آخر الأخبار
“الكراب”، عطالة إجبارية في شهر رمضان تكله إلى كرم المحسنين

“الكراب”، عطالة إجبارية في شهر رمضان تكله إلى كرم المحسنين

الجمعة, 26 يوليو, 2013 - 13:53

بقلم: خالد أبو شكري
الدار البيضاء – يجلس القرفصاء، واضعا ركبتيه تحت ذقنه، واليدان تطوقان الساقين فيما تحتل قبعته الكبيرة المزركشة موقعها على الرأس . هكذا يبدو لحسن غارقا في حالة من الركود ، بسبب العطالة الإجبارية التي يعاني منها خلال هذا الشهر الفضيل.
فهذا “الكراب”، الذي كان دائما يثير انتباه الآخرين بردائه الأحمر الفاقع المزين بقطع من الجلد، وقبعته المصنوعة من الدوم “الترازة”، وهو يقرع جرسه لجذب انتباه العطشى من المارة الباحثين عن قطرة ماء تنعشهم وتطفئ ظمأهم، يبدو سابحا في حالة نعاس أو تخدير ، ملقيا بقربته الفارغة والمصنوعة من جلد الماعز والمزينة بقطع نقدية قديمة بجانب رجليه.

دون تكوين يؤهله لمزاولة مهنة ما، وهو المزارع الذي لم يخبر سوى حصاد الحبوب بواسطة المنجل، والمنحدر من منطقة جمعة مطال (دكالة) ، وجد نفسه في حالة عطالة، جعلته يصاب بحالة من الوهن بسبب انصرام الوقت دون أن يفعل أي شيء، أمام لجوء أصحاب الضيعات الفلاحية إلى استعمال الجرارات عوض الحصادين.

وبإلحاح من أخيه الأكبر، انتقل لحسن إلى الدار البيضاء باحثا عن عمل يكسب به لقمة عيشه، فكانت القربة وسيلته لتوفير قوت يومه.

ويفصح الرجل أنه “مع حلول شهر الصيام، لا يتبقى لنا سوى إعانات وكرم المحسنين”، هو من كان يملأ الساحات التي يمر منها حيوية وينعش المارة في مواجهة قيظ الصيف، خاصة بساحة الأمم المتحدة، المكان المفضل بالنسبة إليه، الذي أعيدت تهيئته وأصبح فضاء لتسلية الوقت بعد أن صار فضاء خاصا بالمشاة.

وبعد وقت يسير عن حطه الرحال بالدار البيضاء، باتت القربة لصيقة بظهره ، منذ أول النهار حين يبدأ لحسن يومه بذكر الله ثم يرتدي زي العمل الخاص طمعا في رحمة الله تعالى ليبارك له في رزق يومه.

غير أنه مع هذه العطالة الإجبارية، يبدو يوم لحسن أكثر طولا، في انتظار صلاتي العشاء والتراويح حين يأخذ موقعه بمكان عمله الجديد على بعد أمتار من بوابة أحد المساجد بقصارية بشارع المقاومة، ينتظر خروج المصلين وما يجودون به في هذا الشهر الكريم.

وإلى غاية ليلة رمضان، كان لحسن ما يزال ينافس “الكراب” البيضاوي الجديد ، وهو الاسم الذي أطلقه البيضاويين تفكها على الترامواي ، لتشابه الصوت الذي يصدره بصوت جرس “الكراب”، منافسة تدور رحاها في الساحة الممتدة ما بين المدينة القديمة والبنايات الموجودة خارج أسوراها، وشارع محمد الخامس المتفرد بمعماره وهندسته العريقة التي تعود إلى النصف الأول من القرن العشرين، وهي الساحة التي تمت تهيئتها في إطار مشروع الترامواي على مساحة تقدر بنحو هكتار أصبحت حكرا على الراجلين.

