الحي المالي بلندن .. القلب النابض للاقتصاد البريطاني

(بقلم : عبد الغني عويفية)

لندن – يعتبر الحي المالي بلندن “ذو سيتي”، الذي يقع في وسط العاصمة البريطانية غير بعيد عن المقاطعات الرومانية القديمة، القلب النابض للاقتصاد البريطاني باحتضانه لمقرات العديد من البنوك والمؤسسات الاقتصادية.

ويتمتع الحي المالي بلندن، الذي يطلق عليه أيضا اسم “المايل المربع” في إشارة إلى مساحته الصغيرة، بوضع خاص. ففضلا عن خضوعه لنظام إداري فريد في بريطانيا، يتمتع من الناحية القانونية بالاستقلالية عن لندن الكبرى. كما أنه يخضع للسلطة الإدارية لعمدة منتخب. فهو يسير من طرف لورد عمدة، وهو المنصب الذي أحدث سنة 1189.

ويتمتع الشخص الذي يشغل هذا المنصب بسلطات وامتيازات خاصة، حيث أنه على مستوى تراتبية السلطة في المملكة المتحدة يبقى الملك الوحيد الذي يتمتع بسلطة أعلى بالنسبة لعمدة لندن، الذي يضطلع أيضا بدور هام في الترويج لصورة المدينة في الخارج.

وقد حافظ “ذو سيتي” على مر السنين على طابعه المالي الفريد، حيث أنه يأوي مقرات كبريات البنوك البريطانية والدولية، وبورصة لندن، والشركات المالية وشركات التأمينات العالمية.

ومكنت الخبرة الكبيرة التي راكمتها بريطانيا في المجال المالي، الحي المالي بلندن من أن يتبوأ مكانة متميزة في الاقتصاد البريطاني، إلى درجة أن “المايل المربع” يمثل حوالي 20 في المائة من الناتج الداخلي الخام البريطاني.

وهذا الرقم يعني الكثير بالنسبة للدور الذي تضطلع به هذه المدينة التي نجحت في أن تبحر في آمان في ظل بيئة اقتصادية عالمية صعبة للغاية على إثر الأزمة المالية لسنة 2009.

وقد تمكن الحي المالي بلندن من تجاوز هذه الأزمة تقريبا بدون خسارة، بل تمكن من تعزيز وضعه كأول مركز مالي عالمي. كما أن الحي المالي يحتل الصدارة عالميا في ما يتعلق بالعملة الصعبة، ولا يزال يحقق المزيد من الإنجازات.

وفضلا عن المنتوجات التقليدية، لم يتردد “ذو سيتي” في الانفتاح على منتوجات أخرى من قبيل المالية الإسلامية. ولا يخف مسؤولو “المايل المربع” تطلعهم أن يجعلوا من الحي المالي قطبا للمنتوجات المالية المستمدة من الشريعة.

وفي هذا الإطار أحدثت حكومة الوزير الأول دافيد كاميرون سنة 2013 لجنة وزارية هدفها تعزيز وضعية لندن كقطب غربي للمالية الإسلامية، التي عرفت في السنوات الأخيرة انتعاشة كبيرة في المملكة المتحدة، رغم الأزمة الاقتصادية والمالية.

وعلاوة على دوره المالي، يتمتع “ذو سيتي” بمؤهلات عديدة تعزز مكانتها الدولية خاصة من خلال تواجد مراكز للتكوين تتخرج منها طاقات تتمتع بمؤهلات كبيرة.