نموذج الاندماج الإنساني لمهاجري افريقيا جنوب الصحراء بالمغرب في صلب أنشطة مجلس الجالية المغربية بالخارج بالمعرض الدولي للنشر والكتاب (السيد بوصوف)

الرباط- أكد السيد عبد الله بوصوف الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن المجلس اختار أن يظل مواكبا للأحداث من خلال وضع قضية مهاجري افريقيا جنوب الصحراء في المغرب في صلب برنامجه، ضمن مشاركته السادسة في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالدار البيضاء، الذي تنعقد حاليا دورته العشرون.وأبرز السيد بوصوف، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مشاركة المجلس في هذا المعرض (من 13 إلى 23 فبراير الجاري بالدار البيضاء)، وتحت شعار “افريقيا، إلى أصول التحركات البشرية”، تندرج في إطار الدينامية الجديدة التي تم إحداثها في ما يتعلق باستقبال هؤلاء المهاجرين على التراب المغربي، ومبادرة صاحب الجلالة الملك محمد السادس التي دعت الحكومة إلى وضع سياسة جديدة للهجرة في هذا المجال.

وقال إنه من أجل إغناء النقاش حول هذا الموضوع، دعا المجلس ثلة من المسؤولين والخبراء يمثلون الهيآت المكلفة بقضية الهجرة، وعلى الخصوص بلدان غرب افريقيا، حيث سيقومون بالتفكير بشكل مشترك حول المشاكل المتوقعة، وأن الحرص على أن تمر إقامة مهاجرين افريقيا جنوب الصحراء بالمغرب في أحسن الظروف، وتعزيز العلاقات التاريخية والخاصة مع هذه البلدان الافريقية من خلال هذه السياسة الجديدة للهجرة.

وحسب السيد بوصوف فإن هذا الفضاء الخاص بالتبادل والتشاور الذي يوفره المجلس في إطار فعاليات المعرض الدولي للنشر والكتاب، يأتي لتجنب “أي سوء فهم أو استغلال بعض الأحداث النادرة الطارئة” و”إظهار إرادة المغرب في ضمان استقبال جيد واندماج أحسن لهؤلاء المهاجرين، لا سيما أن جلالة الملك شدد كثيرا على البعد الإنساني لهذه الهجرة”.

وأبرز السيد بوصوف أن رواق المجلس في المعرض الدولي للنشر والكتاب يوفر مكانا لتبادل التجارب، خاصة أن العديد من البلدان الافريقية عبرت عن اهتمامها بالتجربة المغربية، مضيفا أن الأمر يتعلق باستفادة هذه البلدان مما راكمه المغرب في ميدان تدبير الهجرة، لا سيما في الجوانب المتعلقة بالسياسات العمومية والآليات المؤسساتية.

واعتبر الأمين العام للمجلس، خلال تطرقه للسياسة المغربية الجديدة للهجرة واللجوء، أن خطوة هامة تم قطعها في إطار تنفيذ هذه السياسة، وذلك مع بداية عملية تسوية وضعية آلاف المهاجرين و”التي تجري في ظروف جيدة”، معربا عن ثقته في أن المعايير التي تم تحديدها ستمكن من تلبية انتظارات الأشخاص المستهدفين.

ومن أجل مواجهة هذا التحدي، دعا السيد بوصوف إلى تبني نموذج خاص بالمغرب في مجال الاندماج، والذي يهم تمدرس أبناء المهاجرين، والتكوين المهني والاندماج في سوق الشغل، وكذا معرفة أفضل باللغة والثقافة المغربية، وأيضا “معرفة مجتمعنا لثقافة مهاجري افريقيا جنوب الصحراء”.

وشدد على أنه “إضافة إلى برنامج الاندماج الملائم والجانب الإداري، ينبغي تعبئة جميع القيم التقليدية للاستقبال، والتعاون، والاحترام وقبول الآخر، من أجل مواجهة جميع محاولات الرفض والعنصرية وتمكين هؤلاء المهاجرين المستقرين بالمغرب من الشعور حقيقة بأنهم في بلادهم”.

وفي ما يتعلق بوضع المهاجرين المغاربة بأوروبا، وهو محور آخر من المحاور التي يقترح المجلس إدارة النقاش حولها في الدورة العشرين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، اعتبر السيد بوصوف أن “مسار اندماج المغاربة، لاسيما في البلدان الأوروبية، غير قابل للرجعة”.

