العلاقات الهندية – التركية .. نحو إرساء تعاون فعال بين قوتين اقتصاديتين صاعدتين

سعد أبو الدهاج

  نيودلهي – تشكل زيارة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إلى الهند حدثا بارزا في تاريخ العلاقات بين البلدين، كما تعتبر خطوة مهمة لإرساء أسس متينة للتعاون بين قوتين اقتصاديتين صاعدتين، تتلمسان طريقهما في ظل موجات مد وجزر تؤثر على المشهد السياسي والاقتصادي العالمي.

  وتتجلى أهمية هذه الزيارة في كونها تعد لحظة حاسمة في مسار تعزيز العلاقات بين الهند وتركيا من حيث تأثيراتها وتداعياتها، إذ ستحدد، بشكل كبير، مستقبل العلاقات الثنائية السياسية والاقتصادية لبلدين يزخران بتاريخ وحضارة عريقين، على الصعيدين الإقليمي والدولي، بالنظر إلى أنهما يعدان في الوقت الراهن من الركائز الاستراتيجية المهمة في العالم.

  ويرى عدد من المراقبين أن الهند وتركيا، باعتبارهما دولتين ناميتين ومن أقوى الاقتصاديات الصاعدة في العالم خلال السنوات الأخيرة، مدعوتان إلى إيلاء قدر أكبر من الأهمية لتطوير علاقتهما الثنائية في جميع المجالات، وبذل جهود أكبر لتطوير هذه العلاقة والرقي بها إلى مستوى شراكة استراتيجية.

  وفي هذا الإطار، أبرز الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي، في تصريح لوسائل الإعلام عقب محادثات على مستوى الوفود مع الرئيس التركي طيب رجب إردوغان، أن “قوة الاقتصادين الهندي والتركي تشكل مناسبة سانحة لتعزيز وتعميق العلاقات التجارية بين البلدين”، معربا عن الحاجة إلى استغلال جميع الفرص المتاحة في ما يخص تطوير شراكتهما الاستراتيجية وتعزيز آفاق التعاون الشامل بينهما.

  وتبرز أهمية التعاون بين البلدين في كون الهند (مزود الخدمات في العالم) وتركيا (الرائد الدولي في البنيات التحتية والتشييد)، تتوفران على مؤهلات وإمكانيات اقتصادية هائلة في مجالات متنوعة وتسعيان إلى الوصول إلى حجم تبادل تجاري يقارب 10 مليارات دولار بحلول سنة 2020.

  ولهذا السبب، يرى كثير من المحللين أن تعاونا فعالا واستراتيجيا بين الهند وتركيا سيشكل بالتأكيد فرصة لكل منهما لخدمة التنمية الشاملة بالنسبة لشعبيهما وعلى صعيد العلاقات والمبادلات الإقليمية والدولية، إذ يمكن للدولتين توحيد الجهود في عدة منتديات عالمية، من أجل إرساء أسس نظام دولي أكثر عدلا وإنصافا.

  وفي هذا الصدد، ناقش ناريندرا مودي ورجب طيب إردوغان بشكل مستفيض جميع القضايا ذات الاهتمام المشترك، لا سيما في المجالين السياسي والاقتصادي، كما بحثا أهمية التنسيق لمواجهة التحديات الأمنية المشتركة، وفي مقدمتها الإرهاب العابر للقارات.

  كما أكد الجانبان الهندي والتركي على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في منظمة الأمم المتحدة، بما في ذلك توسيع مجلس الأمن، لجعل المنظمة أكثر تمثيلا وفعالية تماشيا مع المنظور العالمي للقرن الـ21.

  وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي بدأ أول أمس الأحد زيارة رسمية إلى نيودلهي تستمر يومين، أجرى مباحثات مع الوزير الأول الهندي ناريندرا مودي بشأن عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، كما عقد جلسة محادثات مع نظيره الهندي براناب موخرجي.

  ويقود الرئيس التركي، الذي يرافقه عدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين البارزين، وفدا يضم 150 من رجال الأعمال الأتراك للمشاركة في أشغال اجتماع “منتدى الأعمال التركي – الهندي”.

  وتجدر الإشارة إلى أن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان سبق له أن زار الهند في سنة 2008، عندما كان يشغل منصب رئيسا لمجلس الوزراء التركي آنذاك.

  وتعد الهند ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا في منطقة آسيا – المحيط الهندي، بفضل التطور الكبير الذي شهدته المبادلات التجارية بين البلدين خلال السنوات الأخيرة.