آخر الأخبار
السودان سنة 2013.. مساع لإقرار السلام وبسط هيمنة الدولة في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومحيط بالغ التعقيد

السودان سنة 2013.. مساع لإقرار السلام وبسط هيمنة الدولة في ظل ظروف اقتصادية صعبة ومحيط بالغ التعقيد

الخميس, 19 ديسمبر, 2013 - 10:53

الخرطوم –(من المراسل الدائم للوكالة: أحمد شيكي) –  شكل مسعى تحقيق السلام في مناطق النزاع والنهوض بالاقتصاد المنهك، إضافة إلى تعزيز العلاقات مع الخارج، أهم المحاور التي شغلت بال المعنيين بالشأن العام السوداني خلال سنة 2013 ، باعتبارها أولويات ذات أهمية قصوى بالنسبة لمستقبل البلاد.وتكررت النداءات المتعلقة بالرغبة في إقرار السلام وإنهاء الاضطرابات والانقسامات في الجسد السوداني، خاصة في الأشهر الأخيرة، من قبل جهات عليا في الهرم السياسي وفي مقدمتها الرئيس عمر البشير الذي وجه في أكثر من مناسبة رسمية وغير رسمية ، دعوات صريحة ومباشرة إلى حاملي السلاح في إقليم دارفور من أجل الانضمام إلى مسيرة السلام وفق لما جاء في وثيقة السلام الموقعة بالدوحة مع بعض الفصائل ، أو في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق لاستئناف الحوار بغية استكمال بنود البروتوكولات الخاصة بالمنطقتينº والمساهمة بالتالي في الحوار الوطني الجامع حول البناء الدستوري للبلاد.

وأعلن الرئيس السوداني، في خطوة ذات دلالة هامة، في خطاب هام افتتح به أشغال الدورة الحالية للبرلمان في نهاية أكتوبر الماضي ، عن قرب تأسيس هيئة مختصة تحمل اسم المجلس القومي للسلام ستناط به أساسا مهمة بلورة سياسات ذات طابع قومي إزاء التحرك نحو السلام، ومتابعة خطوات استكماله وتنفيذ التزاماته .

أكثر من ذلك تعهد الرئيس البشير في شتنبر المنصرم بأن تكون سنة 2014 نهاية للصراعات والحروب وأشكال التمرد بالبلاد خاصة في دارفور وكردفان والنيل الأزرق ، مبرزا أن الحكومة التي وضعت أولويات للقضاء على التمرد وتحويل طاقات الشباب السوداني نحو التنمية والبناء بدلا من الهدم والتدمير والاقتتال ، تعمل جاهدة على توريث الأجيال القادمة وطنا خاليا من الحروب والنزاعات.

وموازاة مع ذلك كانت هناك دعوات أيضا إلى الأحزاب السياسية الرئيسية سواء تلك المشاركة في الحكومة إلى جانب حزب المؤتمر الوطني (الحاكم) أو تلك التي اختارت المعارضة كإطار للعمل، من أجل التداول وتبادل الرؤى في القضايا الوطنية خاصة ما يتعلق بالدستور والإعداد للانتخابات الرئاسية التي ستجري سنة 2015 والتي يراد لها أن تجري في ظل أجواء خالية من أية مظاهر غير سليمة.

وتجدد التأكيد على الرغبة في إقرار السلام وفتح حوار جاد مع كافة الفاعلين في الحقل السياسي على لسان جهات عليا في التشكيل الوزاري الجديد ليوم ثامن دجنبر الجاري، في إشارة لما يكتسيه حشد الطاقات لبناء مجتمع يتسع للجميع، من أهمية بالنسبة لهذه الحكومة التي دفعت لواجهة العمل العام وزراء جددا وأبعدت رموزا لم يتوقع أي متتبع أن تترجل لكونها ظلت تؤثث المشهد السياسي في السودان منذ حوالي أربع وعشرين سنة.

وفي ما اعتبر استجابة للنداءات المذكورة، أعلن فصيلان متمردان بدارفور لم يوقعا على وثيقة الدوحة، بعد خمسة أيام فقط من إقرار التشكيل الوزاري الجديد ، عن رغبتهما في الدخول في مفاوضات مع الحكومة في إطار اتفاقية الدوحة للسلام، فيما تحدثت مصادر إعلامية بعد ذلك عن بروز خلافات بين قيادات الجبهة الثورية التي تضم عدة حركات سودانية متمردة خلال اجتماع في كامبالا (أوغندا) ، واتهم منبر جبال النوبة العضو في الجبهة الثورية قادة الأخيرة بالسعي لإطالة أمد الحرب في كردفان والنيل الأزرق، مؤكدا أن التوصل إلى اتفاق للسلام أمر ممكن، بينما أعلن قادة ميدانيون وجنود بولاية جنوب كردفان عن تخليهم عن حمل السلاح والعودة عن التمرد.