وفي ما يشبه البوح، يقول لحسن، إنه ألف في الأيام العادية أن يجوب هذه الساحة، حاملا معه قربته وأقداحه النحاسية والطينية، باحثا عن زبناء، سواء أكانوا مغاربة أو أجانب، عارضا بضاعته دون إزعاج، بساحة مكشوفة لأشعة الشمس، مقدما كؤوسه المنعشة والمعطرة بزيت القطران، ملتقطا صورا إلى جانب السياح الأجانب، وهو الأمر الذي بدأ يقل يوما عن يوم، مؤكدا نقاوة الماء الذي يبيعه، فهو يعمد على الدوام إلى تغيير ماء القربة ليحافظ على نقاوته.

ورغم معاناته من بطالة فرضت نفسها عليه، وقلصت مداخيله اليومية، فهو لا يرضى أن يمد يده، آملا في كرم المحسنين والمارة، لمساعدته على مواجهة مصاعبه مع قوته اليومي، دون أن يجعل من التسول مهنة قارة له، فكبرياؤه يمنعه من سؤال الناس .

وبامتنان، يشوبه بعض الأسى للحال التي وصل إليها، يقر لحسن أن قربته، وحتى هي فارغة، تبقى مصدر رزق له، إذ تدر عليه يوميا ما يناهز 40 درهما تعوله ليوم كامل، معربا عن أسفه في الوقت نفسه لكونه لا يجد عملا يغنيه عن انتظار إعانات المحسنين، ويكفل له كسب قوته بعرق جبينه.

في شهر الغفران، يقول لحسن، يكون المغاربة أكثر كرما، إلا أن ذلك لا يضمن له عائدا قارا، فالأمر يبقى مرتبطا بمدى سخاء المحسنين، وبحسب الأيام، إلا أنه يلح على أنه لولا المساعدات التي يجود بها هؤلاء لما استطاع مواجهة الفاقة التي يمر منها نتيجة لهذه العطالة الإجبارية، ولكان الآن يحترف التسول.

فمعداته التي يلتحف بها أينما ذهب وارتحل، تؤكد للمحيطين به أنه غير عازم على التخلي عن هذه المهنة التي سكنته، وأن قلة ذات اليد هي التي أجبرته على الركون للإعانات والإكراميات، رغم أنها كانت خير سند له في محنته مع لقمة العيش، وحالت دون ممارسته لمهنة يتعفف عن مزاولتها.

ويوم السبت المقبل، يأتي الفرج للحسن مع المباراة الحبية التي ستجمع فريقي الرجاء البيضاوي ومولودية الجزائر ، موعد يتأهب له بكل معداته، ليؤمم وجهه شطر المركب الرياضي محمد الخامس فينعش حناجر أولئك المشجعين الذين ستعلو أناشيدهم مساندة لفريقهم المفضل، في انتظار تحقيق نتيجة ترضيهم، وتجعلهم أكثر سخاء مع “الكراب”.

اقرأ أيضا

الإعلان عن طلبات العروض لتوسيع مطارات مراكش وأكادير وطنجة خلال الأسابيع المقبلة (وزير)

الثلاثاء, 14 مايو, 2024 في 23:45

أفاد وزير النقل واللوجستيك، محمد عبد الجليل، اليوم الثلاثاء بمجلس المستشارين، بأنه سيتم الإعلان عن طلبات العروض لتوسيع مطارات مراكش وأكادير وطنجة، خلال الأسابيع القليلة المقبلة.

محور المغرب-إسبانيا-البرتغال يضطلع “بدور حاسم” في الجغرافيا السياسية الأوروبية والعالمية (خبير إسباني)

الثلاثاء, 14 مايو, 2024 في 23:38

أكد الخبير الإسباني، غييرمو طابوادا، أن المحور الذي يشكله المغرب وإسبانيا والبرتغال يلعب “دورا حاسما” في الجغرافيا السياسية الأوروبية والعالمية ويضمن أمن وازدهار منطقة البحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي وشمال إفريقيا.

افتتاح خط جوي مباشر جديد بين تطوان وأمستردام

الثلاثاء, 14 مايو, 2024 في 23:10

حطت، زوال اليوم الثلاثاء بمطار تطوان-سانية الدولي، طائرة تابعة لشركة “العربية للطيران”، قادمة من مطار أمستردام بهولندا، في أول رحلة جوية مباشرة بين المدينتين.

MAP LIVE

MAP TV

الأكثر شعبية