الهند على وقع معركة انتخابية على مختلف الجبهات قبل اقتراع مفصلي

الهند على وقع معركة انتخابية على مختلف الجبهات قبل اقتراع مفصلي

الجمعة, 4 أبريل, 2014 - 10:34

نيودلهي – بقلم عمر عاشي- على بعد أيام فقط من الانتخابات التشريعية الهندية والتي تعد أكبر استحقاق انتخابي في العالم، تصل الحملة إلى ذروتها. وفضلا عن الأساليب التقليدية التي يتم اللجوء إليها من أجل التعبئة والتواصل، يحتدم التنافس السياسي على الفضاء الافتراضي بغض النظر عن مدى انتشاره ونجاحه.

ومع ذلك، يبقى الحضور على الشبكة العنكبوتية، التي يرى البعض أنها باتت ضرورة في زمن ثورة الهواتف المحمولة في هذا البلد الأسيوي العملاق، حكرا على النخبة برأي البعض الآخر الذي يقلل من مدى تأثيرها في دولة تواجه معدلات أمية مرتفعة وولوجا محدودا لشبكة الانترنيت في العالم القروي.

وفي اعتقاد متزعمي الحياة السياسية الهندية، فلا شيء بمقدوره أن يعوض التجمعات الكبرى والانتقال إلى الميدان واللجوء إلى نجوم “بوليود” ومدربي اليوغا، ناهيك عن الملصقات في الشوارع والصحف والنقاشات الحادة التي لا تتوقف على استوديوهات القنوات التلفزيونية التي تبث برامجها دون توقف.

ولكن بالنظر إلى الرهان والحجم الهائل للكتلة الناخبة، بات رجالات السياسة على قناعة أن مختلف الفضاءات يجب أن تستغل من أجل تعبئة الناخبين المدعوين إلى اختيار 543 عضوا بالبرلمان الذي سينبثق منه الوزير الأول الجديد.

ويتوفر أكثر من نصف الساكنة الهندية، التي تبلغ 1,2 مليار نسمة، على هواتف نقالة، وينشط عشرات الملايين من مستعملي الانترنيت بشبكات التواصل الاجتماعي وهو ما يجعل من تكنولوجيا المعلومات الجديدة “نعمة” في زمن الحملة الانتخابية بهذه الدولة-القارة.

ويشارك في هذه الانتخابات التشريعية وهي ال 16، خلال العقود الستة التي تلت حصول البلاد على استقلالها، والمقرر تنظيمها في الفترة ما بين 7 أبريل الجاري و12 ماي القادم، 814 مليون ناخب وخصص لها 930 ألف مكتب اقتراع.

وبالرغم من كون استطلاعات الرأي تفيد أن الاقتراع المقبل سيعاقب حزب المؤتمر الحاكم منذ 10 سنوات على رأس تحالف اليسار الوسط، يتكهن مراقبون بأن نتائج هذا الاستحقاق ستكون متقاربة.

وتضع هذه الانتخابات التشكيلتين السياسيتين التقليديتين الكبيرتين، حزب المؤتمر الذي حكم في غالبية الأوقات البلاد في الفترة التي تلت حصول الهند على استقلالها في العام 1947 وغريمه الكبير الحزب القومي الهندوسي “بهارتيا جاناتا” الذي ترجح التوقعات فوزه في هذا الاستحقاق، وجها لوجه في هذه المعركة التي تشارك فيها تشكيلات إقليمية وأحزاب صغيرة باتت تصنع وتعيد صياغة الائتلافات الحكومية في البلاد بشكل متزايد.

وباتت مواقع التواصل الاجتماعي “فايسبوك” ومحركات البحث “غوغل” و”يوتوب” و”تويتر” وخدمات الشركات المتخصصة تشكل فرصة إضافية بيد السياسيين لنقل خطابهم وإرساء تواصل مباشر مع المصوتين.
وتستهدف الحملة الانتخابية بالتحديد الشباب والطبقة المتوسطة باعتبارهما فئتين نشيطتين على الشبكة تنخرطان أكثر من أي وقت مضى في الحياة السياسة في علامة على التحولات العميقة التي يشهدها المجتمع الهندي، كما تعبران عن الاستياء من الطبقة السياسية التي تتهم بكل الشرور من ضمنها سوء الحكامة وتباطؤ الاقتصاد.

ويستعمل زعيم حزب “بهارتيا جاناتا” ناريندا مودي، الذي يتابع 3,6 مليون شخص حسابه على موقع “تويتر” والذي يتوقع أن يكون زعيمه ناريندرا مودي هو الوزير الأول القادم للبلاد، تكنولوجيا المعلوميات الجديدة بشكل مكثف.