والتقى، بعد أقل من أسبوع على التشكيل الوزاري، زعماء قبائل من إقليم دارفور في أديس أبابا بقادة حركات متمردة من الإقليم في محاولة لتقريب المسافة بين أبنائهم وحكومة الخرطوم، بينما احتضنت مدينة الفاشر عاصمة حاضرة ولاية شمال دارفور في منتصف الشهر الجاري اجتماعا للآلية الدولية لمتابعة تنفيذ وثيقة الدوحة للسلام دعا خلاله رئيس الآلية الحركات المسلحة للانضمام إلى العملية امتثالا لصوت العقل وحقنا للدماء وتجاوبا مع مناشدات المجتمع الدولي.

ونظرا إلى كون ازدهار الاقتصاد لن يتحقق إلا في ظل استقرار سياسي ، فإن هذا السعي الحثيث لإقرار السلام أمر مطلوب اليوم ما دام أن الاقتصاد السوداني يعاني صعوبات كبيرة ظهرت على السطح أساسا بعد سنة 2011 تاريخ انفصال الجنوب الغني بالموارد النفطية لينضاف إلى التأثير متعدد الجوانب للحصار الأمريكي المفروض منذ 1997 على البلاد التي يقدر عدد سكانها بحوالي 37 مليون نسمة.

وبعد أن فقدت الخزينة العامة جزءا كبيرا من عائدات النفط التي تحولت إلى دولة جنوب السودان الجديدة التي أضحت تسيطر على حوالي 90 في المائة من مخزونات النفط، وزادت مستحقات الديون المتراكمة جراء احتساب فوائد المتأخرات، وانخفضت قيمة الجنيه إلى مستويات قياسية وتقلص احتياطي العملة الصعبة بالبنك المركزي، علاوة على قلة الاستثمارات الأجنبية وارتفاع معدل التضخم، كان من اللازم اتخاذ تدابير للحيلولة دون المزيد من تدهور الاقتصاد السوداني.

وفي هذا الإطار أقرت الحكومة في النصف الثاني من شتنبر الماضي ، ما وصفته بحزمة إصلاحات اقتصادية لتحقيق التوازن في الميزانية والتقليل من اعتماد الميزانية المقبلة على الاستدانة من البنك المركزي، معتبرة أن استمرار الدعم الحكومي للمحروقات يشكل خطورة كبيرة على الاقتصاد السوداني “لأن البلاد تستورد أكثر مما تصدر، وتستهلك أكثر مما تنتج ، يضاف إلى ذلك إمكانية انخفاض الاستهلاك في حال رفع الدعم عن المواد البترولية.

إلا أن الشروع في تطبيق هذه التدابير ، التي دافع عنها الرئيس البشير في مؤتمر صحفي خاصة تلك المتعلقة برفع الدعم عن المحروقات ، أثار موجة غضب في أوساط المواطنين تجسدت في مظاهرات عنيفة ببعض المدن خاصة في الخرطوم سرعان ما تحولت في بعض محطاتها إلى مواجهات مع عناصر الأمن جراء ما اتسمت به من أعمال عنف وتخريب لمنشآت عمومية وخاصة مما أسفر عن سقوط نحو 70 قتيلا بحسب الإحصائيات الرسمية من الجانبين واعتقال عدد ممن أسمتهم السلطات ب” المنفلتين الذين استغلوا المظاهرات لخدمة جهات معادية للنظام” ، إضافة إلى خسائر مادية.

وحاولت حكومة الخرطوم ، في إطار سعيها لتعزيز اقتصاد البلاد وإنقاذه من خطورة ما يعانيه من أوضاع غاية في السوء ، الانفتاح أكثر على المستثمرين الأجانب خاصة الأوروبيين ، ونظمت في هذا الصدد لقاءات مع مسؤولين ورجال أعمال خاصة من ايطاليا وألمانيا واسبانيا للتعريف بالإمكانيات الهائلة التي تزخر بها البلاد في مجالات عدة كما وقعت في نفس الإطار اتفاقيات للتعاون مع دول أخرى.

وطالبت في أكثر من مناسبة محلية ودولية إعفاء ديونها الخارجية التي بلغت إلى غاية السنة الماضية أزيد من 43 مليار دولار بالنظر إلى وفائها بالتزامات إزاء المجتمع الدولي في هذا الباب.

