الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية تراجع لفائدة الحرب ضد “داعش” والبرنامج النووي الإيراني (رئيس معهد أماديوس)

(من المراسل الدائم للوكالة في بكين:عبد الكريم مفكر)
بوآو (جنوب الصين) – قال رئيس معهد أماديوس السيد إبراهيم الفاسي الفهري إن الاهتمام الدولي بالقضية الفلسطينية تراجع لفائدة الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) ووضع حد للبرنامج النووي الإيراني.وأوضح رئيس معهد أماديوس، في مداخلة له بإحدى حلقات النقاش بمنتدى بوآو في جنوب الصين، أن من “العوامل الأساسية التي ينبغي أخذها في الاعتبار عند التطرق للوضع بالشرق الأوسط هي أن الصراع العربي الإسرائيلي لم يعد النقطة المحورية في المنطقة منذ بداية الربيع العربي”.
وأضاف أن القضية الفلسطينية “أصبحت مهملة، للأسف، على حساب الشعب الفلسطيني ولكن أيضا على حساب استقرار المنطقة”، وذلك لأن الانشغالات الكبرى، بالنسبة للاعبين على الساحة الدولية حاليا، تتمثل في محاربة تنظيم الدولة الإسلامية والملف النووي الإيراني، مذكرا بأنه “بالإمكان سماع ذكر القضية الفلسطينية ضمن الخطاب الجهادي، لتبرير حربه على التحالف المسيحي اليهودي ضد الإسلام، أكثر منه لدى المسؤولين العرب في مطالبتهم بحل سياسي” للنزاع.
وأشار إلى أن انتخاب بنيامين ناتنياهو لولاية ثالثة “خير دليل على تصاعد التطرف داخل المجتمع الإسرائيلي، الذي يعتبر الأمن أولوية الأولويات، وليس البحث عن حل عادل ونهائي للصراع”.
ورأى السيد ابراهيم الفاسي الفهري أن بروز تنظيم الدولة الإسلامية يكشف زيف مفهوم الدولة -الأمة في الشرق الأوسط، لكون “الحدود بين دول المنطقة هي من مخلفات الماضي الاستعماري وليس تجسيدا لحقيقة … الحدود في الشرق الأوسط مجرد خط على خريطة”. وأكد أنه ولفهم ما يجري في الشرق الأوسط، يجب أن يتم أخذ الانقسامات الدينية والإثنية في المنطقة بعين الاعتبار.
ما كان مجرد توقعات في الماضي بخصوص تقسيم العراق، يضيف المتدخل، أصبح الآن واقعا قائما، دولة كردية شبه مستقلة في الشمال وبعض الأراضي السنية قرب بغداد ومناطق الجنوب الشيعية الواقعة تحت التأثير الإيراني.
واعتبر السيد ابراهيم الفاسي الفهري أن “اليمن يتراجع للوراء لأنه يوجد على حافة التقسيم، ويعد هو والعراق نموذجان لتصاعد حدة الخلاف بين الشيعة والسنة”، مشيرا إلى أن الطبيعة الدينية لهذا الخلاف تبقى في قلب الصراعات بالشرق الأوسط.
وبخصوص إيران وملفها النووي، أشار السيد إبراهيم الفاسي الفهري إلى أن أبرز مظاهر الملف تتمثل في “المأزق السياسي الذي خلقه النزاع في سوريا، والتفاهم بين الغرب وروسيا والصين حول أهمية مساهمة إيران في الحرب على داعش، خصوصا في سوريا التي يعد فيها بشار الأسد جزءا من الحل”.
وأضاف أن هذا السياق شجع ظهور تحالف استراتيجي جديد بين واشنطن وطهران، موضحا أنه “يمكن ملاحظة هذا التقارب بخصوص موضوع الخلاف الأساسي بين إيران والمجتمع الدولي، أي البرنامج النووي الإيراني، الذي من المتوقع أن يتم التوصل لاتفاق سياسي شامل حوله”.
ويرى المحلل المغربي أن “الاتفاق بسيط .. الحصول على ضمانات بخصوص مدنية وسلمية البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الاقتصادية، ليس من طرف الولايات المتحدة فحسب بل من طرف الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي أيضا”.
ومن جهة أخرى، أبرز المحلل تراجع الإسلام السياسي في الشرق الأوسط، الذي تم “تقديمه على أنه الرابح الأكبر من الربيع العربي، إلا أنه يواجه حاليا مشاكل عويصة”.
وذكر أن تجربة حزب النهضة في تونس “لم تقنع الناخبين بشكل كبير، مما جعلهم لا يصوتون لصالحه مرة أخرى. على العكس من ذلك تمكن الحزب الحاكم حاليا من حشد كل التيارات المناهضة للإسلاميين”.
وبخصوص الوضع في ليبيا، قال رئيس معهد أماديوس إن “تسرب الإسلام السياسي للساحة السياسية الداخلية فرض الانقسام المؤسساتي في البلاد”، مؤكدا أن تقسيم ليبيا “يؤدي إلى انتشار تنظيم الدولة الإسلامية في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل”.
وينعقد منتدى بوآو هذه السنة تحت عنوان “المستقبل الجديد لآسيا.. نحو المصير المشترك” خلال الفترة من 26 إلى 29 مارس في منتجع بوآو على جزيرة هاينان المدارية بجنوب الصين.
ويحضر المنتدى، الذي يترأس افتتاحه الرئيس الصيني شي جين بينغ، رؤساء أرمينيا والنمسا وإندونيسيا ونيبال وسريلانكا وأوغندا وزامبيا والحاكم العام لأستراليا ورئيس وزراء كل من كازاخستان وماليزيا وهولندا وقطر والسويد، إضافة لنائبي رئيس الوزراء الروسي ورئيس وزراء تايلاند ووزير خارجيتها.
ويعمل “منتدى بوآو من أجل آسيا”، وهو منظمة دولية غير حكومية لا تسعى للربح، تأسست في 2001، على تعزيز التكامل الاقتصادي الإقليمي ودعم البلدان الآسيوية في تحقيق أهدافها التنموية.