الصناعة التقليدية المغربية.. عندما تزين الحداثة الغنى الأصيل

الرباط – بفضل مزجها للتصميم ومعايير الجودة بأصالتها الغنية، تعيش الصناعة التقليدية المغربية دينامية جديدة متصاعدة، لتشق طريقها في اتجاه السوق الدولية التي كان الصناع التقليديون أنفسهم يعتبرون، إلى عهد قريب، أن ولوجها يعد ضربا من الخيال.

فمن خلال توفرها على علامة وطنية، تشرف على مشروع إنجازها وزارة الصناعة التقليدية، سيتم تثمين جودة وصورة منتوج الصناعة التقليدية المغربية.

وحسب وزير الصناعة التقليدية عبد الصمد قيوح، فإن من شأن هذا المشروع الذي يحافظ على الجذور العريقة للمهنة ويقرنها بفضائل الحداثة، أن يدفع بقطاع الصناعة التقليدية المغربية في اتجاه مزيد من الجودة والتميز وأن يمكن من تصنيف المنتوج المغربي ضمن المنتوجات التي تحترم معايير الجودة العالمية.

وأوضح الوزير أن هذا المشروع الذي يشكل مكونا رئيسيا لرؤية 2015 للصناعة التقليدية، ينضاف إلى الإنجازات التي حققها القطاع في مجال تحسين الجودة والمردودية، ويروم أيضا تحسين الوضع المادي للصناع التقليديين وتسهيل مراقبة واحترام معايير الحصول على العلامة التجارية.

وقد تمت بلورة علامة الجودة على أساس تقييم احترام المقاولة للمعايير الأساسية للتصديق والوقاية من المخاطر الفيزيوكيميائية للمنتوجات والتحكم في المواد الأولية وأنظمة الإنتاج وإبداع منتوج (صنع في المغرب).

وقال باحثون في مجال الاقتصاد بجامعة محمد الخامس- الرباط، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن “تحسين القيمة المضافة لم تعد خيارا بالنسبة للاقتصادات الصاعدة، لكنها ضرورة ملحة”.

وأكدوا أنه على غرار التصنيع الذي شمل بعض المنتوجات الأساسية (التين الشوكي وزيت أركان) فإن “اعتماد معايير الجودة والتسويق في مهن الصناعة التقليدية من شأنه أن يسهم بشكل ملحوظ في الحد من بعض الاختلالات، لا سيما في الميزان التجاري” على اعتبار أن من شأن ارتفاع قيمتها وجاذبيتها أن يعزز الصادرات الوطنية.

وفي هذا الصدد، تتوخى “رؤية 2015” الرفع من صادرات قطاع الصناعة التقليدية إلى 7 ملايير درهم بدل 0,7 مليار درهم، مع رفع رقم المعاملات إلى 24 مليار درهم مقابل 10,7 مليار درهم وإحداث حوالي 115 ألف منصب شغل جديد.

وتقوم هذه الاستراتيجية أيضا على سياسة واسعة للترويج تروم تقديم صورة متميزة عن الصناعة التقليدية للمغرب في الأسواق المنشودة وإدراج منتوجاتها ضمن الشبكات الحديثة للتوزيع.

من جهة أخرى، من شأن إحداث قرى الصناعة التقليدية في عدة مدن بالمملكة على غرار الولجة بمدينة سلا أن يعطي نتائج إيجابية على اعتبار أن الصناع التقليديين والموردين والزبناء يجتمعون في مكان واحد، وهو ما يؤثر إيجابا على تنافسية منتوج الصناعة التقليدية المصنوع في المغرب بالنظر لانخفاض تكاليف المعاملات.

ومع ذلك، فلا يمكن الحديث عن صناعة تقليدية دون صناع ودون موارد بشرية. فهؤلاء الصناع التقليديون يزاولون أزيد من 70 مهنة مختلفة ويتمتعون بروح إبداعية عالية في حين مافتئت مهنهم تتجدد وتتطور لضمان الاحتياجات اليومية للسكان والاستجابة لانتظارات السياح وطلبات التصدير إلى الخارج.

ويتميز هذا القطاع إلى غاية اليوم بكونه يشكل نسيجا يضم عدة فاعلين متنوعين، إضافة إلى طغيان العمل الجزئي وغير المهيكل. وفي هذا الإطار تندرج الاستراتيجية القطاعية في أفق 2015 بهدف ضمان مزيد من التنظيم وتحسين الظروف الاجتماعية للصناع التقليديين.