التوجه البيئي الأخضر خيار استراتيجي فعال لمواجهة التداعيات الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري

إعداد : نور الدين حزمي

الدار البيضاء- يشكل التوجه البيئي الأخضر حاليا خيارا استراتيجيا تعتمده الدول والحكومات والمنظمات الدولية في مختلف بقاع العالم للحد ومواجهة التداعيات الخطيرة لظاهرة الاحتباس الحراري التي باتت تهدد كوكب الأرض، وذلك من خلال ترشيد وعقلنة استخدام مصادر الطاقة التقليدية وتقليل إنتاج النفايات بأنواعها المختلفة، واستغلال الطاقة الشمسية أو المتجددة بشكل أساسي وفعال.

 ومن هذا المنطلق، اعتبرت (الجمعية الوطنية لإنعاش الوظائف الخضراء) أن التوجه البيئي الأخضر الحالي أضحى جديرا بالاهتمام وبالتثمين من طرف كل مكونات مجتمعات العالم بما فيها المغرب، وذلك لكون “هذا التيار الآخذ في التمدد أضحى بحكم الضرورة قوة اقتراحية حقيقية تطرح بدائل واقعية في مواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري والتغيرات المناخية، بل وتمكن من بلورة أفكار ومشاريع رائدة واستثمارات واعدة من شأنها خلق التميز والاعتماد على وسائل إنتاج وطرق استهلاك جديدة تعوض نظيراتها التقليدية السلبية”.

وفي هذا الإطار، أوضحت سمية بلقسح، رئيسة الجمعية، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن جمعيتها انخرطت بفعالية في هذا التيار وتمكنت، من خلال تنظيمها للملتقى الأول للوظائف الخضراء بالمغرب، من وضع التجارب والالتزامات المغربية الرائدة في مجال الاستثمارات الخضراء في قلب النقاش الوطني بل والدولي حول ظاهرة البطالة، خاصة تلك المتفشية في أوساط الشباب، مشيرة إلى أن هذه المساهمة جاءت للبرهنة على أن بداية التغيير الإيجابي على مستوى المناخ مرادفة ومواكبة لقضايا العالم الأكثر واقعية بل والأكثر إلحاحا اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا.

وقد تمكن هذا الملتقى، حسب رئيسة الجمعية، من تسليط الضوء، على بعض التجارب الاستثمارية الخضراء الشابة الناجحة، للتأكيد على أن الشباب المغربي مسؤول ومشارك في التنمية بل ويزخر بالأفكار وبالطاقات الإيجابية المبادرة والواعدة.

 وأبرزت بلقسح أن الجمعية تهدف من خلال التطرق لمفهوم “الوظائف الخضراء” إلى تسليط الضوء على تجلياته العامة القانونية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، وتحديد مراميه المتمثلة أساسا في المحافظة على البيئة من جهة وتحقيق التنمية المستدامة من جهة أخرى، مبرزة أن الجمعية تروم من خلال هذا الانخراط التأثير بشكل إيجابي في محيطها السوسيو-اقتصادي “بغية نشر الوعي بأن التقدم والنمو الاقتصادي الصديق للبيئة هو طموح مشروع وممكن في إطار ضوابط جديدة تضع فلسفة المحافظة على البيئة في قلب النشاطات اليومية للجمعية وتطلعاتها المستقبلية” .

 وتابعت أنه انطلاقا من هذا التصور، ارتأت الجمعية بلورة العديد من المبادرات في إطار مهامها كفاعل في المجتمع المدني المغربي، “منها تنفيذ مشاريع تحسيسية لتعزيز مدى أهمية الوظائف الخضراء في مجالات الاقتصاد الأخضر، ورفع درجة الوعي لدى المواطنين عامة والشباب والنساء والفاعلين الاقتصاديين والسياسيين والمجتمع المدني خاصة حول الأهمية التي تكتسيها الوظائف الخضراء على الصعيدين الوطني والدولي، وإجراء دراسات وتحليلات علمية لواقع الاقتصاد الأخضر ببلادنا ولسبل تعزيزه وتوظيفه لخدمة التنمية المحلية والجهوية المنشودة”.

وأشارت إلى أن الجمعية تقوم بتنظيم ندوات ولقاءات ومؤتمرات بغية تبادل الأفكار وفتح باب النقاش البناء للمساهمة في إثراء التجربة الوطنية الرائدة في هذا المجال وكذا لتثمين الإنجازات الناجحة، وإقامة شراكات محلية ووطنية ودولية كفيلة بتطوير عمل الجمعية وتسليط الضوء على إنجازاتها بغية إشراك أكبر عدد ممكن من الفاعلين المجتمعيين والمهتمين بالموضوع .

 وفي ما يخص الجدل الدائر حول ظاهرة التغيرات المناخية التي تستأثر بالاهتمام العالمي في أفق مؤتمر (كوب 22)، قالت السيدة بقلسح “إن وعي الإنسان ببيئته ليس وليد الساعة، إذ أن البيئة كانت تؤثر وبشكل كلي على النشاط البشري، ثم انقلب الأمر فأصبح الإنسان هو الذي يؤثر على بيئته”.

 وأشارت إلى أن “الجزء الأكبر من التاريخ البيئي يسرد التجليات والتبعات الاقتصادية والتكنولوجية لعمل الإنسان، وهو مركز في 200 سنة الأخيرة “، مبرزة أن بداية عصر التصنيع ساهمت، إلى جانب عوامل أخرى، بشكل مخيف، في تقوية تأثير الإنسان على البيئة.

 وأضافت أنه نجم عن “الانحراف الخطير في سلوكيات الانسان عواقب واضحة على المناخ، أضحت معاشة حاليا بمستويات مختلفة بكل أنحاء المعمور”، مشيرة إلى أن العديد من الأصوات ارتفعت للتنديد بهذا الواقع المخيف وذلك في إطار تيارات بيئية محضة، “هاجسها توحيد الجهود للعمل بغية توليد تأثير إيجابي مضاد يمكننا من ترك كوكب سليم وبيئة صحية صالحة للعيش للأجيال القادمة”.