نهاية مونديال 2014 .. الثالثة ثابتة لألمانيا أم للأرجنتين ؟

(بقلم محمد بن الشريف)

نواكشوط- لأول مرة في تاريخ كأس العالم لكرة القدم، منذ دورة مونتيفيديو عام 1930، يلتقي منتخبان للمرة الثالثة في المباراة النهائية للمونديال بعد غد الأحد  بملعب ماركانا الشهير في ري دي جانيرو بالبرازيل، ويتعلق الأمر بالمنتخبين الألماني ،صاحب الثلاثة ألقاب، والأرجنتيني حامل الكأس مرتين.
وكان أول نهائي جمع بين منتخبي الأرجنتين وألمانيا الغربية، قبل إعادة توحيد ألمانيا، في مونديال 1986 بالمكسيك وتوج بلقبه منتخب التانغو بقيادة الأسطورة دييغو مارادونا ( 3-2 )، فيما عاد المنتخب الألماني للثأر في النهائي لثاني في مونديال 1990 بإيطاليا ( 1-0 ) ليظفر منتخب المانشافت بالكأس بقيادة مدربه وعميده السابق القيصر فرانتز بيكنباور، بينما يعود تاريخ آخر لقاء رسمي بينهما إلى ربع نهاية مونديال 2010 بجنوب إفريقيا، حيث فاز منتخب ألمانيا 4-0.
قبل دور نصف النهاية كان الأسطورة مارادونا على صواب حينما رشح منتخبي الأرجنتين وألمانيا لنهائي مونديال 2014 ” أتوقع أن يتكرر نهائي كأس العالم بإيطاليا عام 1990 وكنت وقتها ضمن منتخب بلادي، ولكن هذا لا يقلل مطلقا من قيمة المنتخبين البرازيلي والهولندي”.
وستجمع نهاية بعد غد الأحد بملعب ماراكانا ، التي ستحضرها المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل رفقة الرئيس الألماني يواكيم غاوك لمساندة منتخب المانشافت ،قوتين كرويتين عالميتين، أو كما قال مدرب المنتخب الألماني يواكيم لوف ” كوكبة من النجوم الرائعين من أوروبا وأمريكا الجنوبية”.
فالمنتخب الأرجنتيني يطمح إلى الظفر بلقبه الثالث بعد لقبي 1978 على أرضه على حساب المنتخب الهولندي ( 3-1 ) و1986 في المكسيك وعلى حساب المنتخب الألماني بالذات (3-2 ) ، فيما يرنو الأخير إلى حصد لقبه الرابع بعد ألقاب 1954 بسويسرا و1974 على أرضه و1990 بإيطاليا على حساب منتخب التانغو ( 1-0 ).
كما أن المنتخب الأرجنتيني سيخوض المباراة النهائية بملعب ماركانا باسم منتخبات أمريكا الجنوبية وسيعمل جاهدا على بقاء الكأس العالمية في أمريكا الجنوبية حيث فشلت جميع المنتخبات الأوروبية في الفوز بها، بينما أفلح منتخب البرازيل مرة واحدة في انتزاعها من قلب أوروبا وتحديدا في دورة السويد عام 1958.
وبلغ منتخب الأرجنتين نهائي كأس العالم خمس مرات سنوات 1930 و1978 و1986 و1990 ثم 2014 مقابل ثماني مرات للمنتخب الألماني سنوات 1954 و1966 و1974 و1982 و1986 و1990 و2002 ثم 2014 وهو رقم قياسي.
وجاء تأهل المنتخب الأرجنتيني لنهائي مونديال البرازيل بعد فوزه في نصف النهاية على طواحين هولندا بالضربات الترجيحية 4-2 بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل السلبي، في مباراة تألق فيها بشكل ملفت الحارس سيرجيو روميرو، الذي تحول من حارس احتياطي، ليس في منتخب بلاده بل في ناديه موناكو الفرنسي، إلى رجل مباراة نصف النهاية الثانية بدون منازع، وكان له الفضل في قيادة منتخب التانغو إلى بر الأمان بعد تصديه لضربتين ترجيحيتين ، دون إغفال الدور الكبير والفعال الذي قام به لاعب خط وسط الميدان ونجم البارصا خافيي ماسكيرانو، اللاعب الأرجنتيني الوحيد الذي توج بميداليتين ذهبيتين أولمبيتين ( 2004 و 2008 )، والذي نجح في إعادة التوازن للمنتخب الأرجنتيني ما بين دفاعه وهجومه ، خاصة وأنه كان يعاني من فقدان الأداء الجماعي.

