الصين تؤكد أن الأولوية للإصلاح والانفتاح برغم كل التحديات التي تواجه اقتصادها

                                     (عبد الكريم مفكر)

   بكين –  أكدت الصين، بمناسبة الدورة السنوية للبرلمان، أن الأولوية تبقى لمواصلة تعميق سياسة الإصلاح والانفتاح برغم التحديات التي يواجهها اقتصادها، الذي يبقى أحد أسرع الاقتصادات في العالم، برغم الإعلان عن خفض هدف النمو إلى 5ر6 في المائة برسم 2017.

   وتعهد رئيس مجلس الدولة الصيني (مجلس الوزراء) لي كه تشيانغ، في خطة عمل الحكومة، التي قدمها أمس أمام الجلسة الافتتاحية للدورة السنوية للمجلس الوطني لنواب الشعب الصيني، أعلى هيئة تشريعية في البلاد، بمواصلة الإصلاحات لتحقيق هدف النمو المحدد، معتبرا أن هذا الهدف “واقعي ويتماشى مع المبادئ الاقتصادية”.

   وبرر لي خفض المعدل، الأدنى خلال فترة تزيد عن 20 عاما، بكونه “سيساعد في استقرار توقعات السوق وتسهيل عملية التعديل الهيكلي في البلاد، كما سيساهم أيضا في استكمال بناء مجتمع معتدل الرخاء على نحو شامل بحلول عام 2020”.

  وترى خطة العمل أن “أحد الأسباب الهامة لتأكيد الضرورة على الحفاظ على النمو المستقر يتمثل في ضمان الشغل والنهوض بمستوى معيشة الشعب”.

   وتهدف الصين هذه السنة، إلى توفير أزيد من 11 مليون منصب شغل جديد في المناطق الحضرية، بزيادة مليون فرصة عن عام 2016، ما يؤكد على الأهمية المتزايدة التي توليها لقطاع الشغل.

  وفي العام الماضي، بلغ الناتج المحلي الإجمالي للصين 74.4 تريليون يوان (حوالي 8ر10 تريليون دولار)، بزيادة 6.7 بالمائة، متجاوزا معظم الاقتصاديات الأخرى، مما جعله يساهم بنسبة تزيد عن 30 في المائة من النمو العالمي.

 وعلى الرغم من التحديات التي واجهتها خلال 2016، فقد تمكنت الصين من إحداث 13.14 مليون وظيفة في المناطق الحضرية، بالإضافة إلى زيادة الدخل الفردي بنسبة 6.3 بالمائة وانتشال حوالي 12.4 مليون شخص من الفقر.

 وقال لي كه تشيانغ إن على الصين أن تكون مستعدة لمواجهة حالات أكثر تعقيدا وأكثر خطورة، مثل بطء الاقتصاد العالمي والاتجاه المتنامي للحمائية في التجارة الدولية، معربا عن ثقته بأن الصعوبات سيتم التغلب عليها في ظل ما تتمتع به البلاد من موارد وسوق ضخمة ونظام متكامل من الصناعات.

 وأكد أن الحكومة ستعطي الأولوية للإصلاح الهيكلي من حيث العرض، إذ ستعزز من توجهها نحو خفض القدرة الفائضة في القطاعات المتضخمة، حيث ستستهدف خفض قدرة إنتاج الصلب والفحم بنحو 50 مليون طن و150 مليون طن، على التوالي على الأقل هذا العام.

 وقلصت الصين قدرة إنتاج الصلب والفحم بحجم أكثر من 65 مليون طن، وأكثر من 290 مليون طن، على التوالي في العام الماضي، ليحقق كلاهما الأهداف السنوية المحددة.

   وأوضح لي أن الصين ستواصل سياسة مالية استباقية وفعالة، مع تحديد العجز في نسبة 3 بالمائة، لإتاحة الفرص للمزيد من التخفيضات في الضرائب والرسوم.

    ومن جهة أخرى، أوضحت الخطة أن الصين تخطط لاستثمار 800 مليار يوان (حوالي 116.11 مليار دولار) في بناء خطوط السكك الحديدية و1.8 تريليون يوان في مشاريع الطرق العامة والمواصلات المائية خلال العام الجاري.

   وأشارت إلى أن الصين ستقوي قدرتها على الابتكار العلمي والتكنولوجي من خلال تحسين آلية الدعم المستقر والطويل الأمد للبحوث الأساسية والأخرى ذات الابتكارات الأولية، وبناء منشآت البنية التحتية الرئيسية للعلوم والتكنولوجيا ومراكز الابتكار التكنولوجي، وبناء منصة لانفتاح الموارد العلمية والتكنولوجية.

   وستتخذ الصين أيضا خطوات كبيرة لتحسين البيئة بالنسبة للمستثمرين الأجانب، حيث ستسمح للشركات الأجنبية بالمشاركة في المشاريع العلمية والتكنولوجية الوطنية وتشجع الشركات ذات الرساميل الأجنبية على الإدراج في البورصة وإصدار السندات في الصين.

    وعلاوة على ذلك، ستواصل الصين تنفيذ إصلاحاتها الموجهة نحو السوق في ما يتعلق بآلية سعر صرف اليوان، والحفاظ على قيمة عملتها في وضع مستقر ضمن النظام النقدي العالمي.

  ويرى العديد من الخبراء المتابعين للدورة السنوية للبرلمان أن الاقتصاد الصيني ما زال بين أقوى اقتصادات العالم، برغم خفض ثاني قوة عالمية هدف النمو، وسيظل محركا للنمو الاقتصادي العالمي، خلال  العشرة أعوام القادمة.

  وشددوا على أن من شأن التعاون الخارجي وإقامة شراكات استراتيجية إقليمية شاملة أن يساعد الصين على رفع التحديات التي ستطرحها مواصلة تنفيذ الإصلاحات مستقبلا في البلاد.

  واعتبر الخبراء أن النزعات الحمائية والمناهضة للانفتاح في كل من الولايات المتحدة وأوروبا، تهدد الاقتصاد الصيني ومعه اقتصادات شرق آسيا، لأنها  تعتمد بشكل كبير على التجارة الدولية، مما يبرر الدعوات الملحة لبناء اقتصاد عالمي مفتوح قائم على التعددية.