وتواصل التباعد والتراشق بين السودان والولايات المتحدة الأمريكية خاصة بعد قرار واشنطن رفض منح الرئيس البشير تأشيرة الدخول للمشاركة في أشغال الدورة ال 68 للجمعية العامة للأمم المتحدة التي عقدت في مقر المنظمة بنيويورك في شتنبر الماضي وما تلاه من تنديد وشجب من جانب الخرطوم، وكذا جراء تجديد إدارة أوباما للعقوبات المفروضة على السودان لفترة سنة إضافية اعتبارا من 3 نونبر الماضي، وهو ما رفضته ونددت به الحكومة التي سبق لها أن قامت بمساعي وبذلت جهودا من أجل رفع هذه العقوبات لما تمثله من عائق حقيقي في وجه التنمية انطلاقا من إيمانها بانتفاء دواعي استمرار العقوبات.

ويمكن القول في المقابل إن السودان ، المرتبط بحدود مع سبع دول ، نجح إلى حد ما خلال هذه السنة في حلحلة علاقاته مع دول الجوار وفي مقدمتها دولة جنوب السودان حيث مكنت اللقاءات التي جرت مؤخرا بين الرئيسين عمر البشير وسلفاكير مبرالدت سواء في الخرطوم أو في أبوجا أو في الكويت على هامش القمة العربية الإفريقية، من حل العديد من القضايا التي كانت مصدر خلاف بين الطرفين وخاصة نقل نفط جنوب السودان عبر خط أنابيب السودان، وترسيم الحدود وتوقيف كافة أشكال الدعم للمتمردين من كلا الطرفين، باستثناء موضوع منطقة ابيي الحدودية التي مازالت موضوع خلاف اتفق الرئيسان على حله عن طريق التفاوض على الرغم من الرجة التي خلقها تنظيم قبائل المنطقة (الدينكا نوك) لاستفتاء أحادي الجانب لقي رفضا من عدة جهات.

وفي السياق ذاته، تمكنت الخرطوم في الأسبوع الأول من دجنبر من استرجاع 44 كلم مربع بمنطقة حدودية متنازع عليها مع إثيوبيا وتقرر عقد اجتماع مع بداية العام المقبل بين السودان وإثيوبيا لوضع الترتيبات المتعلقة بترسيم الحدود بين البلدين، وذلك جراء اتفاق تم خلال زيارة قام بها رئيس الوزراء الاثيوبي في نونبر المنصرم إلى السودان، يضاف إلى ذلك ما حصل عليه البشير من وعود من لدن رئيس أوغندا في لقاءات جمعت بينهما خلال مناسبتين مؤخرا بالتوقف عن تقديم الدعم لمعارضين، وما أسفرت عنه زيارة قام بها رئيس اريتيريا مؤخرا إلى السودان من تأكيد على التعاون المثمر بين الجانبين ناهيك عن الدور الذي يقوم به الرئيس التشادي في الحد من بعض الصراعات القبلية وإقرار السلام في دارفور.

غير أن الأحداث الأخيرة في كل من جمهورية إفريقيا الوسطى ودولة جنوب السودان ستحتم على الحكومة بكل تأكيد أخذها بعين الاعتبار في توجهاتها الآنية والمستقبلية بالنظر لما تمثله الدولتان من امتداد جغرافي وقبلي للسودان وما يمكن أن يكون لذلك من تأثير متعدد الجوانب.

اقرأ أيضا

بانجول.. قمة منظمة التعاون الإسلامي تؤكد الأهمية الإستراتيجية لمبادرة جلالة الملك لفائدة “الدول الإفريقية الأطلسية”

الأحد, 5 مايو, 2024 في 16:01

أكد مؤتمر القمة الإسلامي في دورته الـ 15 على الأهمية الإستراتيجية التي تكتسيها مبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفائدة “الدول الإفريقية الأطلسية”.

بانجول.. مؤتمر القمة الإسلامي يثمن مبادرات المغرب على المستويين الإقليمي ومتعدد الأطراف

الأحد, 5 مايو, 2024 في 15:58

ثمن مؤتمر القمة الإسلامي، الذي انعقد يومي السبت والأحد بالعاصمة الغامبية بانجول، مبادرات المملكة المغربية على المستويين الإقليمي ومتعدد الاطراف.

مؤتمر القمة الإسلامي ببانجول يؤكد رفضه التام للمخططات الانفصالية التي تستهدف المس بسيادة الدول

الأحد, 5 مايو, 2024 في 15:47

أكد مؤتمر القمة الإسلامي، المنعقد ببانجول، رفضه التام لكل المخططات الانفصالية التي تستهدف المس والإضرار بسيادة الدول في منظمة التعاون الإسلامي ووحدة وسلامة أراضيها.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية