدل قانوني في “قضية مركزية سياسية في جوهرها سيسجلها التاريخ تتمثل في تقليص مدة الولاية الرئاسية عكس ما هو مسجل من انحرافات على مستوى القارة في هذا الموضع”.
وتؤكد المعارضة أن مشروع الإصلاح قد “بني على رمال متحركة لأنه تجاوز الأخلاقيات التي يتعين أن تشكل صلبه”.
وهكذا، فإن الأطراف تدرك جيدا أن نتائج الاستفتاء ستوضح بشكل أكبر اللعبة السياسية وستحدد القوى القادرة على الفوز في الانتخابات التشريعية لسنة 2017. ولهذا السبب بالضبط، يعتبر المحللون هذا الاستفتاء بمثابة مقياس لاختبار قدرات الفاعلين السياسيين على تعبئة المواطنين. وهو ما يفسر أيضا كون هذا الاستفتاء الذي أثار اهتمام الرأي العام ومراقبي الساحة السياسية المحلية يشكل تكهنا بما يمكن أن تكون عليهم استحقاقات سنة 2017.
واعتبارا لما سبق، فإن القضية التي تثار أمام كل القوى السياسية في البلاد هي ما إذا كان الاستفتاء يتوخى بالفعل تحضير السنغال لمستقبل أفضل من خلال تعزيز الصرح الديمقراطي، أو أنه مجرد هيكل لاستراتيجيات سياسوية من أجل الفوز في الانتخابات في 2017 .
وخلاصة القول أن نتائج الاستفتاء وحدها ستقدم إجابة صادقة وموضوعية على هذه التساؤلات من أجل إنهاء النقاش حول الإصلاح. والمهم هنا هو أن نرى كيف يعتزم الشعب السنغالي ولوج منعطف جديد نحو التقدم، وبأي وتيرة يريد أن يتقدم من نحو تعزيز المسلسل الديمقراطي لجعل السنغال بلدا صاعدا.

اقرأ أيضا

رئيس منظمة الشرطة الجنائية الدولية يشيد بالدور الريادي للمغرب على مستوى التعاون الأمني الدولي

الجمعة, 17 مايو, 2024 في 9:38

أشاد رئيس منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، اللواء أحمد ناصر الريسي، أمس الخميس بأكادير، بالأدوار الريادية التي يضطلع بها المغرب على صعيد التعاون الأمني الدولي.

المعرض الدولي للنشر والكتاب .. تتويج الفائزين بالدورة الخامسة لمسابقة “ألوان القدس”

الخميس, 16 مايو, 2024 في 23:54

أقيم، اليوم الخميس بالرباط، في إطار فعاليات الدورة ال29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، حفل تتويج الفائزين بمسابقة “ألوان القدس”، في دورتها الخامسة.

المعرض الدولي للنشر والكتاب.. الدعوة إلى تعزيز حضور المرأة في مواقع صنع القرار الإعلامي (لقاء)

الخميس, 16 مايو, 2024 في 23:47

دعت المشاركات في مائدة مستديرة نظمت اليوم الخميس بالرباط في إطار فعاليات الدورة 29 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، إلى تعزيز حضور الصحافيات في مواقع صناعة القرار الإعلامي بالمؤسسات الإعلامية والصحافية الوطنية.