التشكيل كأفق للتفكير البصري محور لقاء في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب

الرباط – شكل موضوع “التشكيل أفقا للتفكير البصري”، موضوع لقاء نظم اليوم الجمعة بالرباط، في إطار الدورة ال28 للمعرض الدولي للنشر والكتاب، الذي تتواصل فعالياته إلى غاية 11 يونيو الجاري.

وتطرق المشاركون في هذا اللقاء إلى الإبداع التشكيلي كأفق للتفكير البصري، وآليات هذا التفكير المرتبط بالرؤية والمخيلة والقدرة على صياغة المرئي وتشكيله على نحو خلاق ومبتكر يستجيب لأسئلة التلقي والنقد معا.

واعتبروا أن أشكال الفكر والتفكير البصريين لم تعد كما كانت في الماضي، وأصبحت رهينة بما ينتج خارج الفضاءات التقليدية لإنتاج الفن، وذلك بأبعاد جمالية مغايرة، لا سيما في ظل الرقمنة التي أحدثت ثورة إبداعية في مجال التشكيل والتصميم.

وفي هذا الإطار، اعتبر الأستاذ الباحث في الفلسفة والجماليات، السيد إدريس كثير، أن التفكير البصري يعتبر نمطا من التفكير الذي يركز على صيرورة معالجة المعلومة البصرية بواسطة الدماغ، مقابل نمط آخر يعتمد على اللغة السمعية أو الإشارية، كما أنه تفكير وتأمل يشكل الأفكار بواسطة ومساعدة صور ورسومات بدل الكلمات والمفاهيم.

وأضاف أنه يمكن التمييز في إطار هذا النوع من التفكير البصري بين ما يسمى بـ”التمثل البصري للأفكار” كالتعبير برسومات وغيرها عن أفكار معينة، وما يسمى برؤوس أقلام لنص ما في صور، إضافة إلى الرسوم المتحركة والصور المتسلسلة والفنون التطبيقية، التي يمكن نعتها ب”الجماليات الصناعية” الباحثة عن أشكال مناسبة ومطابقة لوظائفها كالتزيين والديكور.

وأوضح كثير، أن التشكيل عامة يعد تفكيرا بصريا، لأنه لا يدرك إلا بصريا تقريبا، مذكرا بأن الفنون الصباغية والبلاستيكية تتمثل في كل الفنون التي تطمح إلى تجسيد موضوعاتها وتيماتها في الأعمال الفنية.

من جانبه، توقف الناقد التشكيلي، بنيونس اعميروش، عند مفهوم التفكير البصري انطلاقا من طرحه تساؤلات حول موضوع أفول اللوحة، كما تناول “الفن المفاهيمي” الذي اعتبره درجة عليا من درجات الدفع بالتعبير التشكيلي إلى احتضان الفكر وإنتاجه.

وأبرز في هذا الإطار، أن القطع النحتية واللوحات، أصبحت اليوم في عداد الإبداعات التشكيلية التقليدية، مقابل الفنون الراهنة التي وضعت الصباغة جانبا لتعتنق الخفة عبر الشاشات والفضاءات العابرة، معتبرا ذلك بمثابة تحدي جديد وطرق تقديم وقنوات نشر جديدة تخطت المتاحف وقاعات العرض المحدودة بالجدران.

وأوضح أن الانتقال من الفنون التشكيلية إلى الفنون البصرية يثير المزيد من التساؤلات حول موضوع أفول اللوحة التي كانت تحظى بمكانة هامة قديما وحديثا، متسائلا بهذا الصدد، كيف يمكن أن تصبح اللوحة بؤرة تعبيرية للبصر كما هو متداول في المشهد العام اليوم ، وكيف يمكن تحيين بنية الواقع التشكيلي وفق الواقع الحالي.

أما الباحث في الجماليات وأستاذ الفلسفة وتأويليات الخطاب بجامعة محمد الخامس بالرباط، السيد محمد الشيكر، فتطرق إلى التشكيل كأفق للتعبير البصري من خلال مسألة التفكير البصري باعتباره تفكيرا في العمل التشكيلي الذي يعتبر منجزا مرئيا ، وباعتباره تفكيرا للفنان التشكيلي نفسه بعد أن يترجمه على هيئة صور وتشكيل بصري.

وتساءل الشيكر عما إذا كان التفكير البصري هو ما يتم إنتاجه من تصورات ومفاهيم حول التشكيل، أم ما يدخل في باب النقد الفني وتاريخ وسوسيولوجيا وأنتروبولوجيا الفن، وما بات ينتجه الفكر المعاصر اليوم تحت مسمى الفن التصوري أو المفهومي.

بدوره، اعتبر الناقد الفني والباحث، عبد الله الشيخ، أنه منذ الإرهاصات الأولى بدأت العلاقة بين التشكيل والتفكير بكل مستوياتها ووظائفها النفعية والجمالية.

وأضاف أن الفن التشكيلي هو واقع التفكير البصري لا أفقا،  لأنه من بنياته الحسية والذهنية والتخييلية داخل نسق معرفي لا مجال فيه للتجزيء والاختزال.