ويرى الأمين العام لمجلس الجالية المغربية بالخارج، أن المغاربة من بين الجاليات المهاجرة المندمجة بشكل أفضل في بلدان الاستقبال، باعتبار أن إحدى خصائص الهجرة المغربية تكمن في كونها أصبحت “معولمة” بشكل كبير، ولها “القدرة على التأقلم للعيش بشكل أفضل داخل بلدان الاستقبال”.

ومن بين الطفرات الهامة التي وسمت تاريخ الهجرة المغربية، والتي يتدارسها ضيوف المجلس في فعاليات المعرض، توجد قضية “تأنيث” الهجرة التي بلغت خلال السنوات الأخيرة نسبة 50 في المائة، خاصة في البلدان الأوروبية.

وقال السيد بوصوف إن “النساء المغربيات يهاجرن لأسباب مختلفة كالدراسة والأعمال. وإذا كان بعضهن ينجحن في العيش داخل بلدان الاستقبال، فيحدث أن تصادف أخريات صعوبات تتمثل أحيانا في الاستغلال بسبب الجهل بقوانين بلد الاستقبال”.

وأبرز أن الوضع الهش، الذي تعيش فيه هذه المهاجرات، سواء في أوروبا أو إفريقيا (خاصة في السنغال، ومالي، والكوت ديفوار)، وفي بلدان الخليج، يجعلهن تحت رحمة شبكات الدعارة التي تستغل هشاشتهن فتجعلهن يعشن تحت وطأة الاستعباد والحرمان من أكثر حقوقهن الأساسية.

وبغية الحد من هذه الممارسات، دعا الأمين العام للمجلس إلى إعداد برنامج تحسيسي يستهدف كلا من المهاجرات المغربيات، والإدارة المغربية وإدارات بلدان الاستقبال، وإظهار أكبر قدر من الصرامة اتجاه هذه الظاهرة على المستويين السياسي والإداري.

وتتعلق القضية الأساسية الأخرى المدرجة في برنامج مجلس الجالية المغربية بالخارج خلال الدورة الحالية للمعرض الدولي للنشر والكتاب، ب”الإسلاموفوبيا بأوروبا”، التي تتم تغذيتها من طرف جماعات متطرفة صغيرة لا تدخر جهدا في شيطنة الجاليات المسلمة، خاصة كلما اقترب موعد تنظيم الانتخابات.

وأكد أن الخوف ليس مبررا على الإطلاق لأن الإسلام أضحى اليوم “حقيقية أوروبية” بالنظر إلى وجود 15 مليون مسلم يقيمون بالقارة ويعيشون فيها بشكل عادي ويساهمون في خلق الثروة.

وبالفعل، يضيف السيد بوصوف، فإن أحزاب اليمين المتطرف، التي تفتقد لمشروع مجتمعي، تحاول الركوب على قضية الخوف من الإسلام وتغذيته قصد جذب أصوات الناخبين الذين لا يدركون حقيقة الإسلام كما يجب والذين يتأثرون بالأفكار التي تروج لها بعض وسائل الإعلام استنادا لأحداث معزولة.

ويرى السيد بوصوف في هذا الصدد أن “الإسلام بأوروبا بلغ اليوم مرحلة أصبح فيها قادرا على مواجهة هذا النوع من الظواهر. فالمسلمون أضحوا مواطنين أوروبيين كاملي المواطنة، لهم الحقوق وعليهم الواجبات ذاتها التي على الأوروبيين ذوي معتقدات مغايرة. وعلى أفراد الجالية الإسلامية أن يقوموا بجهد للتأقلم وتعزيز قيم الاحترام والتسامح والتنوع والانفتاح على المجتمع وقبول الآخر، باعتبارها النقط التي تنبني عليها حملات وصم الإسلام التي تسعى إلى زرع الخوف لدى الأوروبيين من التوافد المكثف للمسلمين”.

وخلص إلى أن ” آلة الإسلاموفوبيا هذه، لا يمكنها أن تخفي حقيقة أخرى تتمثل في وجود مجموعات منفتحة ومحترمة للإسلام في صفوف أغلبية المجتمعات الأوروبية، وهي المجموعات التي تساعد على بناء المساجد وتكوين الأئمة، وتعمل على إعادة بعث الإسلام في بعض الدول الأوروبية. ولذلك، فإن على المسلمين وهذه المجموعات المعتدلة العمل يدا في يد من أجل مواجهة المجموعات الصغيرة للمتطرفين وإعادتها إلى حجمها الحقيقي”.

(أجرت الحوار : مريم رقيوق)