وكان المنتخب الأرجنتيني، الذي يشارك في نهائيات كأس العالم للمرة السادسة عشر، بدأ مشواره بالفوز على منتخب البوسنة والهرسك بهدفين مقابل هدف ثم على منتخب إيران بهدف نظيف ونيجيريا بثلاثة أهداف مقابل هدفين، فالمنتخب السويسري في دور ثمن النهاية بهدف دون مقابل في الوقت الإضافي وبنفس النتيجة تفوق على المنتخب البلجيكي في دور ربع النهاية.

أما المنتخب الألماني، الذي ألحق أقسى هزيمة بمنتخب بلد يتنفس كرة القدم، بسبعة أهداف مقابل هدف واحد، في نصف النهاية الأولى مساء الثلاثاء الماضي، فقد حقق أكثر من رقم قياسي، بحيث أنه أصبح أول منتخب في تاريخ المونديال يخوض المباراة النهائية للمرة الثامنة ، وبات لاعبه ميروسلاف كلوزه الهداف التاريخي المطلق لكأس العالم، بعد تسجيله الهدف الثاني في شباك منتخب البرازيل، رافعا رصيده إلى 16 هدفاً منهياً زعامة الظاهرة رونالدو (15 هدفا)، فضلا عن كون الناسيونال مانشافت أضحى يحتل الريادة كأقوى خط هجوم في تاريخ المونديال، برصيد 223 هدفاً متفوقا على منتخب السامبا الذي سجلا 221 هدفاً.
غير أن المنتخب الألماني، الذي يشارك في المونديال للمرة الثامنة عشر، والذي بخر أحلام البرازيليين في التتويج بالكأس لأول مرة على أرضهم وأمام جماهيرهم بعد نكسة ملعب ماراكانا عندما خسروا نهائي 1950 أمام منتخب أروغواي 1-2 ، عانى كثيرا في الدور الأول.
فباستثناء الفوز الكاسح على المنتخب البرتغالي برباعية نظيفة أجبر على التعادل مع المنتخب الغاني 2-2 بعدما كان منهزما حتى الأنفاس الأخيرة من المباراة 2-1 ثم فاز على منتخب الولايات المتحدة 1-0، ليجتاز محنة أمام المنتخب الجزائري، في دور ثمن النهاية، بعدما أضطر إلى لعب شوطين إضافيين ولم يفز إلا بشق الأنفس 2-1.
أما فوزه الجارف على المنتخب البرازيلي 7-1 فيمكن اعتباره من المفاجئات التي تحملها كرة القدم من حين لآخر على اعتبار أن “كرة القدم هي الرياضة الأكثر ابتعاداً عن المنطق” أو كما سماها نجم كرة القدم العالمية الأسبق بيلي “صندوق عجائب”.
ولم يفت يواكيم لوف التذكير بكبوة مماثلة للمنتخب الألماني على أرضه وأمام جماهيره في مونديال 2006، وإن كانت الحصة أخف، حينما خسر في نصف النهاية أمام منتخب إيطاليا، لذلك دعا لاعبيه إلى التحلي بالتواضع ووضع الأرجل على الأرض لأنه لا يجب عليهم أبدا أن يشعروا بأنهم منتخب لا يهزم. فمن كان يصدق أن المنتخب الألماني، الذي تعادل وديا أياما قبل المونديال مع المنتخب الكاميروني 2-2 سيلحق هزيمة نكراء بمنتخب السامبا ويبلغ الدور النهائي.
وتعد المباراة النهائية فرصة ثمينة للنجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي سيخوض مباراته 93 مع منتخب التانغو، ليواصل تحطيم الأرقام القياسية في عالم الساحرة المستديرة لأن كل العيون أصبحت مسلطة عليه، لاسيما بعد خروج منافسيه كالبرتغالي كريستيانو رونالدو والكولومبي جيمس رودريغيز والبرازيلي نيمار، زميله في البارصا.
فميسي، الذي شارك في دورتي 2006 و2010، وكان المنتخب الأرجنتيني في كلّ مرّة يودع عند دور ربع النهاية، يملك أرقاما قياسية ومنها تتويجه أفضل لاعب في العالم أربع سنوات متتالية، ناهيك عن ألقابه مع نادي برشلونة، فهو حقق كل شيء ولا ينقص سجله سوى التاج العالمي.
والمؤكد أن المباراة النهائية ستكون صعبة ومغرية بالمشاهدة وسيكون الفوز فيها ، حسب مدرب منتخب التانغو، حليف المنتخب “الذي سيشغل المساحات أفضل”.
ومع ذلك تبقى التكهنات سابقة لأوانها في هذه القمة الكروية العالمية بين المدرستين الألمانية والأرجنتينية، ولو أن منتخب ألمانيا، كامل الأوصاف، ينطلق بحظوظ أوفر نسبيا على نظيره الأرجنتيني، لكن حقيقة الميدان هي التي ستحسم النزال وستحدد اسم الفريق الفائز الذي سيتسلم عميده الكأس من يدي رئيسة البرازيل ديلما روسيف.