غزارة التساقطات في إقليم جامو وكشمير.. تحذيرات ومخاوف من تكرار كارثة فيضانات السنة الماضية

(المراسل الدائم للوكالة بنيودلهي: سعد أبو الدهاج)

نيودلهي – أثارت غزارة التساقطات المطرية التي تهاطلت على إقليم جامو وكشمير، خلال الساعات القليلة الماضية، مخاوف من تكرار كارثة الفيضانات وانجرافات التربة التي ضربت المنطقة خلال شهر شتنبر من السنة الماضية، بسبب تجمع السيول الناجمة عن تواصل هطول الأمطار.إذ لا يزال شبح كارثة الفيضانات، التي لم يشهدها إقليم جامو وكشمير منذ أزيد من 60 عاما، يخيم على الساكنة المحلية مع ارتفاع منسوب المياه على ضفاف الأنهار، ما أثار تساؤلات بشأن الاستعدادات التي اتخذتها الحكومة الائتلافية الجديدة للولاية للحد من الخسائر البشرية والمادية الجسيمة، التي عادة ما ترافق مثل هذه الكوارث.
وفي هذا الإطار، توقفت وسائل الإعلام الهندية عند التساقطات الغزيرة التي شهدها إقليم جامو وكشمير خلال الـ 24 ساعة الماضية، مشيرة إلى أن مقاييس تهاطل الأمطار “تسببت في حالة من الذعر والهلع لدى ساكنة الولاية، التي لاتزال تتعافى من مخلفات الفيضانات المدمرة التي لحقتها في شتنبر المنصرم”.
وأضافت المصادر ذاتها أن تساقط الأمطار بشكل غزير ومتواصل أدى إلى حدوث فيضانات وانهيارات أرضية وأضرار في عدد من المنازل بالولاية، لافتة الانتباه إلى أن “بداية ارتفاع منسوب المياه في وادي كشمير تسبب في حالة من الخوف، ما أدى بالبعض إلى النزوح عن المنطق، لاسيما بعد إلغاء الامتحانات المدرسية والجامعية”.
ونقلت وسائل الإعلام، عن متحدث باسم حكومة الولاية قوله، في وقت متأخر من ليلة أمس الأحد، إن “حكومة ولاية جامو وكشمير أعلنت حالة التأهب على إثر هذه الفيضانات”، مضيفا أن “عددا من المسؤولين يتقدمهم رئيس حكومة الولاية مفتي محمد سعيد توجهوا نحو المناطق المنكوبة لتققيم الوضع”.
وفي هذا الصدد، أكدت مصادر إعلامية أن سلطات ولاية جامو وكشمير ينبغي أن تحدد من الآن خطة عمل لإجلاء الأهالي من المناطق المهددة بالسيول، أو العمل على توجيه السيول إلى وجهات بعيدة عن المناطق الآهلة بالسكان، للتخفيف من الخسائر البشرية والمادية التي توقعها تلك الفيضانات المدمرة، والتي أدت في الماضي إلى مصرع مئات الأشخاص وتشريد الآلاف بالإقليم.
وكانت السلطات المحلية أطلقت تحذيرا بشأن حدوث كارثة وشيكة بالمنطقة التي تقع في شمال الهند، بعد استمرار التساقطات المطرية الغزيرة، على مدى 24 ساعة متواصلة، فوق القرى الواقعة على ضفاف أحد الأنهار في إقليم كشمير، كما طالبت المواطنين الكشميريين بالانتقال إلى مناطق مرتفعة بعدما غمرت الأمطار الغزيرة عدة أجزاء في المنطقة.
وأشارت السلطات إلى أن قوة التساقطات المطرية تسببت في حدوث انهيارات أرضية وانجراف للتربة، مما أدى إلى تعطيل حركة المرور بعد ارتفاع ملموس لمنسوب المياه في بعض الوديان المجاورة، مضيفة أنه تم وضع فرق مكافحة الكوارث والقوات شبه العسكرية في حالة استعداد، تحسبا لتفاقم الأوضاع في المنطقة.
وأكدت المصادر ذاتها أنه تم بالفعل إجلاء مئات الأشخاص بعدما ارتفع منسوب نهر “جيلوم” إلى مستويات خطيرة في مدينة سريناغار، فيما أمرت السلطات المواطنين المقيمين على طول ضفاف النهر بالانتقال إلى مخيمات الإغاثة التى أقيمت في عدد من المدارس والمباني الحكومية.
وكانت مصادر رسمية أفادت بأن حكومة ولاية جامو وكشمير عقدت اجتماعا طارئا للاطلاع على الأوضاع التي خلفتها التساقطات الغزيرة حتى الآن، كما أصدرت تعليمات بإرسال عناصر من “القوة الوطنية للتدخل عند الكوارث” لمساعدة السلطات المحلية في عمليات الإجلاء.
من جهة أخرى، يعتبر خبراء في مجال الأرصاد الجوية والتغير المناخي أن الفيضانات المدمرة التي ضربت عددا من المناطق في شبه القارة الهندية نجمت، بالأساس، عن التغيرات المناخية وغياب سياسة مستقبلية ناجعة للتخطيط.
وأوضح هؤلاء الخبراء أن حدوث مثل هذه الفيضانات يرجع إلى الإفراط في إزالة الأشجار والغابات وعدم وجود سياسة تنموية بعيدة المدى تراعي المجال البيئي، محذرين في الوقت ذاته، من أن المنطقة يمكن أن تشهد ارتفاعا مهولا في عدد الكوارث الطبيعية في السنوات المقبلة.
ومن جهتهم، أكد باحثون في مركز العلوم والبيئة في الهند أن أحدث الأبحاث والدراسات العلمية ومعظم توقعات المناخ، رجحت زيادة وتيرة الفيضانات والجفاف في مناطق في مجموع مناطق شبه القارة الهندية، لافتين الانتباه إلى أن المنطقة ستتعرض مستقبلا لمزيد من التساقطات المطرية الغزيرة لكن في عدد أقل من الأيام الممطرة، لاسيما خلال فترة الرياح الموسمية.
يذكر أن إقليم جامو وكشمير شهد خلال العام الماضي فيضانات هي الأسوأ منذ الاستقلال، خلفت مئات القتلى وآلاف المنكوبين بعد أن غمرت السيول القوية، الناجمة عن غزارة التساقطات المطرية التي شهدتها المنطقة لأيام متواصلة، الدور السكنية والمقرات الحكومية والمرافق الاجتماعية والطبية والعديد من الطرق الرئيسية، مما أعاق جهود الإغاثة وعرقل وصول الإمدادات الغذائية واللوجستية.