بينالي البندقية للهندسة المعمارية.. الرواق المغربي يعكس التقاليد المعمارية العريقة للمملكة

البندقية – محمد البدوي – تمكن الرواق المغربي، في معرض بينالي البندقية للهندسة المعمارية، وقبل ساعات من الافتتاح الرسمي لهذه التظاهرة، من جذب انتباه حشد كبير من الصحافيين والمهنيين الذين أبدوا إعجابهم بجمالية الرواق والمشاريع المعروضة فوق نصب تذكارية قائمة على أرضية رملية في إطار سينوغرافيا مستوحاة من الصحراء المغربية.

“أصيل” و”جميل” و”مغامرة ناجحة بكل المقاييس”، كانت تلك بعض تعليقات زوار هذا الرواق المغربي الذي يحط لأول مرة رحاله ببينالي البندقية للهندسة المعمارية، الذي يعتبر موعدا مهاا، ومختبرا دوليا للأفكار ومحطة للتبادل بين المهنيين.

ويتيح هذا المعرض ، الذي تحل عليه المملكة المغربية ضيف شرف ، مناسبة حقيقية لإبراز غناه الثقافي من خلال تراث معماري يعكس عبقرية وتنوع وانفتاح المملكة.

وقال وزير السكنى وسياسة المدينة السيد نبيل بنعبد الله، الذي أشرف على افتتاح الرواق المغربي برفقة سفير المملكة بإيطاليا السيد حسن أبو أيوب والمندوب العلمي للرواق السيد طارق ولعلو، إنه “وعبر هذا الرواق، يبرز المغرب للعالم أن تنوعه هو تثمين لإجماعه ووحدته”.

وقال إن الأمر يتعلق ب” حدث رائع وكبير بالنسبة للمغرب على اعتبار أننا سنتمكن من إبراز قيمة وتنوع وحجم الهندسة المعمارية المغربية”، مضيفا أن “استضافة المغرب في هذه الدورة يشهد على الاهتمام الذي يحظى به تراثه المعماري” علما أن المملكة لا تتوفر فقط على تاريخ معماري عريق أثرته مختلف الحضارات والثقافات (الرومانية والأمازيغية والعربية الإسلامية، واليهودية)، وإنما استفادت أيضا من مساهمة وقيمة الهندسة المعمارية الحديثة خلال القرن المنصرم.

وحسب السيد بنعبد الله، فإن الشعار الذي اختاره منظمو الرواق المغربي “قوي للغاية” لأنه يتعلق ب”الهندسة المعمارية الصحراوية، وهو ما يمكن المغرب من إعطاء لمحة عن عمقه الصحراوي، ويجعل هذا الرواق يحقق النجاح بكل تأكيد”.

من جهته، أكد السيد أبو أيوب أن مشاركة المغرب في هذا المغرض تشكل “حدثا في حد ذاته” وترسيخا لجهوده في هذا المجال” على اعتبار أن منظمي المعرض اختاروا مشاركة المغرب لأنهم على علم بتاريخنا وبالدور المهم الذي اضطلع به المغرب في مجال الهندسة المعمارية”.

وأضاف السيد أبو أيوب أن “مشروع المشاركة في بينالي البندقية حظي منذ البداية بدعم صاحب الجلالة الملك محمد السادس”، مبرزا أن هذا الرواق “يعكس العبقرية المغربية ويعبر بذكاء عن مشروع جلالة الملك”.

وتابع السفير المغربي قائلا إنه “من خلال هذه المبادرة، أردنا أن إبراز الصورة الحقيقية للمغرب، بلد الإبداع والعبقرية”، مشيرا إلى أن هذا الرواق جاء ثمرة شراكات بين القطاعين العام والخاص، بمشاركة الشباب والنساء، حيث ساهمت أربع نساء في هذا المشروع الذي يعرف بالعبقرية المغربية.

وقال إن “هناك التفاتة للصحراء المغربية، يرمز إليها الرمل الذي استقدمناه من مدينة العيون، ومشروع السكن ببوكراع، والخيمة التي نصبنها في حديقة الأرسنال التي يقام عليها البينالي”، موضحا أن الهدف الأساسي يتمثل في “إبراز تقاليدنا المغرب كأرض للاستقبال وتعزيز موقعه كمختبر حقيقي للمشروع الحديث”.

من جانبه، أبرز السيد طارق ولعلو، أن الرواق المغربي يبرز مسارا تاريخيا لمغامرة السكن الحضري مع تفكير معاصر في الصحراء، مؤكدا أن تنظيم هذا الرواق يعد مغامرة رائعة، ويشكل نجاحا في حد ذاته.

وحسب مؤسسة الفنون والتصميم والهندسة المعمارية (فادا)، الجهة المنظمة للرواق، فإن هذا الأخير يتوخى إبراز تقاليد المغرب كأرض للاستقبال وتعزيز وضعه ك”مختبر حقيقي للمشروع الحديث”، مضيفين أن التراب المغربي خول أبحاثا معمارية فريدة على مستوى البناء والمواد والأشكال والمعمار، مساهما بذلك بشكل ملموس في تاريخ الهندسة المعمارية.

وتم اختيار ثلاثة عناصر لإنجاز هذا الرواق أولاها الأرض عبر ملء مئتي متر مربع من الجناح برمال الصحراء، ثم السماء عبر نصب شاشة عملاقة (120 مترا مربعا) تعرض شريطا للقطتين تجسدان الليل الهادئ الذي يعرض في شبه ظل كل مشروع بشكل منفرد، والنهار الذي يصف بوضوح المشاريع المعروضة، في حين تمثل النصب التذكارية العنصر الثالث.

ويركز الجزء الثاني للمعرض على مسألة قابلية السكن في الصحراء، إذ أبرز المنظمون أن الجغرافيا الفريدة للصحراء وموقعها يتطلبان من المهندسين المعماريين تفكيرا حول كيفية إدراج حلول على مستوى المعمار والبنيات التحتية تتلاءم مع تراب غالبا ما يتم تهميشه في الخطاب المعماري بالمغرب بسبب ظروفه القاسية.

وتنظم المشاركة المغربية في بينالي البندقية بدعم من سفارة المغرب في روما، وبشراكة مع وزارة التعمير وإعداد التراب الوطني، ووزارة السكنى وسياسة المدينة، والمجلس الوطني لهيئة المهندسين المعماريين.

وجرى حفل افتتاح الرواق بالخصوص بحضور رئيس المجلس الجماعي لمدينة الرباط السيد فتح الله ولعلو، ووزيرة العمل والتشغيل الفرنسية السابقة السيدة مارتين أوبري، ورئيس بينالي البندقية السيد باولو باراتا، وبرلمانيين إيطاليين، وممثلين عن السلك الدبلوماسي المعتمد بإيطاليا، وممثلين عن الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين بالمغرب، وشخصيات أخرى من عالم الفن والثقافة.