وفضلا عن الزيارات التي لا تتوقف بمختلف جهات البلاد الأربعة من أجل حشد الجماهير الواسعة من المناضلين والمؤيدين، يستفيد هذا الزعيم القومي الهندوسي الكاريزمي وذو الشعبية الواسعة من شبكات التواصل الاجتماعي لتعزيز سمعته ونموذجه التنموي المقترح، وأيضا لمهاجمة خصومه الذين يتخوفون من وصوله إلى سدة الحكم بالخصوص بسبب عجزه عن منع الجرائم التي اقترفت ضد المسلمين في 2002 بمقاطعة كوجارات (بغرب البلاد) وهي المقاطعة التي كان يقودها لمدة 12 سنة.

وبالرغم من كونه ينحدر من وسط اجتماعي متواضع ولا يملك أي تكوين أكاديمي، فإن ناريندا مودي نجح بشكل كبير في فرض نفسه داخل حزبه وبات ينقل عن نفسه صورة زعيم قريب من عالم الأعمال ورجل صارم جدا إزاء باكستان، الجار والعدو التقليدي للهند، والصين غريمها الكبير.

وفي المقابل، يحرص راهول غاندي زعيم حزب المؤتمر ومرشحه غير الرسمي لمنصب الوزير الأول على إبراز صورة مختلفة ويبدو أن هذا السياسي، المتحفظ والأقل كاريزمية، أقل حضورا بشبكات التواصل الاجتماعي.

ويعد راهول (43 سنة) سليل العائلة السياسية الشهيرة نهرو-غاندي والذي درس بانجلترا والولايات المتحدة، رمزا لجيل شباب الحزب ويقدم باعتباره حاملا لأفكار خلاقة كالحكامة الجيدة وتجديد النخبة السياسية وتعزيز عمل الشباب.

ويرى شاهي تهارور وزير الموارد البشرية بالحكومة المنتهية ولايتها وأحد القادة البارزين بحزب المؤتمر بشكل قاطع أن لا سياسي جدي بإمكانه حاليا تجاهل شبكات التواصل الاجتماعي.

وحتى قبل فترة قصيرة، كان هذا الديبلوماسي الدولي السابق أحد السياسيين الهنود الأكثر نشاطا على شبكة الانترنيت.

وبدوره يعرف الحزب المناهض للفساد المسمى “آم آمي” الذي جاء الى المشهد السياسي مؤخرا كيف يستغل لصالحه الشبكات الاجتماعية للدفاع عن قضيته وليصنع لنفسه مكانا بالمشهد السياسي، ويعتبر أداءه المتميز في الاستحقاق المحلي بنيودلهي في 2013 نموذجا حيا بهذا الشأن.

ويخوض الحزب لأول مرة غمار هذه الانتخابات التشريعية بتشجيع من الموجة الشعبية التي تعبر عن الاستياء من فضائح الفساد التي تورطت فيها الأحزاب التقليدية.

وتشكل الشبكة العنكبوتية، من خلال 90 مليون حساب على موقع “فايسبوك” و30 مليون حساب على “تويتر”، فضلا عن حوالي 600 مليون ممن يملكون هاتفا محمولا، مسرحا آخرا للحملة الانتخابية في دولة يعد الشباب قوام هرمها السكاني وتعيش تحولات اجتماعية وتنسج فيها الثورة في مجال الهواتف النقالة واستعمال الشبكات الاجتماعية تطلعات اجتماعية.

اقرأ أيضا

دالاس.. منصة “إفريقيا 50” تشيد بالتزام المغرب لفائدة التنمية بإفريقيا

الأربعاء, 8 مايو, 2024 في 8:32

أشادت المنصة الإفريقية للاستثمار في البنيات التحتية “إفريقيا 50″، يوم الثلاثاء في دالاس، بالتزام المغرب تحت قيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس لفائدة تنمية القارة الإفريقية.

دالاس.. السيد الجزولي يستعرض مؤهلات المغرب في مجال الاستثمار

الأربعاء, 8 مايو, 2024 في 8:30

استعرض الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية، محسن الجزولي، يوم الثلاثاء في دالاس، مؤهلات المغرب باعتباره وجهة تستقطب الاستثمارات.

تسليط الضوء على الفرص الهائلة التي توفرها مدينة الصويرة للرحالة الرقميين

الثلاثاء, 7 مايو, 2024 في 23:46

تم اليوم الثلاثاء خلال قمة دولية انطلقت أشغالها بالفضاء الاجتماعي والثقافي “دار الصويري” بالصويرة، تسليط الضوء على الفرص الهائلة التي توفرها مدينة الرياح للرحالة الرقميين (العمل عن بعد والعيش خارج أماكن العمل التقليدية).