مناعة اقتصاد بولونيا تصاب بعدوى الجائحة بعد أن كان يعطى بها المثل أوروبيا

مناعة اقتصاد بولونيا تصاب بعدوى الجائحة بعد أن كان يعطى بها المثل أوروبيا

الثلاثاء, 31 مارس, 2020 - 12:33

بقلم عبد العزيز حيون

وارسو  – الكل يجمع في بولونيا على أن اقتصاد البلاد يترنح من هول إصابته بعدوى الجائحة ،وهو لا يقوى على مجاراة واقع فيروس غير مرئي يكتسح الأخضر واليابس ،رغم أن اقتصاد بولونيا كان ،الى وقت قريب ، يعطى به المثل أوروبيا لمناعته القوية لسنين طويلة.

ويجمع الكثير من الخبراء أن الكثير من القطاعات الاقتصادية في بولونيا توقفت عمليا عن العمل ،إلا أن الأمر الأهم هو إلى متى سيستمر هذا الوضع القسري ،لأن كل يوم تستمر فيه جائحة “كورونا” تستمر فيه معاناة الاقتصاد البولوني ،الذي يرتبط ارتباطا وثيقا بمحيطه الاقليمي والقاري .

فالوهن الذي يصيب الاقتصادي البولوني لا يرتبط فقط بمؤشرات النمو ولا بحجم النفقات غير المتوقعة على القطاع الصحي ولا بتقلص المبادلات التجارية بشتى مستوياتها ،ولا حتى بتقلص قيمة المبادلات التجارية للقطاعات الاقتصادية ذات القيمة التصديرية، ولا حتى بتراجع الاستهلاك ،وإنما يرتبط بمؤشرات اجتماعية كانت الى غاية الأمس القريب مصدر افتخار بولونيا ،ويتعلق الأمر بحاضر ومستقبل تطور سوق العمل ونسبة البطالة و القدرة الشرائية للمواطنين .

   ويرخي الوضع القائم بظلاله على ميزانية البلاد العامة ،التي كانت تتطلع الحكومة المحافظة بشأنها سنة 2020 الجارية الى تحقيق “التوازن الصارم “،بين قيمة المصاريف والمداخيل في حدود الصفر، وذلك لأول مرة في تاريخ البلاد ، وكذا تخفيض مستوى ديون الدولة تجاه المستثمرين الأجانب ،إلا أن تحقيق هذا المسعى سيكون صعبا إن لم يكن مستحيلا مع بروز الوضع الناشئ بسبب انتشار فيروس “كورونا” ،الضيف الثقيل على اقتصادات كل دول العالم بدون استثناء .

وما يؤرق بال الحكومة البولونية هو أن تراجع مؤشرات الاقتصاد يسجل من يوم لآخر لأسباب ذاتية وموضوعية على حد سواء ، ولا تخشى بولونيا أن يكون الانخفاض في النشاط الاقتصادي بنقطتين ،وإنما تخشى من أن يكون الانخفاض بعدة نقط قد تصل الى خمس ،حتى أن هناك من الخبراء من قال إن الاقتصاد توقف عن العمل ليس بسبب مشاكل داخلية بل بسبب فيروس “جمد” جزء كبيرا منه وعرض للشلل أكثر القطاعات الاقتصادية حيوية  .

وتسعى الحكومة البولونية حاليا  الى توفير  الدعم الإضافي للرعاية الصحية والمساعدات الإنسانية للأشخاص الذين فقدوا مصادر دخلهم فجأة ، وفي المقابل ضمان بقاء الاقتصاد في حالة تمكن من التحرك بسرعة وحيوية عندما يكون الوباء تحت السيطرة ،لذلك من الضروري ضمان السيولة المالية للشركات ، وبخلاف ذلك سيتم تسريح المستخدمين ،خاصة من المهاجرين الذين سيضطرون لاحقا الى المغادرة ولن يعودوا حتى بعد تهدئة الوضع ،وقد يغير البعض منهم بولونيا نحو وجهة أخرى .

  واضطراب سوق العمل في بولونيا سيؤثر كثيرا على مستقبل سوق العمل ،وبالتالي على نمو الاقتصاد ،خاصة أن إعادة بناء النشاط الاقتصادي سيستغرق وقتا طويلا .

ويعتبر بعض الخبراء ،من ذوي النبرة المتفائلة ، أن المفتاح الوحيد للاقتصاد للعودة لتوهجه السالف ليس فقط الدعم المالي المؤقت للمقاولات على اختلاف أصنافها ،وإنما الحفاظ على التوازن المالي وحركية البنوك طيلة مدة الحالة الوبائية.

 ومن تم ، فإذا استطاعت بولونيا  الحفاظ على السيولة المالية للأنشطة الاقتصادية لعدة أسابيع قادمة ، فسيكون ذلك نافعا للاقتصاد رغم أنه مكلف ، و إذا استغرق الأمر عدة شهور ،فسيغرق الاقتصاد لمدة طويلة قبل أن يتمكن من العودة الى التوهج مرة أخرى ،دون إغفال أن الحكومة ملزمة بتحمل الديون الإضافية ،والأمر يتعلق على الأقل ب 100 مليار زلوتي (أزيد من 25 مليار يورو) ،مع العلم أن إيرادات ومصاريف ميزانية هذا العام ستكون في حدود  435 مليار زلوتي (أقل من 100 مليار يورو) .

وأمام هذا الواقع الاقتصادي والمالي الصعب والمعقد ،يطرح التساؤل إن كان بإمكان المقاولات البولونية أن تحافظ على السيولة المالية ،وهل لها أسس سليمة تمنحها القدرة على استئناف العمليات بنجاح بعد أن يتم حل حالة الطوارئ.

  وتشير تحاليل الخبراء أن اقتصاد بولونيا ،للأسف، على وشك الركود في الربع الأول ،وإذا استمر الوضع الوبائي كذلك  لبضعة أشهر أخرى ، فإن الركود في الربع الثاني سيكون حتما من نقطتين من الناتج المحلي الإجمالي ، مع العلم أنه من الصعب التنبؤ بمؤشرات الاقتصاد الكلي للأسابيع أو الأشهر التي سننتظرها حتى ينتهي الوباء وسيتاح للاقتصاد فرصة للعودة إلى طبيعته.

وخلاصة القول ،من الصعب جدا التكهن بحال اقتصاد بولونيا في المستقبل المنظور وحجم مؤشرات التراجع وحجم البطالة ،وما هي القطاعات التي ستتأثر أكثر من الأخرى ،إلا أن ما يمكن تأكيده  هو أن الاقتصاد سيعاني كثيرا قبل العودة الى الحيوية .

اقرأ أيضا

الصحراء.. تسليط الضوء بالبرلمان البريطاني على أهمية المخطط المغربي للحكم الذاتي

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 20:41

تم تسليط الضوء على أهمية مخطط الحكم الذاتي المقترح من طرف المغرب وضرورة دعم المملكة المتحدة لهذه المبادرة، وذلك خلال مائدة مستديرة حول الصحراء المغربية، عقدت اليوم الأربعاء بالبرلمان البريطاني، وعرفت حضور عدد من النواب.

واشنطن.. الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي بين المغرب والولايات المتحدة

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 19:28

تم اليوم الأربعاء بواشنطن، الاحتفاء بالتحالف الاستراتيجي والشراكة متعددة الأبعاد بين المغرب والولايات المتحدة، بمناسبة الإعلان عن إدراج المفوضية الأمريكية بطنجة ضمن القائمة السنوية للصندوق الوطني للحفاظ على التاريخ (ناشونال تراست فور هيستوريك بريزيرفيشن) للمواقع التاريخية الأمريكية الـ11 المعرضة للخطر.

الطبقة الشغيلة بالدار البيضاء تحتفل بعيد الشغل

الأربعاء, 1 مايو, 2024 في 16:01

نظمت المركزيات النقابية الوطنية اليوم الأربعاء بالدار البيضاء، مجموعة من التجمعات والمسيرات للاحتفاء بعيد الشغل، الذي يأتي هذه السنة غداة التوقيع على اتفاق مع الحكومة في إطار الحوار الإجتماعي.